أسفرت قرعة مونديال قطر 2022 عن مواجهة تاريخية كبيرة بين إسبانيا و ألمانيا، عندما وضعتهما في المجموعة الخامسة إلى جانب اليابان وكوستاريكا، ويسعى منتخب المانشافت للثأر من هزيمته التاريخية أمام اللاروخا بسداسية، ضمن دور المجموعات لمسابقة دوري الأمم الأوروبية 2020.
على الورق تبدو حظوظ المنتخبين الإسباني والألماني كبيرة لبلوغ دور الـ16، لكن الأداء المتذبذب للمنتخبين في السنوات الأخيرة، وضعت عشاقهما في حالة من القلق المستمر، فما هي أبرز نقاط القوة والضعف وماهي حظوظ كل منتخب في هذه المجموعة لبلوغ الدور التالي؟
منتخب إسبانيا
بعد تعيين لويس أنريكي مدرباً للمنتخب الإسباني عقب خروج الفريق من دور الJ16 لمونديال روسيا 2018، استعاد اللاروخا شيئاً من ألقه الذي فقده منذ سنوات مضت، تحديداً تلك الفترة الذهبية التي امتدت من فوزه بكأس أمم أوروبا 2008، مروراً بالتتويج بكأس العالم 2010 ثم الفوز مرة أخرى بكأس الأمم الأوروبية 2012.
سنوات عجاف عاشها جمهور الكرة الإسبانية، حيث ظهر الفريق بمستوى عادي وأداء متخبط، أسفر عن خروجه من دور المجموعات في مونديال 2014، وفشل في تجاوز دور الـ16 في يورو 2016 بعدما خرج على يد إيطاليا، قبل أن تأتي رصاصة الرحمة في 2018 عندما أزاحته روسيا من طريقها في دور ثمن النهائي للمونديال ذاته.
اختار لويس أنريكي عدداً من اللاعبين الشباب جلّهم من برشلونة، لتنفيذ أسلوب لعب التيكي تاكا ضمن خطة لعبه، فتعلم الفريق الاستحواذ على الكرة لفترة طويلة وتناقل اللاعبون الكرة بسرعة وبعدد كبير من التمريرات، مما يسمح لهم بفتح الثغرات في دفاع الخصوم، فسجل الفريق حضوراً ملفتاً في يورو 2020 التي وصل فيها لنصف النهائي، قبل خروجه على يد إيطاليا بركلات الترجيح، وخسر نهائي دوري الأمم الأوروبية أمام فرنسا بهدفين لهدف.
يملك منتخب إسبانيا عدداً من اللاعبين الشباب كبيدري وجافي والونسو وفاتي وتوريس وغارسيا، إضافة لعدد من لاعبين الخبرة كبوسكيتس وموراتا وألبا وازبيلكويتا وكارفخال، ويعول الإسبان على هذا المزيج بالقدرة على العودة للنهوض بالفريق من جديد وتحقيق إنجاز جيد.
تاريخياً يتخلف منتخب اللاروخا بفارق انتصار واحد عن منتخب المانشافت منافسه المباشر في هذه المجموعة، حيث تواجه المنتخبان في 25 لقاء حقق الألمان الفوز في 9 مباريات وفاز الإسبان في 8 وتعادل الفريقان في 8.
بينما لعب منتخب إسبانيا مباراة واحدة ضد اليابان كانت ودية 2001 والتي انتهت لمصلحته بهدفين مقابل لا شيء، فيما قابل المنتخب الكوستاريكي ثلاث مرات فاز باثنتين وتعادل في مباراة واحدة.
منتخب ألمانيا
سيكون مونديال قطر 2022 الامتحان الحقيقي للمدرب هاينزه فليك وكتيبته، بعد قيامه بالتغيير وضم دماء جديدة للمنتخب، عقب الخروج المذل من دور المجموعات لمونديال روسيا 2018، عندما احتل المنتخب الألماني المركز الرابع في المجوعة التي ضمت السويد والمكسيك وكوريا الجنوبية.
أشاد فليك للتطور الكبير الذي حدث للمنتخب الألماني في المباريات الأخيرة، لكن ذلك لا يعني أن المانشافت وصلوا إلى قمة عطائهم، فكتيبة السيد هاينزه تفتقر للمهاجم القناص الذي اعتدنا في السابق على رؤيته، ويبدو أن هافيرتز وفيرنر ليسوا في المستوى الذي يصل بهجمات المنتخب الألماني إلى بر الأمان.
بالمقابل فيتمتع خط وسط المنتخب الألماني بالقوة والتنوع والشباب والخبرة، إذ يسمح تواجد ساني ومولر وماركو رويس وكيميتش وجنابري وغوندوغان، اللعب بأي رسم تكتيكي دون الخوف من الوقوع في مشاكل عدم تأمين الكرات للمهاجمين، أو حتى مساندة الدفاع في إغلاق منطقتهم ضد الخصم.
أما خط الدفاع فيراهن السيد فليك على العناصر الشابة التي تتمتع بالسرعة والقوة البدنية، ويلعب منتخب الماكينات بالرسم التكتيكي 4-2-3-1، هوفمان ونيكيلاس وروديغير و رووم في الخط الخلفي بحيث يلعب أمامهم كيميتش وغوندوغان أو موسييلا، اللذان يسند لهما المدرب بعض المهام الدفاعية، وبهذه الطريقة يغلق المنتخب الألماني منطقته. في الحالة الهجومية يعتمد فليك على الجناحين ساني وجنابري للعب على الأطراف، وعلى تحركات توماس مولر خلف المدافعين لتأمين المساحة للمهاجم بالتحرك كما يريد.
يفتتح المانشافت مبارياتهم في مونديال قطر بلقاء منتخب اليابان، وستكون المباراة الرسمية الأولى التي تجمع المنتخبين، إذ سبق وتقابلا في مباراتين وديتين فازت ألمانيا بواحدة بثلاثية وانتهت الثانية بالتعادل بهدفين لكل فريق.
منتخب ألمانيا لن يكون في الصف الأول إلى جانب المرشحين للفوز بكأس العالم، لكن الحضور الذهني لهذا الفريق عبر التاريخ ربما يمنح لاعبيه جرعة من الثقة بالنفس، تعطيهم دافع لتقديم أفضل ما لديهم بأقل منسوب من الأخطاء، لنكون شاهدين على عودة أحد أقطاب العالم إلى مستواه الحقيقي.
منتخب كوستاريكا
ما زال الجمهور الكوستاريكي يعيش على أنغام السيمفونية العظيمة التي قدمها لاعبوه في مونديال البرازيل 2014، ولا يمكن لأحد أن ينسى هذا الفريق الذي اعتبره الكثيرون خارج الحسابات في ذلك المونديال لكنه أدهش العالم بخطته الدفاعية المحكمة، إضافة للانضباط الكبير للاعبيه داخل الملعب.
تماماً ما أشبه اليوم بالأمس فالمنتخب الكوستاريكي يلعب في مجموعة تضم إسبانيا وألمانيا واليابان، وتكرار سيناريو مونديال 2014 يراه البعض أنه ممكن، سيما أن المنتخبين الإسباني والألماني ليسوا في مستواهم الطبيعي، بالتالي يمكن لكوستاريكا تحقيق المفاجأة في مباراتها الأولى ضد إسبانيا.
مدرب منتخب كوستاريكا الكولومبي لويس فيرناندو سواريز يعتمد على الرسم 4-4-2 في كثير من الأحيان، ويلعب بالرسم 4-3-3 في بعض الأوقات أما أسلوب لعبه فهو كلاسيكي بحت، يعتمد فيه على إغلاق منطقته ومنع المنافس من الوصول لمنطقة جزاءه، منتظراً ثغرة أو خطأ منافسه لاستغلاله بلعب هجمة مرتدة تشكل خطراً أو فرصة للتسجيل.
منتخب اليابان
يشارك المنتخب الياباني للمرة السابعة في نهائيات كأس العالم، فمنذ استضافته لمونديال 2002 مناصفة مع كوريا الجنوبية، لم يتمكن اليابانيون من اجتياز دور ثمن النهائي في المسابقات الثلاث 2002 و2010 و2018.
يعرف المنتخب الياباني صعوبة الأمر في مونديال قطر 2022 مع وجود منتخبي إسبانيا وألمانيا، لكن منتخب الساموراي يسعى لتقديم أفضل ما لديه لصناعة مفاجأة تسجل باسمه. يعتمد المدرب الياباني هاجيمي موريياسو على نقل الكرة بسرعة بين الخطوط الثلاث، ولا يلعب برسم تكتيكي واحد بل ينوع الخطة والأسلوب، الذي يبدأ ببناء الهجمة من خط الخلف بطريقة سريعة.
يملك منتخب الياباني عدداً من اللاعبين الجيدين كمينامينو وكامادا وكوبو وايندو وتاناكا وهاشيموتو وتاكيهيرو. حدوث مفاجأة في هذه المجموعة هو أمر وارد جداً، فالمنتخب الإسباني والألماني ليسوا بأفضل حالاتهم، وبالتالي فإن منتخبي كوستاريكا واليابان يسعون لاستغلال هذه النقطة لتحقيق نتيجة إيجابية تضاف إلى تاريخهم، بالمقابل فإن الماضي الذهبي للمنتخبين الأوروبيين لا يسمح لهم بتكرار النكسات الحديثة التي يريدونها أن تكون استراحة مقاتل لا أكثر.
