24-أبريل-2023
لقطة من مسلسل الزند

لقطة من مسلسل الزند

شغلت المسلسلات السورية، خلال الموسم الرمضاني الفائت، حيزًا واسعًا من اهتمامات المتابعين ونقاشاتهم في مواقع التواصل الاجتماعي، حيث انقسم السوريون إلى فئة ترى أن الدراما السورية استعادت عافيتها خلال هذا الموسم، وأخرى تقول إنها لم تكن على قدر التوقعات باستثناء أعمال قليلة يتقدّمها "ابتسم أيها الجنرال" (تأليف سامر رضوان، وإخراج عروة محمد)، الذي حظي بتفاعل وانتشار واسعين في المنصات الاجتماعية.

"ابتسم أيها الجنرال" أول مسلسل سوري صُنع خارج رقابة السلطة وروى حكاية السوريين من وجهة نظرهم وليس من وجهة نظر النظام الحاكم

تعرّض المسلسل، وهو أول عمل معارض على الإطلاق، لهجوم كبير من فئات مختلفة وجدت في أخطائه الفنية والإخراجية التي لا يخلو منها أي عمل درامي، بطبيعة الحال، فرصة للتقليل من شأنه وصرف الأنظار عن حساسية وأهمية الموضوع الذي يتناوله ومدى ارتباطه بواقع السوريين وما آلت إليه أحوالهم خلال العقد الأخير.

ورغم ذلك، نجح المسلسل في جذب جمهور عريض رأى في مضمونه ما يلامس حكايته، فأسقط البعض أحداثه على وقائع حقيقية (صراع حافظ وشقيقه رفعت، تعديل الدستور لتمكين بشار من تولي الحكم، إمساك رامي مخلوف باقتصاد سوريا، وغيرها الكثير)، فيما انشغل البعض الآخر بتخمين أسماء الشخصيات الحقيقية، وربط ما يظهر على الشاشة بما جرى في الواقع.

تدور أحداث العمل في بلد عربي مفترض حول دكتاتور ورث الحكم عن والده، وانتزعه بالدم حين حاول بعض الجنرالات انتزاعه منه، ثم دخل في صراع مع شقيقه الذي يسعى إلى الإمساك بزمام الحكم بمساعدة فرنسا. وحين أدرك أنه سيُهزم، لجأ إلى إسرائيل لمساعدته على هزيمة شقيقه والبقاء على رأس النظام مقابل تنازله عن الأراضي التي احتلتها.

"ابتسم أيها الجنرال" أول مسلسل سوري صُنع خارج رقابة السلطة، وروى حكاية السوريين من وجهة نظرهم وليس من وجهة نظر النظام الحاكم، الذي نجح العمل في فضحه من داخل قصر رأسه وكبار أعوانه. كما أنه أول مسلسل يحمّل الرئيس مسؤولية القمع والفساد والاستبداد، ويسلط الضوء كذلك على الطريقة التي تُدير بها الأنظمة الدكتاتورية الدولة ومؤسساتها.

الزند.. أخطاء تاريخية ورسائل سياسية

يُعتبر "الزند: ذئب العاصي" (تأليف عمر أبو سعدة، وإخراج سامر البرقاوي)، من الأعمال المتميزة فنيًا في الموسم الدرامي الرمضاني 2023. ولكنه، في المقابل، لم يخلو من الأخطاء التاريخية إلى جانب تلك المتعلقة بمعالجة بعض الأحداث والمشاهد غير المنطقية، مثل سهولة وصول البعض إلى مخبأ عاصي، بطل المسلسل، بما فيهم الشخص الذي حاول قتله، في الوقت الذي فشل فيه الدرك ورجال الباشا والبدو في الوصول إليه.

ولكن ذلك ليس المأخذ الوحيد حول المسلسل، إذ يرى الكثير من السوريين أنه يتضمن رسائل سياسية تخدم مصالح النظام السوري، خاصةً لجهة العلاقة بين الطائفتين السنية والعلوية. بل إن البعض يرى أنه يجسد المظلومية العلوية لأهداف سياسية، فحكاية العمل هي حكاية فلاحين علويين مظلومين وثائرين في محيط سني، بدءًا من السلطنة العثمانية، وصولًا إلى الباشوات والتجار، وانتهاءً بالبدو وقطاع الطرق.

البيئة الشامية.. محاولات تجديد ناقصة

دخلت دراما البيئة الشامية المنافسة الرمضانية عبر 5 مسلسلات صُنع بعضها بحرفية شبه عالية، فيما فشل بعضها الآخر في تجاوز الأخطاء والعثرات التي تقع فيها أعمال هذا النوع عادةً. فبينما استطاعت مسلسلات "زقاق الجن و"مربى العز" و"حارة القبة 3" لفت انتباه المشاهدين والاستحواذ على اهتمامهم، تعرّض مسلسل "العربجي" (تأليف عثمان جحا ومؤيد النابلسي، وإخراج سيف الدين سبيعي) لانتقادات واسعة وسخرية لاذعة في مواقع التواصل الاجتماعي.

رأى الكثير من السوريين أن "الزند" يتضمن رسائل سياسية تخدم مصالح النظام السوري

فالعمل الذي حاول صنّاعه تجنّب الانتقادات التي تتعرّض لها هذه المسلسلات من خلال التنويه بأن قصته: "من وحي الخيال، لم تحدث في أي زمان ومكان، ولكنها قد تحدث في كل زمان ومكان"، لم يستطيع تجاوز البيئة الشامية الحاضرة فيه عبر العمارة الدمشقية وملابس بعض شخصيات العمل، ما جعل منه مسلسل بيئة شامية رغم ادعاء صنّاعه بعكس ذلك. ولكنها بيئة مشوّهة، إذ اختار القائمون عليه ملابس غريبة للنساء رأى المشاهدون أنها مناسبة لمسلسل تدور أحداثه في إحدى الدول الأوروبية خلال القرون الوسطى، لا في مدينة دمشق.

"خريف عُمر" (تأليف حسام شرباتي ويزن مرتجى، ومعالجة درامية رانيا الجبان، وإخراج المثنى صبح) لم يسلم بدوره من الانتقادات التي دارت حول عجز صنّاعه عن خلق توازن بين الأزمنة التي يتنقّل بينها. في حين قدّم مسلسل الفانتازيا التاريخية "فرسان الظلام: ذئاب الليل" (تأليف هاني السعدي، وإخراج سامي الجنادي) قصة ركيكة مفككة وغير منطقية لم تبررها الفانتازيا، التي لم تبرر كذلك أخطاء المسلسل الفنية والإخراجية الهائلة.