29-نوفمبر-2020

قاد مارادونا الأرجنتين لنيل لقب مونديال المكسيك 1986 (Getty)

لا أعرف لماذا حقيقةً ، لكنّه ومنذ أوّل الوعي، كان مفهوم كرة القدم هو عبارة عن لعبة يلعبها فريقان، الفريق الأول يرتدي الكنزات الصفراء والشورت الأزرق، ولاحقاً عرفت أنه منتخب البرازيل، والفريق الثاني يرتدي القميص المخطّط باللّونين الأبيض والسّماوي مع الشورت الكُحليّ، وهو منتخب الأرجنتين، وكنت أراه الأقوى.

بسبب هذا اللاعب ذو الشَّعر الطّويل الأجعد، مارادونا، كرة القدم كانت هي الشيء الليليّ القادر على جمع كل الجيران للسّهر صيفاً وحتّى الصّباح، أذكر في مونديال أميركا 1994 حين قُطعت الكهرباء في كل الحيّ،  واضطروا جميعاً لمشاهدة المباراة في الباص "الجوريني" وعلى التلفزيون الصغير، الباص الذي كان يقوم أخي الكبير بإصلاحه كـ "مكنسيان".

كانت كرة القدم عبارة عن لعبة يخوضها فريقان أحدهما البرازيل والآخر الأرجنتين التي يلعب مارادونا في صفوفها

كرة القدم هي الفرح والسّهر والصّيف حين يجتمعان معاً، لذلك وفي البداية، واجهت صعوبة في تقبُّل المباريات الأخرى التي لا تحتوي منتخبي  الارجنتين مارادونا والبرازيل، أو على الأقل أحدهما، وحين كنت أستمع للإشاعات التي تقول بأنّ مارادونا "كافرٌ وصهيونيّ"، ويكره المسلمين و العرب، لدرجة استعداده للتبرؤ من قدمه وبترها، لو كانت عربيّة....

كنت أشعر بالغرابة، وبأنّ في الأمر شيئاً خاطئًا، دون معرفة ماهيّة الشيء ولا السّبب، لكن حدسي كان حقيقيًا، وما كانت هذه الكلمات سوى عبارة عن اشاعات يتداولها الناس البُسطاء في ما بينهم ويصدّقونها.

الحُزن على ماردونا لا يشبهُ الحُزن على أيّ شخصٍ آخر، عامًّا كان أم خاصًّا، فبعيدًا عن مواقفه الإنسانية ومفاهيمه الثوريّة في مقاطعة الحروب ومحاربة الرأسمالية، والانتصار لقضايا الشعوب، وخوض الكثير من المجازفات والتحدّيات الصعبة، كاللعب لنادي نابولي وكتابة تاريخه الحديث، كان مارادونا مصدرًا لسعادة الملايين وإلهامهم بلغته الوحيدة، وكأنّه أوّل من لعب كرة قدم في التّاريخ، رحل سيّد الرقم 10 و"يد الإله اليُسرى" وصانع مجد الأرجنتين، المجد لمارادونا وعاشت الأرجنتين.

 

اقرأ/ي أيضًا:

كرة القدم تفتقد أيقونتها.. رحيل دييغو أرماندو مارادونا متأثّرًا بأزمة قلبيّة 

عندما قام مارادونا بكلّ شيء في كأس العالم 1986