28-يونيو-2018

تعرّضت ألمانيا لخسارتها الأولى في التاريخ أمام فريق آسيوي (Getty)

كانت ألمانيا سببًا رئيسياً لحرمان الأرجنتين من كأس العالم في آخر ثلاث بطولات، عندما أخرجت التانغو من الدور ربع النهائي في مونديال 2006، وكرّرت فعلتها في 2010، قبل أن تغلبها في النهائي بمونديال ال 2014، كذلك سحق المانشافت حامل اللقب الماضي البرازيل على أرضها في نصف نهائي النسخة آنفة الذكر بسبعة أهداف شهيرة، ولكن شاءت الأقدار أن يأتي من أقاصي مشارق الأرض فريق رفض أن يخرج من البطولة من الباب الضيّق، فبعد أن تأكّد خروج كوريا الجنوبية من كأس العالم، أبى الفريق الآسيوي أن ينهي آخر مباراة له وخصمه يحتفل بالتأهّل للدور الثاني، فقهره بهدفين صاعقين دون رد، وزاد على ذلك أن تقدّم عليه في ترتيب المجموعة.

اكتفت ألمانيا في هذه البطولة بفوز وخسارتين، ولم تسجّل سوى هدفين وهو أسوأ سجل تهديفي لها في التاريخ

أرعبت الماكينات الألمانية أغلب خصومها في كأس العالم بتاريخه الطويل، ولكن لكلّ زمان دولة ورجال، ولعنة حامل اللقب طاردت المانشافت من أول مباراة له في هذه البطولة حتى آخرها، إذ فشل حامل اللقب في الفوز بمباراته الأولى في المونديال التالي 10 مرّات، كذلك لم ينجح حامل اللقب في تخطّي دور المجموعات بالبطولة التالية خلال كافّة النسخ المونديالية بالقرن الحالي، باستثناء البرازيل حاملة لقب مونديال 2002، إذ ودّعت فرنسا بطلة 1998 مونديال كوريا واليابان من الدور الأول، كذلك فعلت إيطاليا بطلة مونديال 2006 في كأس العالم 2010، وكرّست إسبانيا بطلة 2010 هذه العقدة في 2014، وهنا أكّدت ألمانيا هذه الحقيقة التاريخية المشؤومة.

اقرأ/ي أيضًا: لعنة حامل اللقب.. ألمانيا عاشر بطل يفشل في أولى مبارياته في المونديال

كانت مشاركة ألمانيا في هذا المونديال سيّئة بكافّة المقاييس، فبعد أن تخطّت التصفيات بسجلّ رائع، عندما حقّقت الانتصار في مبارياتها العشر كاملة، ولم تلامس شباكها سوى 4 أهداف، اكتفت في هذه البطولة بفوز وخسارتين، ولم تسجّل سوى هدفين وهو أسوأ سجل تهديفي لها في التاريخ، بل قبلت شباكها 4 أهداف، وهو ما يعادل عدد الأهداف التي هزّتها في التصفيات كلّها. وقلّت فاعليّة اللاعبين بنسبة مرعبة، إذ سدّدوا على مرمى الخصوم 72 كرة في 3 مباريات، وسجّلوا هدفين فقط بنسبة فاعلية بلغت 3% فقط، ونالوا أول خسارة من فريق آسيوي بتاريخهم، في وقت حقّقت به كوريا الجنوبية إنجازاً تاريخياً يتمثّل في الفوز بأقل نسبة استحواذ بلغت 26%، وهو ما لم يحدث منذ مونديال إنجلترا سنة 1966.

في المباريات التي لم يلعب بها مولر أساسيّاً خسرت ألمانيا نصف نهائي مونديال 2010 و نصف نهائي يورو 2012.

فاجأ المدرّب يواكيم لوف الجميع عندما لم يشرك توماس مولر أساسيّا في مباراة كوريا، فهو لاعب استثنائي اعتاد على الإبداع في المناسبات الكبرى، وفي كل مباريات المانشافت الهامّة التي لم يلعب بها مولر أساسيّاً تعرّض الفريق لنكبات قاسية، فخسرت ألمانيا نصف نهائي مونديال 2010 أمام إسبانيا، كذلك تعرّض الألمان للهزيمة أمام إيطاليا في نصف نهائي يورو 2012.

 استحوذت ألمانيا على الكرة بشكل كبير في دقائق اللقاء الأولى، لكنّ هذا الاستحواذ لم يساهم في خلق فرص حقيقية بعكس هجمات الكوريين الخطرة، والتي كادت أن تهزّ شباك الحارس مانويل نيوير بعد أن أفلتت تسديدة يونغ جونج من يده. وكاد أن يفعلها سون هيونغ مين في أواسط الشوط الأول، بيد أن تسديدته كانت شديدة الرعونة، فابتعدت الكرة عن المرمى القريب، بينما اقتصرت محاولات ألمانيا في نصف المباراة الأول على ارتجال أدّاه ببراعة المدافع ماتس هوملس، عندما تخلّى عن مركزه وراوغ الكوريين وصوّب كرة تجاه مرماهم قبل أن ينقذ الحارس الموقف.

اقرأ/ي أيضًا: كأس العالم 2018.. لعنة الثواني الأخيرة تعصف بالمغرب ومصر

رمى لوف كافّة أوراقه في الشوط الثّاني، فكثّف هجمات الفريق التي تفنّن اللاعبون في إهدارها، وكان أوّلها من ليون جوريتسكا وآخرها من هوملس، بين هذا وذاك حاولت كوريا استغلال المساحات الخلفية التي خلّفها هجوم أبطال العالم، قبل أن يوقف كيم يونغ جون ضجيج الماكينات الألمانية بهدف قاتل في الوقت بدل الضائع بالدقيقة 92، أتبعه زميله سون برصاصة أخرى عند الدقيقة 96، مستغلّاً تقدّم الحارس مانويل نيوير إلى الأمام لمساندة المهاجمين، عندها ساند الكوريين بدلاً من ذلك في تسجيل هذا الهدف.

وهنا ودّعت ألمانيا رسميّاً كأس العالم من بابه الخلفي، فهو لا يستحقّ الوصول لأبعد من دور المجموعات وفقاً للأرقام المرعبة التي جمعها في هذه البطولة، إذ أكّد مدرّبه يواكيم لوف على هذه الحقيقة عقب المباراة، وقال: "لم نستحق الفوز بكأس العالم مرة أخرى، ولا التأهل للدور القادم"، لكنّه استبعد مرور الكرة الألمانية بنفق مظلم، فهي ليست أوّل فريق كبير حدث له ذلك، "أعتقد أن لدينا لاعبين صغارًا موهوبين جدًا، وبعضهم لديه القدرة على المضي قدماً، حدث هذا الأمر مع منتخبات أخرى".

 اشتهرت ألمانيا دائماً في عالم كرة القدم بقهرها للمستحيل، وكان المستحيل في هذه النسخة أن تخرج مبكّراً من البطولة، فقهرت المستحيل كعادتها، وخرجت من الدور الأول.

 

اقرأ/ي أيضًا:

ألمانيا تعود في الرمق الأخير.. قلب القواعد على عادة "المانشافت"

قتلٌ ومنشّطات.. أحداث مؤسفة في كأس العالم 1994