22-يوليو-2016

(Getty) جنود في الحرب العالمية الأولى

ربما أصبح من النادر قراءة دراسات كبيرة تجنح نحو مقاربة وقائع ونتائج الحرب العالمية الأولى (28 تموز/ يوليو 1914 حتى 11 تشرين الثاني/ نوفمبر 1918)، على المجتمعات العربية في سياقها التاريخي الذي زامن مرحلتها التاريخ، وشكل مفصلًا مهمًا بتاريخ منطقة الشرق الأوسط عربيًا، من ناحية انهيار الخلافة العثمانية، وبوادر تشكل الدولة المدنية الحديثة.

"مئة عام على الحرب العالمية الأولى" كتاب يحفر في وثائق الحرب من خلال أعمال مؤتمر "المركز العربي"

إلا أن "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات"، أخذ على عاتقه إصدار كتابًا بحثيًا عنونه بـ"مئة عام على الحرب العالمية الأولى؛ مقاربات عربية"، يحمل عنوانًا جانبيًا "الأسباب والسياقات والتداعيات"، صنف بالمجلد الأول، لمجموعة من المؤلفين العرب.

اقرأ/ي أيضًا: الكتاب للجميع.. "أبابيل" تطلق مشروع الكتب الرقمي

وضم الإصدار 15 دراسة تحليلية، لكتيبة من الباحثين العرب، وفق اعتراف المركز، حفرت في وثائق الحرب العالمية الأولى، وما كتب عنها من مئات الأبحاث والشهادات والمنشورات الورقية، عكسوا من خلاله ما توصلوا إليه في المؤتمر السنوي الثاني للدراسات التاريخية، الذي نظمه المركز العربي في بيروت من 20 وحتى 22 شباط/ فبراير 2015، بمشاركة أهم الباحثين العرب، على سبيل المثال لا الحصر، محمد جمال باروت، وجيه كوثراني، صقر أبو فخر، الذين ترأسوا الجلسة الافتتاحية للمؤتمر.

وهو ما يظهر واضحًا داخل الـ 575 صفحة التي ضمها المجلد الأول، والتي ناقشها مؤتمر المركز، الذي أوضح أن المحور الأول مخصص لـ"مرجعة نقدية لما كتب عن الحرب العالمية الأولى وتداعياتها عربيًا"، والمحور الثاني لـ"السياسات الدولية والمشاريع السياسية المحلية خلال الحرب"، وثالثهما "آثار الحرب اقتصاديًا واجتماعيًا وثقافيًا في المجتمعات العربية"، وأخيرًا "الثورات العربية في مرحلة ما بعد الحرب"، نقلًا عن الورقة التعريفية للمؤتمر.

وافتتح البحث بدراسة "الحرب التي كان يمكن أن تندلع في عام 1913: الخلفية البلقانية لاندلاع الحرب العالمية الأولى في عام 1914"، للباحث "الكوسوفي" محمد الأرناؤوط، والذي خلص إلى أن الحرب العالمية الأولى كانت صراعًا بين "الدولة الصربية الكبرى" و"مشروع فيينا".

ويرصد ناصر الدين سعيدوني في الدراسة الخامسة التي ضمها المجلد "تأثير الحرب العالمية الأولى في توجهات السياسة البريطانية في الخليج من المعاهدات غير المتكافئة إلى الهيمنة الكولونيالية"، من ناحية السياسة البريطانية في الخليج العربي قبل وبعد الحرب العالمية الأولى، مستندًا في بحثه للوثائق الفرنسية خصوصًا، والأوروبية عمومًا، التي ظهرت عقب انتهاء الحرب.

 "مئة عام على الحرب العالمية الأولى" شهادة توثيقية، على الأسباب والتداعيات التي شملت مناحي التاريخ السياسي عربيًا

اقرأ/ي أيضًا: المؤشر العربي.. حرية الإنسان هي الأولوية

ويذهب عبد اللطيف المتدين في الدراسة العاشرة إلى "ميزان القوى في أثناء الحرب العالمية الأولى وأثره في مفهوم السلم"، محاولًا الحفر في مساعي الغرب الاستعمارية لدول الشرق الأوسط، والذي تجلى في أفكار استعمارية، حملت للمنطقة أهوال التفكيك الخرائطي، وفرض السيادة المتعالية على التقارب بين الشعوب.

ولعل أكثر ما يغني المجلد الأول، الصادر عن المركز هذا العام، مشاركة أسماء لها مكانتها في مجالات البحوث العربية، محمد الأرناؤوط، رهام عمرو، حنان ملكاوي، علي شعيب، محمد زين العابدين أحمد مرسي، ناصر الدين سعيدوني، جلال زين العابدين، إدريس محارتي، عقيل محفوض، أمجد أحمد الزعبي، عبد اللطيف المتدين، إسماعيل نوري الربيعي، محاسن عبد الجليل، إدريس مقبول، سعود المولى، رياض شيا.

ما قدمه الكتاب، يمكن اعتباره شهادة توثيقية، على الأسباب والتداعيات التي شملت مناحي التاريخ السياسي عربيًا، كونه تناول جزءًا مهمًا من مرحلة نشوء الدول العربية، ضمن حدود مرسومة، وارتباطات استعمارية ترمي بمتتاليات إفرازاتها على تاريخنا الحالي.

اقرأ/ي أيضًا:

اتجاهات الرأي العام الفلسطيني في المؤشر العربي

21 رقمًا مرعبًا من مصر