23-فبراير-2023
getty

ينظر للانتخابات باعتبارها فرصةً لبداية مرحلة جديدة في نيجيريا (Getty)

يتجه الناخبون في نيجيريا إلى صناديق الاقتراع، يوم السبت المقبل، لاختيار رئيس جديد للبلاد، بالإضافة لنواب وأعضاء في مجلس الشيوخ. وهى المرة الأولى منذ عودة النظام الديمقراطي في العام 1999، التي تشهد فيها نيجيريا جولة انتخابات مزدوجة في وقت واحد.

يتجه الناخبون في نيجيريا إلى صناديق الاقتراع، يوم السبت المقبل، لاختيار رئيس جديد للبلاد، بالإضافة لنواب وأعضاء في مجلس الشيوخ

وتشكل هذه الانتخابات بدايةً لمرحلة جديدة لبلد يعاني من أزمة اقتصادية خانقة، أدت إلى ارتفاع معدلات التضخم، وازدياد حالات الفقر، حيث يعيش أكثر من 60 % من سكانه تحت خط الفقر، فيما يغادر شباب الطبقة المتوسطة البلاد بأعداد كبيرة. كما يواجه البلد منذ عدة أسابيع نقصًا حادًا في السيولة، مرتبط بعمليات إصلاح قام به المصرف المركزي مؤخرًا، وأدت إلى اندلاع احتجاجات واسعة في المدن الكبرى.

إلى جانب ذلك، يشهد الوضع الأمني ترديًا كبيرًا، حيث تعاني البلاد من أعمال عنف واشتباكات بين الرعاة والمزارعين، وعمليات خطف تطال طلاب وطالبات من المدارس في الغالب، بالإضافة للهجمات الدموية التي تشنها مجموعات بوكو حرام وتنظيم الدولة، في شمال ووسط البلاد، واستمرار نشاطات الحركات الانفصالية في الجنوب الشرقي من البلاد. 

وتُعرف نيجيريا البلد الغني بالنفط، بعملاق إفريقيا، فهي أكبر دولة في أفريقيا من ناحية عدد السكان، حيث يبلغ تعداد سكانها حوالي 220 مليون نسمة. وتقف عند نقطة انعطاف، بعد ما يقرب من ثماني سنوات من حكم الرئيس العسكري محمد بخاري، والذي شهدت فترة حكمه تفاقمًا لانعدام الأمن والفقر.

ويتنافس 18 مرشحًا في الانتخابات الرئاسية، التي لا يمكن التنبؤ بنتائجها على الإطلاق، في ظل تنافس محموم بين المرشحين، لخلافة بخاري. 

getty

المرشحون الرئيسيون

يأتي في مقدمة المرشحين الحاكم السابق لولاية "لاغوس" بولا أحمد تينوبو، مرشح حزب "المؤتمر التقدمي" الحاكم. ويلقب تينوبو بـ"العراب" أو "صانع الملوك"، ويتفاخر بأنه من أوصل الرئيس الحالي محمد بخاري للحكم، ويردد جملته الشهيرة "حان دوري"، وهو ما دفع بقسم كبير من الشباب بالابتعاد عنه. 

كما وجهت لتينوبو تهم تتعلق بالفساد، دون أن تتم إدانته، ويدعي أنه الوحيد القادر على القيام بعملية الإصلاح في نيجيريا، متحدثًا عن إنجازاته في الفترة التي حكم فيها لاغوس أكبر مدن البلاد، ما بين عامي 1999 و2007.  وينتمي تينوبو إلى قبيلة "اليوروبا"، وهي مجموعة عرقية تشكل الأغلبية في الجنوب الغربي من نيجيريا. 

أمّا ثاني أبرز المرشحين، فهو نائب الرئيس السابق ورجل الأعمال أتيكو أبو بكر، وهو مرشح حزب الشعب الديمقراطي المعارض، الذي حكم البلاد بين عامي 1999 و 2015. وتعتبر هذه سادس مشاركة لأبو بكر، في الانتخابات الرئاسية منذ العام 1993 ، ويذهب مراقبون إلى اعتبار أن حظوظ أبو بكر أكبر في هذه الانتخابات، كونه المرشح المسلم الأبرز من الشمال، ويأمل في الحصول على أصوات أكثر بكثير مما حصل عليه سابقًا، فهو لم يعد مضطرًا لخوض منافسة ضد الرئيس بخاري، الذي كان يملك قاعدةً شعبيةً كبيرة في الشمال، التي يعتبر منطقةً استراتيجيةً مهمةً في الانتخابات. ومثل منافسه تينوبو، وجهت تهم فساد لأبو بكر دون إدانة.

ويدخل على خط المنافسة، المرشح بيتر أوبي، الذي شكل مفاجأة هذه الدورة، بعد حصوله على نسب مرتفعة في استطلاعات الرأي، حيث يحظى بثقة واسعة في صفوف الشباب النيجيري، الذي يكافح لأن يطرد الحرس القديم من تصدر المشهد السياسي النيجيري. وأوبي الذي يتمتّع بسمعة جيدة، هو مرشح حزب العمال، وهو حاكم سابق لعدد من الولايات النيجيرية، من الجنوب الشرقي، يأمل في الحصول على أصوات الشباب، في بلد يشكل فيه الشباب دون سن 30، حوالي 70% من سكانه، واعدًا إياهم بـ"نيجيريا جديدة".

الأسماء السابقة هي الأبرز، من بين 18 مرشحًا، بالإضافة إلى رابيو كوانكواسو، وعلى الرغم من أن حظوظه في الوصول إلى كرسي الرئاسة ضعيفة، لكن من المؤكد أنه قد يؤثر بشكلٍ كبير على النتيجة، في حال إجراء جولة ثانية من الانتخابات وهو المرجح، حيث يملك قاعدةً شعبيةً ضخمةً في ولاية "كانو" المهمة، الواقعة في شمالي البلاد. 

لماذا هذه الانتخابات مهمة؟

يعتقد ما يقرب من 90% من النيجيريين أن البلاد تسير في الاتجاه الخاطئ، وفقًا لاستطلاع  أجرته شركة "Afrobarometer" مؤخرًا،  وهو أسوأ تصور تم تسجيله على الإطلاق في نيجيريا. 

وبالنسبة لكثر، وتبدو هذه الانتخابات بمثابة فرصة أخيرة لإنقاذ بلادهم، المليئة برواد الأعمال، والمواهب الإبداعية، على الرغم من معاناتها، بسبب انعدام الأمن والبطالة المتفشية والفساد والاقتصاد الراكد، مما يعني أن البقاء في البلاد يمكن أن يكون صراعًا كبيرًا.

getty

ما هو المختلف في هذه الانتخابات؟

التغييرات الأخيرة في نظام التصويت، باستخدام البيانات "البيومترية"، لضمان هوية الناخبين، وإرسال النتائج إلكترونيًا وليس يدويًا، لمنع التلاعب، والتزوير في التصويت، الذي انتشر في الانتخابات السابقة، وقوض مصداقيتها.

التقسيم الإثني: شبح فوق الانتخابات

تنتمي الأسماء المرشحة الأولى، إلى المجموعات العرقية الرئيسية في نيجيريا، وهي اليوروبا، وشعب الإيغبو، والهوسا فولاني.

هناك قاعدة تحكم الانتخابات في نيجيريا، وإن بشكل غير رسمي، وهى تداول السلطة بين الاثنيات الرئيسية، لكن هذه الانتخابات كسرت القاعدة، فالمعركة في السابق كانت تدور بين الحزبين الراسخين في البلاد، المؤتمر التقدمي والشعبي الديمقراطي، إلا أن أوبي، بعد أن خسر تزكية الحزب الديمقراطي الشعبي لصالح أبو بكر، أصر على الترشح، وانضم لحزب العمال، الذي دخل على خط المنافسة للفوز بمنصب الرئاسة. 

كما جرت العادة أن يكون منصب رئيس الجمهورية بالتناوب بين الشمال والجنوب، وعلى الأحزاب أن تقدم المرشحين وفقًا لذلك، قالرئيس الحالي محمد بخاري من الشمال، لذلك كان من المتوقع أن يترك أبو بكر المنصب لجنوبي يقود حزبه في الانتخابات، لكنه لم يفعل، وهو ما قد يدفع ثمنه بخسارة المعاقل الجنوبية التقليدية لحزب الشعب الديمقراطي.

جرت العادة في الانتخابات، أن يتم تقاسم المناصب على أسس دينية، بحيث يقدم المرشح الرئاسي مرشحًا من ديانة أخرى إلى جانبه، لكن هذه العادة كسرت مع اختيار مرشح الحزب الحاكم بولا أحمد تينوبو، شخصًا من نفسه الخلفية الدينية ومن شمال البلاد.

هل ستحسم الانتخابات؟

يحتاج المرشح للفوز، الحصول على الأغلبية المطلقة، بالإضافة إلى 25% من الأصوات في ثلثي ولايات البلاد البالغ عددها 36 ولاية. وإذا لم يحقق أي مرشح ذلك، فستخضع الانتخابات إلى جولة ثانية، وهو ما لم يحدث منذ عودة الديمقراطية، لكن التحليلات القادمة من نيجيريا تتحدث عن أن هذا الخيار هو الاحتمال الأبرز.

وعادة ما تكون نسبة المشاركة منخفضة للغاية، فقد صوت حوالي 35% من الناخبين المسجلين في الانتخابات الأخيرة، بسبب انعدام الأمن والمشاكل اللوجستية واللامبالاة، لكن هذا العام، تم تسجيل أكثر من 12 مليون ناخب جديد معظمهم من الشباب، وقد تتوقف نتيجة الانتخابات على مشاركتهم.

ما الذي تظهره استطلاعات الرأي؟

وضعت العديد من استطلاعات الرأي الأخيرة، مرشح حزب العمال بيتر أوبي، متقدمًا على منافسيه، بهامش كبير. لكن القاسم المشترك بين العديد من هذه الاستطلاعات هو أن نسبة كبيرة من الأشخاص الذين شملهم الاستطلاع يرفضون التصريح لمن سوف يصوتون أو يقولون إنهم في حالة تردد.

حاول استطلاع أجرته شركة البيانات والاستخبارات "Stears"، إيجاد تفسير حول الطريقة التي يدلي بها "الناخبون الصامتون"، بأصواتهم بناءً على ملفاتهم الشخصية وكيفية ردهم على الأسئلة الأخرى.

جدت "Stears" أنه إذا كان هناك إقبال كبير في يوم الانتخابات، فمن المرجح أن يفوز المرشح بيتر أوبي بهامش كبير

وجدت "Stears" أنه إذا كان هناك إقبال كبير في يوم الانتخابات، فمن المرجح أن يفوز المرشح بيتر أوبي بهامش كبير، ولكن إذا ذهب عدد قليل من الأشخاص إلى صناديق الاقتراع، كما جرى في انتخابات عام 2019، فسيكون المرشح بولا أحمد تينوبو، هو الفائز الأكثر ترجيحًا إلى حد كبير. ومن المتوقع ظهور النتائج بعد يومين أو ثلاثة أيام على إجراء الانتخابات.