24-نوفمبر-2016

صورة انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي تظهر المازري يقبل يد لوبان (تويتر)

"العم توم"، توصيف صار يُلاحق الأسود الذي يتصرف على هدى "العم سام"، الرجل الأبيض. وهو يعود إلى الشخصية الرئيسة في رواية المؤلِّفة الأمريكية المناهضة للعبودية، هارييت بيتشر ستو: كابينة العم توم (1852)، ثاني أكثر الكتب مبيعًا في القرن التاسع عشر، بعد الكتاب المقدّس. يُحيل "العم توم"، وهو تعريف قريب إلى "زنجي البيت" (بخلاف "زنجي الحقل")، إلى الأسود الذي يتكفّل بعناية سيده، ويعيش معه في بيته، ويتكلّم مثله، و"يحب سيده أكثر من حب سيده لنفسه"، وفق تعبير الناشط المسلم الأفرو- أمريكي مالكولم إكس.

أثار مشهد تقبيل الدبلوماسي التونسي السابق المازري الحداد يد ماري لوبان "اليمينية المتطرفة" جدلًا واسعًا

منذ نجاح دونالد ترامب في الوصول إلى كرسي الرئاسة الأمريكية، بل حتى قبل نجاحه، هتف عرب ومسلمون: "عاش ترامب". فرجل الأعمال الأبيض الذي صار رئيسًا، والمعادي للسود والبنيين والصفر والمسلمين والمكسيكيين واللاتينيين، لم تمنع عنصريته الطافحة منتمين للفئات التي يحتقرها من تأييده. ويبدو أن مارين لوبان، زعيمة اليمين الفرنسي المتطرف المشهورة بعدائها للمهاجرين، تحظى بنفس التأييد.

في خطاب دعائي لها، في 15 تشرين الثاني/نوفمبر، قدّمت مارين لوبان شكرًا للمازري الحداد، الدبلوماسي التونسي السابق في عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، الذي كان موجودًا على رأس الحضور. ولم يبخل الحداد بتقبيل يد لوبان أمام كافة الحاضرين، في مشهد فُرجويّ فقير. كأنه يقول: "أنا عربي وتونسي أحب المرأة البيضاء وإن جلدت ظهري أو أخذت مالي، وكلما أمعنَت في الإذلال، انهمكتُ في الطاعة".

اقرأ/ي أيضًا: ماذا لو فازت لوبان برئاسة فرنسا؟

الحداد (1961)، وهو حاصل على الدكتوراه في الفلسفة الأخلاقية والسياسة من جامعة الـ"سوربون" ولديه إسهامات في صحف فرنسية كبيرة، مثل: "لوفيغارو" و"ليبراسيون" و"لوموند"، هو من أشد المدافعين شراسة عن بن علي وفترة حكمه. وهو الأمر الذي يشرح مسلكه في الدعم و"البوس" كثيرًا.

يشعر المؤيدون السابقون للقذافي وبن علي، والمؤيدون الحاليون لبشار الأسد والسيسي، أن اليمين الأمريكي والأوروبي المتطرف، قادر على تصحيح ما فعله الديمقراطيون الأمريكيون و"اليساريون" الفرنسيون، فيما يخص الشرق الأوسط، على مدار الأعوام الماضية. وهم في هذا الرهان يتغاضون عن فاشية وعنصرية هذا اليمين تجاه المهاجرين والأقليات. أيضًا، لا يكف اليمين الأبيض الشعبوي عن إظهار إعجابه بالعسكريين العرب، كالسيسي الذي يراه ترامب "رجلًا قويًا".

كما يقول فلاديمير لينين، "إذا كان علي أن أختار بين اليمين واليمين، سأختار أن أخوض معركتي". بكلمات أخرى، ليس علينا أن نختار بين برنار هنري ليفي، المنظّر الفرنسي الإمبريالي الذي دعم بقوة الإطاحة العسكرية الدولية، بزعامة بريطانيا وفرنسا، بنظام القذافي، وبين المازري الحداد، أو "العم توم" العربي، الذي يرجو دعم الفاشيين البيض في معركته ضد خصومه السياسيين.

اقرأ/ي أيضًا:

هل تحكم الشعبوية المجتمع الغربي؟

كاليه.. برزخ اللجوء