03-يناير-2022

من إحدى أمسيات مهرجان "بيروت ترنم" (فيسبوك)

استعادت الحياة الثقافية في لبنان خلال 2021، شيئًا من زخمها بعد عامٍ عجاف تضافرت فيه أربعة أحداث على شلّها وتعطيل فعالياتها، وهي: تداعيات انتفاضة 17 تشرين الأول/ أكتوبر 2019، ظهور وباء كوفيد – 19، الأزمة الاقتصادية المتمثلة في انهيار العملة المحلية أمام الدولار الأمريكي، وانفجار مرفأ بيروت في 4 آب/ أغسطس 2020.

شهد عام 2021 عودة لافتة للفن التشكيلي اللبناني، حيث بلغ عدد المعارض الفنية التي استضافتها صالات العرض اللبنانية أكثر من 30 معرضًا

وعلى الرغم من أن الموسم الثقافي في 2021 لا يشبه مواسم ما قبل 17 تشرين الأول/ أكتوبر 2019، إلا أنه أفضل من موسم 2020 الذي وصل فيه عدد الفعاليات والأنشطة الثقافية إلى حدوده الدنيا، ذلك أن الاعتيادية أو الألفة التي وسمت تعاطي العاملين في القطاع الثقافي اللبناني مع الأزمات، غابت في 2020 لصالح عجزٍ كلي حال دون الحصول حتى على أقل من نصف موسمٍ ثقافي.

اقرأ/ي أيضًا: أبرز 8 كتب عن القضية الفلسطينية صدرت في 2021

وما ينطبق على الاضطرابات الأمنية، والتوترات السياسية، بالإضافة إلى الانقسامات الداخلية والتجاذبات الطائفية التي اعتاد العاملون في القطاع الثقافي اللبناني على التعامل معها، لا ينطبق بالضرورة على الاحتجاجات الشعبية، والإقفال التام بسبب تفشي وباء كوفيد – 19، عدا عن الأزمات الاقتصادية الخانقة، وانفجار مرفأ بيروت.

في العام المنصرم، 2021، استطاع العاملون في القطاع الثقافي اللبناني استعادة جزءٍ من زخم الحياة الثقافية، التي تنوعت برمجة موسمها الفائت بين فعاليات افتراضية وأخرى حضورية، أُقيمت بعد تخفيف الإجراءات الاحترازية المتبعة لمواجهة تفشي وباء كوفيد – 19، الأمر الذي أتاح لصالات العرض والمتاحف استئناف نشاطها، ومكّن الفرق الموسيقية والمسرحية من تقديم عروضها للجمهور بشكلٍ مباشر، فيما استفادت التظاهرات الثقافية والمهرجانات الفنية والسينمائية من تخفيف الإجراءات والقيود الاحترازية لإقامة فعالياتها حضوريًا.

نبدأ حصاد العام من المشهد الفني التشكيلي الذي سجّل عودة لافتة في 2021، حيث بلغ عدد المعارض الفنية التي استضافتها صالات العرض اللبنانية أكثر من 30 معرضًا، من بينها 6 معارض استضافها "غاليري أجيال" لكلٍ من أدريان بيبي، ويزن حلواني، وهالة مزنّر، وريم الجندي، وفانيسّا الجميّل، ومازن رفاعي. بينما احتضن "غاليري صالح بركات" معرضين فرديين لجوزيف الحوراني وعفاف زريق، إلى جانبٍ معرض جماعي حمل عنوان "30 عامًا ونمضي قدمًا"، واستعرض أبرز المواضيع التي شغلت الفن التشكيلي اللبناني منذ انتهاء الحرب الأهلية وحتى لحظة إقامة المعرض، الذي ضم 160 عملًا فنيًا لـ 85 فنانًا لبنانيًا وعربيًا.

"غاليري جانين ربيز" استضاف بدوره 5 معارض فنية من بينها ثلاثة معارض فردية لريبال ملاعب، وغادة زغبي، وجميل ملاعب، بالإضافة إلى معرضين جماعيين هما "رؤى اليوم"، و"واجهات" الذي أقيم على مبنى واجهة مبنى بولس فياض المطل على مرفأ بيروت. في حين احتضن غاليري "Art on 56th" معرضًا جماعيًا إلى جانب ثلاثة معارض فردية لكلٍ من سارة شعّار، وغيلان الصفدي، وعيسى حلوم.

أما "غاليري مرفأ"، فقد اقتصرت برمجته لعام 2021 على معرضين جماعيين لعددٍ من الفنانين اللبنانيين والعالميين. بينما استضاف "غاليري مارك هاشم" معرضًا فرديًا لشوقي شمعون. واحتضن "غاليري تانيت" معرضًا جماعيًا وآخر فرديًا لتمارا حداد. فيما نظّم"غاليري صفير زملر" معرضين لمروان رشماوي وعارف الريس.

وعلى صعيد التظاهرات الثقافية والمهرجانات الفنية والسينمائية، شهد 2021 تنظيم الدورة 17 من "مهرجان بيروت الدولي للرقص المعاصر – بايبود"، والدورة 13 من "مهرجان كابريوليه للأفلام السينمائية القصيرة"، والدورة الخامسة من "مهرجان صوْر الموسيقي الدولي"، بالإضافة إلى الدورة الأولى من "مهرجان ترداد" و"بيروت للشرائط المصورة"، بالإضافة إلى الدورة الخامسة من مهرجان "موسيقيّات بعبدات"، والدورة السابعة من مهرجان "بيروت للأفلام الفنية والوثائقية"، والدورة 14 من مهرجان "بيروت ترنّم"، وغيره.

وتميّز هذا العام بإقامة عددٍ لافت من العروض المسرحية التي تركّزت في مسرحي "المدينة" و"مونو"، ومنها: "عزيزتي ألفت" لشادي الهبر، و"المعلّقتان" للينا عسيران، و"الفصل السابع" لمحمد عيتاني، و"هيك صار معنا" لصوفي باركلي ووحيد محمود. بينما استضاف فضاء "ميترو المدينة" عرضًا مسرحيًا بعنوان "ست الدنيا" لهشام جابر، وذلك إلى جانب عددٍ من الأمسيات الموسيقية والغنائية التي أحياها فنانون لبنانيون من أجيال مختلفة. 

وفي عالم النشر، لم يتغيّر أحوال القطاع الذي يعاني من أزماتٍ عديدة، يتقدّمها انخفاض نسبة المبيعات بسبب تراجع القدرة الشرائية عند المواطن اللبناني نتيجة الأزمة الاقتصادية، وانهيار العملة المحلية أمام الدولار الأمريكي. وفي حين وجد الناشرون في معارض الكتب العربية فرصة لتعويض بعض خسائرهم، تجد المكتبات اللبنانية نفسها عاجزة عن تعويض خسائرها بعد ارتفاع أسعار الكتب، تماشيًا مع سعر الصرف، وعزوف القراء عن شرائها بعدما تراجعت أهميتها لصالح تأمين متطلبات البقاء التي باتت مكلفة جدًا في لبنان.

شهد الموسم الثقافي لعام 2021 في لبنان غياب "معرض بيروت الدولي للكتاب" للسنة الثالثة على التوالي بسبب الأزمة الاقتصادية الراهنة

تضاف إلى أزمات قطاع النشر، والمكتبات، غياب "معرض بيروت الدولي للكتاب" للسنة الثالثة على التوالي بسبب الأزمة الاقتصادية، مما يعني أن عودته مرهونة بتعافي الاقتصاد اللبناني، وتحسن قدرة المواطن الشرائية. أما بالنسبة للمعارض المحلية، فلم تكن أحوالها أفضل من أحوال "معرض بيروت"، ربما باستثناء "معرض طرابلس للكتاب" الذي نظمته "الرابطة الثقافية" في المدينة منتصف العام الفائت. في حين واصل "المهرجان اللبناني للكتاب"، الذي تنظّمه "الحركة الثقافية – أنطلياس"، غيابه للعام الثاني على التوالي.

اقرأ/ي أيضًا: كتّاب عالميون رحلوا في 2021

ومن بين أبرز إصدارات هذا العام، نذكر: رواية "سم في الهواء" للروائي جبور الدويهي الذي غادر عالمنا في 23 تموز/ يوليو الفائت، و"الحياة تحت الصفر" للشاعر عباس بيضون، و"التقدّم نحو الكارثة" للكاتب والفنان بلال خبيز، و"يساريون لبنانيون في زمنهم" للكاتبة والباحثة دلال البزري، و"صرخة الغضب: خطابات الانتفاضة اللبنانية" للباحث نادر سراج.

 

اقرأ/ي أيضًا:

جوائز 2021 الأدبية في حصادها.. هيمنة أفريقية

أبرز 10 كتّاب ومفكرين عرب رحلوا عن عالمنا في 2021