يشهد الملف النووي الإيراني وتطوراته المتصلة تصاعدًا متسارعًا منذ انطلاق جولة المحادثات الإيرانية الأميركية في سلطنة عُمان السبت الماضي.
فقد أُعلن عن جولة تفاوضية ثانية من المرتقب عقدها هذا الأسبوع في العاصمة الإيطالية روما، والتي يُتوقع أن تكون مباشرة بالكامل، وفقًا لمصدر مطّلع تحدّث لموقع "أكسيوس" الأميركي.
في السياق ذاته، توقّع الرئيس الأميركي دونالد ترامب اتخاذ قرارات سريعة تتعلق بإيران، قد تشمل ملف العقوبات واستراتيجية "الضغط الأقصى" التي أعادت إدارته تفعيلها منذ شباط/فبراير الماضي.
وفي موازاة ذلك، من المقرر أن يزور المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية طهران هذا الأسبوع، لبحث سبل تعزيز آليات الرصد والرقابة في منشآتها النووية. كما أعلنت الخارجية الإيرانية عن زيارة مرتقبة لوزيرها عباس عراقجي إلى موسكو، نهاية هذا الأسبوع، لمناقشة نتائج المحادثات النووية مع واشنطن.
وفي تطور موازٍ ذي صلة، كشف وزير الطاقة الأميركي كريس رايت عن قرب التوصل إلى اتفاق نووي بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية، مرجّحًا الإعلان عنه خلال العام الجاري.
ستستضيف العاصمة الإيطالية روما الجولة الثانية من المحادثات النووية بين واشنطن وطهران
زيارة غروسي لإيران تمهيد لمحادثات الجولة الثانية
كشف مصدر مطّلع لموقع "أكسيوس" الأميركي أن المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، سيزور طهران هذا الأسبوع، وذلك قبل انعقاد الجولة الثانية من المحادثات النووية بين إيران والولايات المتحدة في روما. ومن المنتظر أن يناقش غروسي مع المسؤولين الإيرانيين "أنشطة الرصد والتحقق في المنشآت النووية التي تضطلع بها الوكالة الدولية للطاقة الذرية".
ولا يمكن فصل هذه الخطوة عن القضايا المتوقع طرحها في الجولة الثانية من المحادثات بين الوفدين الأميركي والإيراني نهاية الأسبوع الجاري.
ووفقًا لمصادر "أكسيوس"، من المنتظر أن تتناول المحادثات مسألة خفض إيران لمخزونها من اليورانيوم المخصب بنسبة 60%، وهي نسبة تقترب من الحد اللازم لإنتاج سلاح نووي. وتشير معلومات غربية إلى أن إيران تمتلك كمية من اليورانيوم عالي التخصيب تكفي لإنتاج ست قنابل نووية. ويُنظر إلى هذا الخفض باعتباره خطوة أولية نحو التخلص الكامل من اليورانيوم عالي التخصيب، وفي حال وافقت طهران على هذا الطرح، فسيُنظر إليه كمؤشر على جدّيتها في التوصل إلى اتفاق نووي جديد.
في المقابل، تسعى إيران إلى رفع العقوبات الغربية، ويترقب المسؤولون الإيرانيون خطوة مماثلة من نظرائهم الأميركيين، كدليل على جدية واشنطن في المفاوضات.
وفي تأكيد لهذا النهج القائم على مبدأ "خطوة بخطوة"، أعلنت وزارة الخارجية الإيرانية، أمس الأحد، أن المحادثات الجارية مع الأميركيين "تركز حصريًا على الملف النووي ورفع العقوبات".
وكان الطرفان قد أعربا عن تقييم متقارب للجولة الأولى من المفاوضات، إذ وصفاها بـ"الإيجابية والبناءة". ويُشار إلى أن تلك المحادثات تُعدّ الأولى من نوعها بين إدارة ترامب وإيران منذ انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي عام 2018.
وكشف موقع "أكسيوس" عن بعض التفاصيل الجديدة بشأن شكل محادثات سلطنة عُمان، حيث بدأت بشكل غير مباشر لعدة ساعات، قبل أن تنتهي بلقاء مباشر دام 45 دقيقة بين المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف ووزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي — وهي مدة أطول مما أُشير إليه في بيان الخارجية الإيرانية، الذي وصف اللقاء بأنه كان "خاطفًا".
وقد جرى نقل الجولة الثانية من المحادثات إلى روما بطلب أميركي. ورغم أنها لن تُعقد في سلطنة عُمان، فإن الوسطاء العمانيين سيحضرونها، وستكون هذه الجولة مباشرة بالكامل، بحسب موقع "أكسيوس".
ووفقًا للموقع ذاته، التقى ويتكوف، أمس الأحد، بالرئيس دونالد ترامب، حيث ناقشا مستقبل المحادثات وأهداف واشنطن منها. وبحسب مصدر مطّلع، فإن ما تسعى إليه الإدارة الأميركية هو التوصل إلى اتفاق نووي يضمن عدم امتلاك إيران للسلاح النووي، وفي أقرب وقت ممكن، وهو ما يفسّر مهلة الشهرين التي منحها ترامب لطهران، وسرعة وتيرة المحادثات التي تُعقد بمعدل جولة كل أسبوع.
يتوقع متابعون أن تكون للقرارات التي تحدث عنها ترامب صلة بالعقوبات وسياسة الضغط الأقصى على إيران، حيث تطالب طهران بالتوقف عن سياسة التهديدات والعقوبات قبل المضي في التوصل إلى أي اتفاق نووي جديد
ترامب يتوقع اتخاذ قرارات سريعة
قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أمس الأحد، إنه يتوقّع اتخاذ قرارات سريعة بشأن إيران، بناءً على نتائج المحادثات التي جرت السبت الماضي في سلطنة عُمان، والتي من المقرر أن تُستأنف السبت القادم في العاصمة الإيطالية روما. وأوضح ترامب أنه اجتمع بمستشاريه لمناقشة الملف الإيراني، متحدثًا عن "قرار سريع للغاية بشأن طهران".
وكان ترامب قد صرّح، السبت، في حديث مع الصحفيين، أن المحادثات "جرت على نحو جيد، لكن لا شيء يهم حتى ننتهي منها، لذلك لا أفضل الحديث عنها. ومع ذلك، فقد مضت على ما يرام، وأعتقد أن الوضع المتعلق بإيران جيد للغاية".
ويرجّح متابعون أن تكون القرارات المرتقبة مرتبطة بملف العقوبات وسياسة "الضغط الأقصى" التي تنتهجها الإدارة الأميركية تجاه إيران، في وقت تطالب فيه طهران بوقف سياسات التهديد والعقوبات كشرط أساسي للانخراط في أي اتفاق نووي جديد.
وفي سياق متصل، أفادت مصادر بأن المبعوث الأميركي الخاص، ستيف ويتكوف، أطلع المسؤولين الإسرائيليين على نتائج محادثاته مع الجانب الإيراني، وذلك عبر اتصال أجراه مع وزير الشؤون الإستراتيجية الإسرائيلي، رون ديرمر. كما أجرى ويتكوف مشاورات مع عدد من المسؤولين في دول الخليج، في حين قامت طهران بإطلاع كل من قطر والكويت ومصر على مجريات المفاوضات النووية مع واشنطن في مسقط.
وفي تطور آخر ذي صلة، يُنتظر الإعلان عن اتفاق نووي جديد بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية، ما قد يدفع بدول أخرى في المنطقة إلى السعي للحصول على برامج نووية لأغراض مدنية.