21-سبتمبر-2017

لم تفتح عشرات المدارس أبوابها في تونس ومن أبرز المشاكل قلة عدد المعلمين (مارتين بيرو/أ.ف.ب)

تزامنت العودة المدرسية في تونس هذه السّنة مع بلوغ أزمة "المعلّمين النوّاب" لذروتها وهو ما أدى لعدم فتح عشرات المدارس لأبوابها، لتمثّل تسويّة هذا الملفّ تحديًا أمام الحكومة التونسية في بداية الموسم الدّراسي وذلك وسط رفض هؤلاء المعلمين للمقترحات المُعلنة لتسوية وضعياتهم المهنيّة ودخولهم في اعتصام أمام مقرّ وزارة التربية لفرض مطالبهم.

تزامنت العودة المدرسية في تونس هذه السنة مع بلوغ أزمة "المعلمين النوّاب" لذروتها وهو ما أدى لعدم فتح عشرات المدارس لأبوابها

من هم المعلّمون النوّاب؟

المعلّمون النوّاب هم الأعوان الذين تعاقدت معهم وزارة التربية للتدريس في المدارس الابتدائية في إطار سدّ الشغورات الظرفية، حيث لم يقع انتدابهم بشكل نهائي وظلّوا طيلة السنوات الماضية معلّمين وقتيين يعانون من ضعف رواتبهم وغياب التغطية الاجتماعية.

ويبلغ عدد هذا الصّنف من المعلّمين قرابة 6 آلاف، يطالبون كل سنة بانتدابهم أُسوة بالمعلّمين العاديين، وقد توّصلوا لاتفاق مع الحكومة نهاية السنة الفارطة يقضي بانتداب 1000 معلّم خلال كلّ موسم من المواسم الدراسية الثالثة القادمة. غير أن هذا الاتفاق لم يمنع من استمرار احتجاج المعلّمين النوّاب، مطالبين بتسريع انتدابهم متّهمين وزارة التربية بالتلكؤ في تطبيق الاتفاقات السابقة.

ويعتصم المحتجّون منذ أيام بوزارة التربية وبمقرّاتها الجهوية في مختلف المحافظات على غرار جندوبة في شمال تونس، وصفاقس في جنوبها، كما قاطعوا العودة المدرسية حيث حُرم التلاميذ في 13 مدرسة ابتدائية على الأقل في منطقة بوحجلة بمحافظة القيروان من الالتحاق بمقاعد الدّراسة بسبب النقص في المعلّمين. ويخشى الأولياء أن تتواصل الأزمة خلال الفترة القادمة في معركة لن يكون الخاسر الحقيقي فيها إلا التلاميذ.

اقرأ/ي أيضًا: خريطة النجاح في تونس تفضح عقود التهميش والإقصاء

 

معضلة الوظيفة العمومية

تعكس أزمة المعلّمين النوّاب التحديّات الماثلة أمام الحكومة لتنفيذ خططها لمواجهة الأزمة الاقتصادية، والتي تقوم في محور أساسي منها على تقليص الانتدابات في الوظيفة العمومية وتخفيض كتلة الأجور.

حيث تحاول اليوم تسوية هذه الأزمة في ظلّ الإكراهات المالية وضغوطات المانحين الدوليين لغلق باب الوظيفة العمومية وهو ما عكسه مؤخرًا إعلان رئيس الحكومة يوسف الشاهد بأن قانون المالية لسنة 2018 لن يتضمّن أي انتدابات.

من جانب آخر، تكشف هذه الأزمة عن أشكال التشغيل الهشّة التي اعتمدها النظام السابق، والتي تقوم على العقود الوقتية وبأجور زهيدة، وذلك لتنصّل الدّولة من واجباتها الاجتماعية ومنها توفير عمل لائق، وقد مثلت هذه السياسات لاحقًا عبئًا ثقيلاً على حكومات ما بعد الثورة لمواجهة أشكال هذا الصّنف من التشغيل في بلد عرف ثورة مثل شعار "التشغيل استحقاق" شعارًا أساسيًا، وكذلك في بلد تتمتّع فيه النقابات المهنيّة بانتشار واسع ونفوذ في الساحة الاجتماعية والسياسية على حدّ السّواء.

اقرأ/ي أيضًا: ما هي ملامح الأزمة بين حكومة تونس و"اتحاد الشغل"؟

البحث عن حلّ

تتعمّق الأزمة في الساحة التربوية في تونس لتشمل قطاع الأساتذة بنفس أزمة "المعلمين النواب" في بلد يعاني عجزًا ماليًا حادًا

تستمرّ حاليًا أزمة النوّاب المعلّمين وما تعنيه من تعطيل عودة آلاف التلاميذ لمقاعد الدراسة وذلك وسط وعود حكومية لحلّ الأزمة قدّمها وزير التربية الجديد حاتم بن سالم الوافد في التعديل الحكومي الأخير، وهو الذي كان يتولى نفس الحقيبة الوزارية في آخر حكومات المخلوع ابن علي.

كما تتعمّق الأزمة في الساحة التربوية في تونس لتشمل قطاع الأساتذة بنفس الأزمة، حيث أكد الاتحاد العام التونسي للشغل، أكبر النقابات في تونس، أن عدد الشواغر في صفوف المعلمين والأساتذة، يناهز 13800 في قطاع التعليم الأساسي و1780 في التعليم الثانوي.

وكانت قد أعلنت مؤخرًا نقابة التعليم الأساسي، الذي ينضوي ضمنها المعلّمون النواب أنه تم التوصّل لاتفاق لانتداب 1300 معلّم فيما يقع انتداب البقية طيلة السنتين القادمتين وهو ما نفته الوزارة في تصريح لاحق للوكالة الرسّمية للأنباء، وهو ما يؤكد صعوبة الوصول لحلّ لأزمة يراها المعلّمون النوّاب بمنظار الدفاع عن حقوقهم، وتراها الحكومة بميزان إثقال المصاريف العمومية في بلد يعاني عجزًا ماليًا حادًّا.

 

اقرأ/ي أيضًا:

تونس تتأتئ بالعربية

عن معاناة طالب الدكتوراه في تونس