28-ديسمبر-2017

أجمعت المعارضة السورية على أن مؤتمر سوتشي محاولة روسية لتمرير بقاء الأسد في السلطة (الأناضول)

شهدت الأيام الماضية حراكًا سياسيًا على مستوى موحد من قوى المعارضة السورية المسلحة والسياسية معًا، بعد إعلانهم ضمن سلسلة بيانات متتالية، رفضهم الذهاب لحضور مؤتمر سوتشي الذي دعت إليه روسيا مؤخرًا، وسط أنباء تشير أن الموعد المرتقب لانعقاده سيكون في كانون الثاني/يناير من العام الجديد، وهو ما يمثل تحديًا لموقف المعارضة السورية، التي تصر على ألا يكون هناك أي دور لرئيس النظام السوري بشار الأسد خلال المرحلة الانتقالية، فيما يرى فريق آخر من المعارضة يتلقى دعمًا من موسكو، أن الذهاب للمؤتمر المزعوم يجب أن يكون بدون شروط مسبقة.

فيما عدا منصة موسكو، وحّدت المعارضة السورية موقفها بالرفض لمؤتمر سوتشي الذي دعت له روسيا، والذي يرتقب انعقاده الشهر القادم

فاروق الشرع خارج حسابات روسيا

وبحسب البيان الختامي للجولة الأخيرة من اجتماع أستانا التي عقدت خلال الشهر الجاري، فإنه تم تحديد يومي 29 و30 من الشهر القادم موعدًا نهائيًا لانعقاد مؤتمر سوتشي. ووفق موقع روسيا اليوم، فإن موسكو ستوجه الدعوة لما يقرب 1500 شخصية، من بينهم ممثلين عن حزب الاتحاد الديمقراطي السوري الكردي، الرامي لإنشاء إقليم حكم ذاتي شمال سوريا رغم معارضة أنقرة حضوره للاجتماع.

اقرأ/ي أيضًا: مؤتمر "سوتشي" لهندسة خراب سوريا باللعنة الطائفية

وحددت موسكو ثلاثة نقاط سيتم نقاشها مع المجتمعين خلال الاجتماع، وتتمثل في صياغة دستور جديد لسوريا، والتهيئة لإجراء انتخابات برلمانية، وأخيرًا ملف إعادة الإعمار، فيما قال نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، إنه سيتم خلال المؤتمر تشكيل لجنة دستورية "تحصل على تفويض من الشعب"، مهمتها "إصلاح الدستور"، على حد قوله.

وسادت أنباء خلال الفترة الماضية حول إمكانية ترأس نائب الأسد الأسبق، فاروق الشرع، لجلسات المؤتمر على اعتبار أنه شخصية مقبولة لدى المعارضة السورية، قبل أن ينفي ممثل الرئاسة الروسية لروسيا ألكسندر لافرنتييف صحة ما نقل على لسان وسائل الإعلام، مؤكدًا أنها "لا تطابق مع الواقع"، ما قد يشير إلى أن موسكو متمسكة ببقاء الأسد في السلطة، رغم معارضة مختلف الأطراف الدولية الفاعلة في الشأن السوري، والتي تطالب بتنحي الأسد عن السلطة مقابل موافقتها على المشاركة في عملية إعادة الإعمار.

سوتشي.. خارطة نجاة الأسد من الملاحقة الدولية

ومع بدء استعداد موسكو لتوجيه الدعوات الرسمية للمدعويين، طرأ تطور جديد على مخطط جدول أعمال المؤتمر، حين كشف لافرنتييف، خلال حديث صحفي لوكالة سبوتنيك الروسية، أنه إذا أرادت المعارضة السورية "رفع شعارات حول عدم مقبولية بقاء الأسد في السلطة، أعتقد أنه لا مكان لهم هناك"، وهو ما يراه مراقبون خرقًا للاتفاقات الدولية، ومحاولة روسية لإعادة تعويم الأسد دوليًا.

ونص اتفاق "جنيف - 1"، الذي تم برعاية الأمم المتحدة، على ست نقاط، إضافة للاتفاق على خطوات توجيهية للشروع ببدء تنفيذ عملية الانتقال السياسي للسلطة في سوريا، فضلًا عن إنشاء هيئة حكم انتقالية باستطاعتها أن تهيئ بيئة محايدة تتحرك في ظلها العملية الانتقالية، على أن تضم ممثلين عن المعارضة والنظام السوري، وذلك قبل أن يستعين الأسد بالمليليشيات الأجنبية لقمع المناطق التي تطالب بتنحيه عن السلطة.

وتسعى روسيا للحصول على رعاية الأمم المتحدة للمؤتمر، بعدما كشف بوغدانوف أن موسكو تستند في جهودها الرامية لإنهاء النزاع السوري إلى القرار الأممي رقم 2254، إلا أن واقع الحال يعطي إشارة واضحة لمحاولات موسكو الالتفاف على القرار الدولية، وتثبيت الأسد في السلطة بالتعاون مع كيانات التي تسمي نفسها معارضة، المدعومة من قبلها كمنصتي موسكو والقاهرة.

أعلنت موسكو أنّه ليس مرحبًا في مؤتمر سوتشي بأي جهة أو شخص يعارض بقاء الأسد في السلطة، ما يعتبر خرقًا روسيًا للقوانين الدولية 

وتزامنًا مع الأنباء المتضاربة حول الجهات التي وافقت أو عارضت حضور سوتشي، فقد أعلنت موسكو على لسان وزير دفاعها سيرغي شويغو، أنها بدأت تشكيل مجموعة قوات دائمة لها في قاعدتي طرطوس وحميميم العسكريتين غرب سوريا. وكانت روسيا قد أعلنت تدخلها عسكريًا بشكل رسمي في سوريا في أيلول/سبتمبر 2015، حيثُ شرعت بتثبيت وجودها عن طريق إنشاء قواعد عسكرية لها.

اقرأ/ي أيضًا: مؤتمر "سوتشي".. مخاوف المعارضة السورية

وجاء ذلك بالتوازي مع مصادقة البرلمان الروسي على اتفاقية "توسيع نقطة الإسناد البحري للقوات الروسية في طرطوس"، والتي تتيح نقل الأسلحة والذخائر والمعدات العسكرية والإمدادات إلى القاعدتين العسكريتين دون أن تستوفي أي رسوم من الجانب السوري، إضافة لحصول العسكريين الروس على الحصانة الممنوحة للدبلوماسيين الروس فور عبورهم الأراضي السورية.

المعارضة السورية تتوحد: "لا لمؤتمر سوتشي"

وبعد انتشار التصريحات الروسية الرافضة لمناقشة مسألة تنحي الأسد عن السلطة، بادرت المعارضة السورية لتوحيد موقفها الرافض حضور المؤتمر، بناءً على مطالب مشروطة من موسكو، فقد أعلنت شخصيات معارضة مستقلة في بيان صادر عنها، رفضها حضور المؤتمر، قائلةً إنّ الهدف من انعقاده هو "تخريج الحل الروسي، وشق صفوف قوى الثورة والمعارضة،  وفرض دستور مزيف يضمن بقاء الأسد والاحتلالات الأجنبية الضامنة له، بمساعدة انتخابات تجري تحت إشراف الأجهزة الأمنية وبقيادتها وهي قادرة على تعطيل أي مراقبة سورية أو أممية".

وإلى ذلك، فقد أصدر 40 فصيلًا عسكريًا معارضًا منضويًا ضمن مكونات الجيش السوري الحر، بيانًا موحدًا، أكد مضمونه على التزامهم بمضمون الحل السياسي المتفق عليه في "جنيف - 1"، والقرارين رقم 2118 و2254، وكذا القرارات الدولية ذات الصلة، مع تأكيدهم على أولوية إطلاق سراح المعتقلين في سجون النظام السوري، وفك الحصار عن المناطق الخارجة عن سيطرة النظام السوري، والتي يسعى النظام السوري بالاشتراك مع الجهات الدولية الداعمة له استخدامها كورقة ضغط في المفاوضات.

كذلك أصدرت الحركة السياسية النسوية، بيانًا اعتبرت فيه أن ما يثار في الوقت الحالي من ضجة حول مؤتمر سوتشي، ليست إلا "محاولات قلب للعملية السياسية رأسًا على عقب"، مشيرًة إلى أن ذلك "لن يؤدي إلا إلى البلبلة وتشتبت الجهود الأممية، وضياع حقوق الشعب السوري".

أما المجلس الإسلامي السوري، فقد وصف الرعاية الروسية للمؤتمر، بأنها بمثابة "وسيطًا غير". وأضاف المجلس في بيانه أن روسيا تسعى من خلال سوتشي "للالتفاف على المرجعية الدولية"، قائلًا إن محاولات تجري للتسويق "لكتابة دستور وإجراء انتخابات"، فيما بيّن المجلس أنه "لا يمكن إجراء انتخابات في ظل النظام المجرم، ولا يمكن كتابة دستور في ظل الاحتلال"، مؤكدًا على أن ذلك لن يتحقق ما لم يتنحى الأسد عن السلطة.

بالتوازي مع التحضير لمؤتمر سوتشي، أعلنت روسيا بدء تشكيل مجموعة قوات دائمة لها في سوريا بقاعدتي طرطوس وحميميم

 

اقرأ/ي أيضًا:

مؤتمرات صناعة العقدة السورية

روسيا تقتل القتيل وتمشي في جنازته