09-نوفمبر-2019

فشلت اجتماعات اللجنة الدستورية في إيقاف القصف على إدلب (Getty)

أنهت اللجنة الدستورية بهيئتها المصغرة في جنيف أعمال جولتها الأولى لعرض ومناقشة أفكارها بهدف صياغة دستور سوري جديد، وركزت الجولة الأولى على إجراءات بروتوكولية للعمل دون تحقيق إجراءات بناء الثقة ومنها وقف القصف على إدلب، وسط عدم وضوح في موقف النظام السوري الذي لم يطرح أفكاره ورؤيته لصياغة الدستور عن طريق وفده، الذي تطلق عليه وسائل إعلامه "الوفد المدعوم من الحكومة السورية"، وليس "وفد الحكومة السورية".

تعد اللجنة الدستورية أحد أبرز مخرجات مؤتمر "سوتشي" الذي استضافته روسيا، نهاية شهر كانون الثاني/يناير 2018

 في حين أظهرت المعارضة "مرونة" في خطاب وفدها والذي لاقى انتقادات من معارضين سوريين وناشطين على وسائل التواصل الاجتماعي، تزامنًا مع تواصل القصف والغارات الجوية الروسية على محافظة إدلب.

اقرأ/ي أيضًا: اللجنة الدستورية قيد الإنجاز.. هل سيكون لبشار الأسد مستقبل سياسي؟

سلة الإرهاب خارج المباحثات

طالبت المعارضة السورية، الجمعة، بمناقشة "سلة الإرهاب"، خارج إطار أعمال اللجنة الدستورية. جاء ذلك في مؤتمر صحفي ختامي بمقر الأمم المتحدة بجنيف، عقده الرئيس المشترك للجنة الدستورية عن المعارضة هادي البحرة، ورئيس هيئة التفاوض نصر الحريري. وقال الحريري في كلمته "نحن هنا وإذ نعلن نهاية الجولة الأولى، نثمن الجهود الخاصة التي بذلتها الأمم المتحدة (..) والجهود التي بذلتها أطراف دولية متعددة للدفع وتيسير عقد الاجتماع... نطالب بفتح سلة الإرهاب، ومناقشة هذا الموضوع خارج إطار أعمال اللجنة الدستورية".

وختم بالقو: "نعلن أن وفدنا جاهز في 25 من الشهر الجاري (موعد الجولة الجديدة)، وسيذهب لتحضير أكثر بعد نقاش قضايا مهمة، والجولة الأولى انتهت بشكل معقول وتوصلنا لمدونة السلوك ومجوعة 45 وبدأت عملها وهو أمر جيد".

من ناحيته، قال البحرة إن "افتتاح أعمال اللجنة الدستورية، وفتح النقاشات، لم يكن سهلًا، وكان على الجميع أن يرجح العقلانية، والجلسات كانت إيجابية، والمبعوث الأممي غير بيدرسون، قام بعمله بتيسير الجلسات دون تدخل، ويجلس مستمعًا مع فريقه، وتم إدارة الجلسات من قبل الرئيسين المشتركين".

ورغم التصريحات الإيجابية القادمة من جنيف، يرى مراقبون أن بيدرسون لم يتمكّن من تحقيق أي اختراق، مثل وقف هجمات قوات النظام وروسيا على إدلب، أو إطلاق سراح المعتقلين لدى نظام الأسد. وهي خطواتٌ تدخل ضمن "إجراءات بناء الثقة" التي طالب بها قبيل انعقاد اللجنة، ولم يتحقق أي منها.

وقالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقرير، إن قوات الحلف الروسي - السوري قتلت 24 مدنيًا، منذ بدء اجتماعات اللجنة الدستورية في جنيف.

وفد النظام يمتنع عن طرح مقترحاته

أنهت الهيئة المصغرة أعمالها في المقر الأممي بجنيف، في خامس أيام اجتماعات لجنة صياغة الدستور المكونة من 45 عضوًا، بمناقشة الموضوعات المتعلقة بترابط السياسة والدستور، حيث قدمت المعارضة رؤيتها وأفكارها، في حين امتنع النظام عن ذلك. وخلال الجلسة الأولى قدم وفد المعارضة ورقة عمل تتضمن الأفكار والمقترحات التي وردت في كلمات أعضاء اللجنة الدستورية خلال اجتماعات الهيئة الموسعة الـ (150 عضوًا) الأسبوع الفائت، وذلك من أجل مناقشتها تمهيدًا لتضمينها في مشروع الدستور الجديد.

من جانبها قدمت مجموعة (المجتمع المدني) مجموعة أفكار شفهية من وحي مداخلات أعضائها خلال اجتماعات الهيئة الموسعة للجنة الدستورية، بينما لم يقدم وفد النظام أية أفكار لا شفيهة ولا مكتوبة، بحسب وكالة الأناضول.

ونقلت وكالة أنباء النظام (سانا) عن جمال القادري عضو وفد النظام أن الوفود المشاركة بدأت يومها الثاني من أعمال اللجنة المصغرة بالنقاش حول جدول الأعمال الذي تم اقتراحه من قبل الوفد "المدعوم من الحكومة السورية"، والذي يتمثل في تفريغ المداخلات التي وردت في اجتماعات اللجنة الموسعة وفرز ما هو دستوري فيها عما هو سياسي. وتابع أن "الكثير من المداخلات كانت مداخلات سياسية بعيدة إلى حد ما عن جوهر الموضوع".

وستكمل الجلسات اللاحقة هذه النقاشات ومواضيع أخرى تم طرحها من قبل المجموعة الموسعة للجنة الدستورية خلال اجتماعاتها الأسبوع الفائت.

 وانطلقت أعمال اللجنة الدستورية في 30 من الشهر الماضي، في مقر الأمم المتحدة بمدينة جنيف السويسرية، من خلال جلسة افتتاحية تضم أعضاء اللجنة الموسعة الـ 150، موزّعين على ثلاثة قوائم تمثل نظام الأسد، والمعارضة، ومنظمات المجتمع المدني.

وتعد اللجنة الدستورية أحد أبرز مخرجات مؤتمر "سوتشي" الذي استضافته روسيا، نهاية شهر كانون الثاني/يناير 2018، ومن المقرر أن تعمل هذه اللجنة على صياغة دستور جديد لسوريا.

هل تغير خطاب المعارضة؟

قال رئيس وفد المعارضة السورية في اللجنة الدستورية هادي البحرة الأربعاء، "إن النصر في سوريا يأتي عبر تحقيق العدالة وكسب السلام وليس الفوز بالحرب". وجاء ذلك في كلمة له خلال الجلسة الافتتاحية لأعمال اللجنة الدستورية السورية في مقر الأمم المتحدة بمدينة جنيف، برعاية من المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، غير بيدرسون.

وقال البحرة "آنَ الأوانُ كي نؤمنَ بأن النصرَ في سوريا، هو كلُّ شيءٍ عن تحقيقِ العدالةِ وكسبِ السلامِ، وليسَ الفوزَ في الحربِ، هذا النصرُ الوحيدُ الذي يمكن لجميعِ السوريينَ مشاركتَه، ويكونوا جزءًا منه". وأضاف أنه "لا يمكن علاج خطابِ الكراهية وجرائمِها بكراهية مقابلة، ولا يمكن للجريمةِ أن تبرر جريمة أكبرَ، ولا يوقفُ الخطابَ الطائفيَ المقيتَ خطابٌ طائفيٌ معاكسٌ، ولا الإرهابَ بإرهابٍ مقابلٍ، فكلُّ ذلكَ أدَّى إلى مزيدٍ من التطرفِ".

وتابع أن "دائرةٌ من العنفِ والقتلِ والتدميرِ، دائرة مفرغة لا نهاية لها ويجب أن تتوقف، من أجلِ أن نحافظَ على ما تبقَّى من وطنِنا". وحول عمل اللجنة الدستورية، قال البحرة "بعدَ السنواتِ الثماني المؤلمةِ التي ابتلتْ شعبَنا في سوريا جئنا هنا من جانِبِنا عازمينَ على البحثِ عن أوجهِ التشابهِ بدلا من الاختلافاتِ". ودعا إلى تغيير الواقع الراهن وطريقة تفكير السوريين والتوقف عن العمل على أساس الدوافع العاطفية.

وفيما يخص الوضع الراهن ومتطلبات الحل السياسي، قال البحرة "ما زالتْ حتى يومِنا هذا قضيةُ المعتقلينَ والمغيبينَ قسريًا دونَ حلٍّ جذريٍّ". واعتبر أن ملف المعتقلين والمغيبين قسرًا أهم ملف يجبُ العملَ على حلِّه بأسرع وقت وبأنجعِ الطرقِ.

وشدد البحرة على ضرورة إطلاق سراح المعتقلين لدى جميع الأطراف السورية والسعيُ لمعرفةِ مصيرِ المفقودينَ والمغيبينَ قسريًا، واحترامُ حقَّ العائلاتِ بمعرفةِ مصيرِ أفرادِها.

من جهته قال رئيس هيئة التفاوض العليا نصر الحريري في تغريدة على تويتر: "تسع سنوات تقريبًا من القتل والتدمير والتهجير في بلدنا الحبيب.. حرقت الأخضر واليابس.. لم تبق حجرًا على حجر.. آن للجميع أن يدرك أنه لا يوجد حل عسكري للوضع في سوريا.. انتقال سياسي حقيقي هو الطريق الأسلم والأسرع لصون دماء السوريين ورسم مستقبلهم وإرساء مصالحة وطنية كفيلة بدوام الاستقرار".

ماذا يريد نظام الأسد؟

تشدد المعارضة السورية على صياغة دستور سوري جديد، في حين أكد بيدرسون أنه "من الخطوة الأولى علينا ألا نركز إذا كنا سنعدل الدستور، أو نعتمد دستورًا جديدًا، لنركز على القضايا الأساسية والدستور وبعدها نقرر". وعن الحل السياسي تابع قائلًا إن "هناك ما يكفي من مواضيع أمام اللجنة الدستورية ونسعى لحماية اللجنة حتى تتمكن من التركيز على عملها، وبعد القرار 2254 الذي له كثير من الجوانب للحل السياسي للأزمة، وهذا ما ذكر في مدونة السلوك".

من ناحيته قال الرئيس المشترك عن وفد النظام أحمد الكزبري: "أنهينا قبل قليل الدورة الأولى للجنة المصغرة، وحاول وفدنا تقديم أفكار لتشكيل أرضية وطنية، نحن نؤمن بالوفد أن هناك ثوابت وطنية لا يمكن لأي سوري وطني إلا وأن يتفق معها بالمطلق". ولفت إلى أن "الدورة القادمة بعد أسبوعين، وستكون لمدة أسبوع واحد فقط، وعمل اللجنة هو جزء من مسار الحل السياسي الأساسي، جئنا هنا لإصلاح دستوري قد يكون بتعديل مواد في الدستور الحالي، وسيبقى نافذًا ليقرر السوريون ذلك، ومنفتحون لوضع دستور جديد".

ديمستورا يعترف

تزامنًا مع انعقاد اجتماعات اللجنة الدستورية في جنيف، والتي لم يستطع عقدها المبعوث الأممي السابق إلى سوريا استيفان ديمستورا، كشف الأخير عن أسباب استقالته من مهتمه، والتي تعود إلى رفضه مصافحة رئيس النظام السوري بشار الأسد.

اقرأ/ي أيضًا: خطة إعادة إعمار سوريا.. منفعةٌ للحلفاء وإمعانٌ في التمييز والاضطهاد

ونقلت صحيفة الغارديان البريطانية عن ديمستورا قوله: "لماذا تركت المنصب في آخر سنة؟ حسنًا، لأسباب شخصية، هذا ما أدليت به بشكل رسمي، أما بشكل غير رسمي فإني شعرت بأن الحرب في البلاد قد وصلت إلى نهايتها، كما أنني حاربت ضد ما جرى في حلب وإدلب وداريا، فلم أستطع أن أكون ذلك الشخص الذي سيقوم بمصافحة الأسد وأنا أقول: "معليش" (أي لا بأس)". وذلك في إشارة إلى المدن التي سيطر عليها الثوار والتي تعرضت لقصف مركَّز قبل أن تسيطر عليها قوات النظام.

أظهرت المعارضة "مرونة" في خطاب وفدها والذي لاقى انتقادات من معارضين سوريين وناشطين على وسائل التواصل الاجتماعي، تزامنًا مع تواصل القصف والغارات الجوية الروسية على محافظة إدلب

وتابع قائلًا: "لم أستطع أن أحلق ذقني في الصباح وأنا أقول معليش، لكن الحروب تنتهي بربح أو خسارة، وهذه الحرب انتهت بخسارة للبلد".