21-أكتوبر-2015

لافتات الدعاية الانتخابية في كل مكان في مصر(خالد دسوقي/أ.ف.ب)

صباح يوم الأحد الثامن عشر من من أكتوبر/تشرين الأول، اتجهت الأنظار صوب لجان الاقتراع في مصر منتظرين توافد الناخبين قصد اختيار أعضاء مجلس النواب الثاني بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير/كانون الثاني عام 2011. تنافس في المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية المصرية 2584 مرشحًا، لكل واحد منهم ميزانيته الخاصة بالدعاية الانتخابية، عشرات الملايين من الجنيهات على أقل تقدير أنفقها المرشحون على المقاعد الفردية أو الأحزاب التي تكتلت في قوائم، من أجل الحصول على مقعد تحت قبة البرلمان. لكن الكثيرين علّقوا، عند رؤية اللجان الانتخابية، بسخرية: "خسارة الفلوس!".

تنافس في المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية المصرية ألفان وخمسمائة وأربعة وثمانون مرشحًا

على الطريق الدائري، وهو أحد أهم الطرق السريعة بالقاهرة، تظهر لافتة كبيرة، ليست لمرشح في الانتخابات، ولكنها لصاحب مطبعة يعرض خدماته على مرشحي البرلمان، كتب صاحبها عليها "أرخص سعر للدعاية الانتخابية البانر بسعر ثلاثة عشر جنيهًا للمتر الواحد". في اتصال هاتفي مع عادل محمد، صاحب اللافتة، يقول لـ"ألترا صوت": "تعتبر الانتخابات موسمًا لتحقيق بعض المكاسب في ظل وضع اقتصادي سيء لا يستطيع أحد نكرانه".

ويضيف عادل: "أقدم خدمات رخيصة للمرشحين نظرًا لكوني أسكن إحدى المناطق الشعبية، وقد حددت سعر المتر بـثلاثة عشر جنيهًا فقط ليجذب المرشح. في الوقت نفسه هناك من يطلب لافتات من مواد ممتازة يصل سعر المتر فيها إلى خمسين جنيهًا، إضافة إلى الأدوات التي تستخدم في تعليق اللافتات والتي تضيف على قيمة اللافتة الواحدة حوالي مائة جنيه. كما يطلب المرشح، كجزء من حملته الدعائية، خمسة آلاف "بوستر" على الأقل تتكلف طباعة الواحد من خمس إلى عشر جنيهات، حسب نوع الورق والحجم والألوان".

تحدث عادل أساسًا عن الملصقات واللافتات التي تعلق في الشوارع السكنية، لكن هناك أوجهًا أخرى للدعاية الانتخابية وهي تكلف المرشحين أموالًا طائلة، منها الإعلانات العملاقة الثابتة على الطرق السريعة وفوق الأبراج السكنية المرتفعة والتي تسمي بـ"Outdoor"، فالمتر الواحد في هذا النوع من الإعلان تتراوح تكلفته بين ألفين وخمسة آلاف جنيه، إضافة إلى قيمة الإطار المعدني المحيط بالإعلان والإضاءة، علاوة على مصاريف التركيب وإيجار المكان الذي يوضع فيه الإعلان، كل هذا يجعل الإعلان الواحد، من هذا النوع، باهظًا وقد تتخطى تكلفته الإجمالية مائة وخمسين ألف جنيه.

في الثالث عشر من يناير من العام الجاري، أعلنت اللجنة العليا للانتخابات ضوابط الدعاية للانتخابات البرلمانية وحجم تمويلها وحددت الحد الأقصى لما ينفقه كل مترشح في الدعاية في النظام الفردي بـخمسمائة ألف جنيه، والحد الأقصى للإنفاق في مرحلة الإعادة بـمائتي ألف جنيه، ما يعني أن المسموح لأي مرشح هو ثلاث إعلانات عملاقة وبعض اللافتات التي تكفي شارعين على الأكثر، لكن الملاحظ لشوارع مختلف المحافظات يتبين أن معظم المرشحين لم يلتزموا بالضوابط الخاصة بالدعاية الانتخابية.

ينفق المرشح الواحد للانتخابات في مصر من أجل الدعاية عشرات الملايين من الجنيهات على أقل تقدير

ترصد التكتلات السياسية والأحزاب ميزانيات ضخمة للدعاية الانتخابية، ففور إعلان اللجنة العليا للانتخابات البرلمانية قبول أوراق المتنافسين على مقاعد القوائم، تفاجأ المصريون بإعلانات قائمة "في حب مصر" الـ"Outdoor"، تحاصرهم في كل مكان، على الطرق الداخلية والسريعة، إضافة إلى الإعلانات مدفوعة الأجر في المواقع الإخبارية الكبيرة، والاستعانة ببعض الممثلين أهمهم شريف منير وداليا البحيري في إعلان تليفزيوني، هكذا إذًا قد تكون ميزانية حملة الدعاية لقائمة "في حب مصر" قد تجاوزت عشرات الملايين.

واعتاد المرشحون للانتخابات في مصر أن يستثمروا الفن والفنانين في حملاتهم. وقد غنى نقيب الموسيقيين الحالي هاني شاكر أغنية "أدها وأدود"،  الأغنية حملت في طياتها دعوة للمصريين للمشاركة في الانتخابات البرلمانية لكن نسختها المصورة حفلت بلقطات لقيادات حزب الوفد أساسًا. وأنتج حزب النور بدوره نشيدًا حمل اسم "ويّا الناس"، وتم الترويج له عبر منصات الفيديو ومواقع التواصل الاجتماعي على شبكة الإنترنت.

ولا توجد طريقة واضحة لاحتساب حجم إنفاق المرشحين على الدعاية الانتخابية في مصر. في هذا السياق، يقول أكرم الألفي، الصحفي بجريدة الأهرام والمتخصص في الشؤون السياسية المصرية، لـ"ألترا صوت":  "ينفق رجال الأعمال عشرات الملايين وهم يتبارون في ذلك كما هناك أوجه أخرى للإنفاق الانتخابي لا يمكن حسابها كأجور المتعاونين في الحملات الانتخابية وتجهيزات المقار". ويضيف: "رغم إقرار حد أقصى بنصف مليون جنيه للإنفاق الانتخابي فإن من السهل التحيًل في الموضوع، وتقديم قائمة غير شاملة لكل ما أنفقه المترشح، ويدعي بعضهم أن أنصارهم يساهمون في الإنفاق على الحملة مثلًا".

اقرأ/ي أيضًا:

هل شاركت في العُرس الديمقراطي اليوم؟

الانتخابات البرلمانية المصرية..أين الشباب؟

الانتخابات البرلمانية المصرية.. الدولة منافسًا

كل انتخابات والإعلام المصري "بخير"!