18-أبريل-2021

من المعرض

ألترا صوت - فريق التحرير

انشغل الفنان التشكيلي المغربي مبارك بوحشيشي، منذ بداياته، بالتساؤلات المتراكمة حول قضية "المغربي الأسود"، بصفتها قضية يمكن الانطلاق منها في قراءة أحوال المجتمع المغربي، وطبيعة العلاقة بين مختلف مكوناته. وسعى إلى بناء تجربته الفنية على أساس البحث في هذه التساؤلات، وتسليط الضوء على ما يثار حولها من نقاشاتٍ إشكالية شائكة، بحيث تتحول اللوحة ذاتها إلى مساحةٍ يخوض فيها نقاشاتٍ مفتوحة حول مسألة التعددية الإثنية في المغرب.

يقدِّم مبارك بوحشيشي في معرضه بورتريهاتٍ لأجسادٍ سوداء تثير تساؤلاتٍ متعددة حول واقعها وطبيعة حياتها ومدى تقبّل الآخر لها

"المرآة الصامتة"، معرضه الجديد الذي افتُتِح في أواخر آذار/مارس الفائت في غاليري "أتوليي 21" بمدينة الدار البيضاء، والمستمر حتى السادس والعشرين من نيسان/ أبريل الجاري، يُعتبر امتدادًا لمعارضه السابقة التي اشتغل فيها على مناقشة حق مختلف الجماعات الإثنية في المغرب في الإعلان عن وجودها، بالشكل الذي يُعبّر عن ماضيها وواقعها وثقافتها، بعيدًا عن الصور النمطية التي فُرضت عليها، وحُصر التعامل معها انطلاقًا منها فقط.

اقرأ/ي أيضًا: أعمال شوقي يوسف.. ما تراه عينك لا ما ترسمه يدك

وبحسب بيان المنظمين، يسعى مبارك بوحشيشي في لوحاته إلى: "تصوير الجسد الأسود وتمثّله داخل المجتمع المغربي"، الأمر الذي يجعل منها: "صورة ذاتية لا يمكن تجاهلها"، ذلك أن: "البحث عن مساحاتٍ فارغة وأخرى ممتلئة، ودقة الحركة التي بصمت بدايات هذا الفنان كرسام تجريدي، علامات تساعد على قراءة الأعمال الجديدة لهذا الفنان الشاب".

فيما اعتبرت الكاتبة فاطمة الزهراء لكريصة، في تقديمها للمعرض، أن "المرآة الصامتة" يجمع: "بين تقديم إجابة عن اختلاف وتغير الجسد الأسود، وبين محاولة إعادة تقييم وسائل تمثل هذا الجسد، عبر تقنيات وأساليب مبدعة اشتغل عليها البوحشيشي للكشف عن المنطق الذي يحكم تشكيل البورتريه".

يضم المعرض أكثر من عشرين لوحة بأحجامٍ مختلفة ومساحاتٍ متنوعة، استخدم مبارك بوحشيشي في إنجازها تقنياتٍ مختلفة، توزعت على الرسم والإنشاءات والفيديو آرت. ويقدِّم الفنان المغربي في لوحاته هذه بورتريهاتٍ لنساءٍ ورجالٍ وأطفالٍ سود، معتمدًا خلفية صفراء اللون تضيء على سواد الأجساد التي تتوسط اللوحة، والتي تُثير تساؤلاتٍ متعددة حول واقعها، وطبيعة حياتها، ومدى اندماجها في المجتمع من جهة، وتقبّل الآخر لها من جهةٍ أخرى.

يجمع معرض "المرآة الصامتة" بين تقديم إجابة عن اختلاف وتغير الجسد الأسود، وبين محاولة إعادة تقييم وسائل تمثّل هذا الجسد

وتبحث هذه البورتريهات، بحسب بوحشيشي، في معنى أن يكون الإنسان اليوم أسود البشرة في المجتمع المغربي، وفي الكيفية التي يتعاطى المغاربة البيض معه من خلالها أيضًا. وتسعى، في الوقت ذاته، إلى تقديم المغربي الأسود كما هو، تمامًا كما لو أنه يرسم نفسه بنفسه، ومن هنا، ربما، جاء اختيار "المرآة" التي تعكس صورة الإنسان وطبيعته، لتكون عنوانًا للمعرض.

اقرأ/ي أيضًا: من أعلام الفن التشكيلي الحديث في فلسطين

وبتقديمه للجسد الأسود كما هو، يقف المعرض على النقيض تمامًا من الصور النمطية، التي قدّمها فنانون مستشرقون بشكلٍ لا يتفق مع واقعه وهويته وشكل وطبيعة حياته أيضًا، في محاولةٍ لا للتصدي لتلك النمطية فقط، وإنما للتعبير عن أحوال مجموعة من البشر الذين يختبرون وبشكلٍ متواصل، نوعًا مختلفًا من الغربة القائمة على إنكار المجتمع لحقيقة المشاكل التي تحيط بهم، وفي مقدمتها تلك المرتبطة بالهوية.

 

اقرأ/ي أيضًا:

هولي واربورتون.. ما يتبقى من الفرد بعد امّحاءه

معرض "Divas".. رائدات الغناء العربي وسيرهنّ