10-مارس-2023
getty

الحزب الحاكم لم يتراجع عن القانون بشكلٍ كامل ويمكن أن يعيد تقديمه بعد مراجعته (Getty)

سحب الحزب الحاكم في جورجيا مشروع قانون مثير للجدل قدم للبرلمان، بعد أيام من مظاهرات شهدتها العاصمة تبيليسي، تحولت إلى مواجهات مع قوى الأمن.

سحب الحزب الحاكم في جورجيا مشروع قانون مثير للجدل قدم للبرلمان، بعد أيام من مظاهرات شهدتها العاصمة تبيليسي

تأتي الاحتجاجات بعد أن صادق البرلمان الجورجي في قراءة أولية على قانون "الوكلاء الأجانب"، الذي تقدم به حزب "حلم جورجيا" الحاكم، ويلزم جميع المنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام التي تتلقى أكثر من 20% من تمويلها من جهات خارجية بأن تُدرج في سجل خاص، وأن تتقدم بتقرير إفصاح مالي كل عام، وإذا لم تتقدم تلك المنظمات بتقرير الإفصاح المشار إليه في مشروع القانون، تُوقع عليها غرامة مالية قدرها 9500 دولار أمريكي.  

getty

وقالت وزارة العدل في جورجيا إن التشريع المقترح يستهدف كشف "عملاء التأثير الأجنبي في البلاد". فيما قال الحزب الحاكم، إن مشروع القانون يهدف إلى انفتاح أكبر بشأن التمويل الأجنبي، وأنه على غرار تشريع أمريكي يعود تاريخه إلى ثلاثينيات القرن الماضي.

في الجهة المقابلة، تقول معارضة القانون إنه يشبه قانونًا تم إقراره في روسيا عام 2012، وتم توسيع نطاقه مرارًا وتكرارًا، استخدمته الحكومة الروسية لقمع المعارضين والصحفيين ونشطاء حقوق الإنسان، ومحاكمتهم تحت تصنيف "عدو الشعب"، وهى عبارة كانت تتداول في مرحلة وجود الاتحاد السوفيتي. كما استخدم القانون للتضييق على وسائل الإعلام المستقلة، وصلت حد إغلاقها. 

getty

وحذر المعارضون أن من إقرار القانون من شأنه الإضرار بفرص جورجيا في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. هذا وعبرت الرئيسة الجورجية سالومي زورابيشفيلي عن دعمها للمتظاهرين، عبر تسجيلٍ مصور، وتعهدت برفض مشروع القانون.

انقسامات داخلية

حزب "حلم جورجيا"، الحاكم منذ عقدين، اعتبر أن مشروع القانون "قُدم في يوم سيء، وبطريقة مضلّلة"، والحقت به "التسمية الزائفة للقانون الروسي"، وأشار في بيان إلى أنه سيبدأ "مشاورات عامّة لشرح أفضل للغرض من هذا القانون".

وعلى الرغم من أن الحزب يظهر توجهًا نظريًا يقترب من مبادئ الاتحاد الأوروبي إلا أنه يحتفظ عمليًا بعلاقات جيدة مع روسيا، ويبرر أصحاب هذا التوجه، بأن خيار العلاقات الجيدة مع موسكو كان من "الأمور التي تستدعيها مصلحة البلاد، ومن "الخيارات التي كان من الضروري اللجوء إليها في السنوات الماضية".

getty

التاريخ يعود

بعد انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991، نالت جورجيا استقلالها، لكن مرحلة ما بعد الاستقلال لم تكن سهلةً، فقد عانت البلاد من أوضاع غير مستقرة، وشهدت تلك المرحلة إعلان إقليم أبخازيا استقلاله بدعم روسي، ولا تزال القوات الروسية متواجدة في الإقليم إلى اليوم.

وفي عام 2008، احتلت القوات الروسية منطقة أخرى في جورجيا وهي أوسيتيا الجنوبية شمال شرقي العاصمة تبليسي، بعد حرب عرفت باسم "حرب الخمسة أيام"، وأعلنت المنطقة استقلالها في وقت لاحق، ولم تعترف بها إلا روسيا وعدد قليل من الدول. 

ما علاقة أوكرانيا بما يجري؟

خلال المظاهرات الرافضة لإقرار قانون "الوكلاء الأجانب"، رفع المحتجون العلم الأوكراني، وخاطبهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، معربًا عن أمله بأن "يحقق آلاف المحتجين على مشروع قانون الوكلاء الأجانب في جورجيا نجاحًا ديمقراطيًا". 

getty

وشكر زيلينسكي كل من حمل الأعلام الأوكرانية في ساحات وشوارع جورجيا في أثناء المظاهرات الأخيرة، قائلًا: "أودّ أن أشكر كل من حمل الأعلام الأوكرانية في ساحات وشوارع جورجيا هذه الأيام"، وأضاف "نريد أن نكون في الاتحاد الأوروبي، وسنكون كذلك. نريد أن تكون جورجيا في الاتحاد الأوروبي، وأنا متأكد من أنها ستكون كذلك. نريد أن تكون مولدوفا في الاتحاد الأوروبي، وأنا متأكد من أنها ستكون كذلك. كل شعوب أوروبا الحرة تستحقّ هذا".

على الجانب الرسمي، اختارت الحكومة الحياد فيما يتعلق بالحرب في أوكرانيا، ودعت  إلى التهدئة، وشددت على أن موقفها ينبع من رغبتها في "الحفاظ على السلام". 

getty

كما أعربت عن مخاوفها حيال "هؤلاء الذين يريدون أن يمتد الصراع إلى جورجيا"، وقال رئيس وزراء جورجيا إيراكلي غاريباشفيلي: "نحن الحكومة التي تفادت تعرض جورجيا مرة أخرى لخطر الحرب وتجنبت التصعيد. لو كانت هناك قوى مدمرة في السلطة، لتحول جزء كبير من جورجيا، مثل أوكرانيا إلى منطقة قتال"، وأضاف "دعونا نعيش في سلام وليعتني كل ببلده".

ومع بداية الغزو، رفضت الحكومة الجورجية العقوبات الغربية التي فرضت على روسيا بسبب غزوها أوكرانيا، بل جعلت البلاد محطة عبور مهم للبضائع التي تنقل إلى روسيا، في كسر  للعقوبات التي فرضها الغرب.

getty

بالمقابل، كان هناك تعاطف شعبي واسع مع أوكرانيا، كما تطوع العشرات من الجورجيين للقتال في أوكرانيا، وانضموا للفيلق الجورجي التابع "للفيلق الدولي للدفاع الإقليمي عن أوكرانيا" الذي يقاتل إلى  جانب القوات الأوكرانية ضدّ الجيش الروسي. وقد سقط العديد من القتلى الجورجيين في المعارك الدائرة هناك، ولا تتوقف المعارضة الجورجية من إحياء ذكرى هؤلاء المقاتلين، عبر وقفات تخلدهم مآثرهم. ولا يعرف عدد المتطوعين الجورجيين بالتحديد، لكن التقديرات تشير إلى أنهم بالمئات.

كان هناك تعاطف شعبي واسع مع أوكرانيا، كما تطوع العشرات من الجورجيين للقتال في أوكرانيا

وحاولت الحكومة الجورجية منع المتطوعين من السفر إلى أوكرانيا، محذرة من أن ذلك قد يؤدي إلى تورط جورجيا في الصراع، مؤكدةً أن لا علاقة لها  بهؤلاء المقاتلين.