13-فبراير-2025
اللجنة التحضيرية

عقدت اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني السوري اجتماعًا في العاصمة دمشق (سانا)

أعلنت عضو اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني السوري، هدى الأتاسي، انطلاق الأعمال التحضيرية، اليوم الخميس، مشيرةً إلى أن المؤتمر يسعى إلى بحث القضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية بمشاركة جميع أطياف المجتمع السوري، في الوقت الذي أكد فيه المتحدث باسم اللجنة التحضيرية، حسن الدغيم، أن اللجنة، في اجتماعاتها مع المحافظات، ستراعي "تنوع المجتمع السوري".

وكانت رئاسة الجمهورية العربية السورية قد أعلنت في بيان، أمس الأربعاء، عن تشكيل اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني المزمع تنظيمه خلال المرحلة المقبلة، مشيرةً إلى أن اللجنة ستعمل على وضع "معايير عملها بما يضمن نجاح الحوار الوطني". ووفقًا للبيان ذاته، فإن اللجنة التحضيرية ضمت في عضويتها حسن الدغيم، بالإضافة إلى ماهر علوش، محمد مستت، مصطفى الموسى، يوسف الهجر، هند قبوات، وهدى الأتاسي.

خارطة طريق لعمل اللجنة التحضيرية

شدد الدغيم، في مستهل المؤتمر الصحفي، على استقلالية اللجنة، على الرغم من أن تعيينها جاء بقرار من الرئاسة السورية، لافتًا إلى أن "مهمتها تكمن في إدارة الحوار وتيسيره بين السوريين"، كما أكد أن "توقيت انعقاد المؤتمر وعدد المشاركين فيه سيتم تحديدهما مع ممثلي المحافظات"، فيما ستكون "محاوره متروكة للنقاش العام".

انطلقت أعمال اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني السوري، اليوم الخميس، في العاصمة دمشق، حيث من المتوقع أن يبحث المؤتمر القضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية بمشاركة جميع أطياف المجتمع السوري

وأضاف الدغيم أن "ليس من حق أي طرف في سوريا فرض امتيازات خاصة لنفسه، وأن اللجنة ستراعي التنوع والحوار من أجل إفساح المجال لتبادل الآراء، وليس لاستعراض القوى العسكرية"، كما أعاد التأكيد على أنه "لا مكان للمحاصصة الطائفية في المؤتمر، وأن أحد أهداف المؤتمر الوطني هو الحفاظ على وحدة سوريا أرضًا وشعبًا".

وأوضح الدغيم أن "مهمة اللجنة، في النهاية، هي إصدار التوصيات وليس القرارات، وإنها تتألف من خبراء أداروا سابقًا عمليات حوار في إدلب وحلب"، لافتًا إلى أن الآلية التي سيتم من خلالها دعوة السوريين لحضور المؤتمر ستُحدَّد وفق "المعايير الوطنية والنزاهة"، مؤكدًا رفض مشاركة الشخصيات التي أيدت جرائم النظام البائد.

من جهتها، أوضحت الأتاسي أن المؤتمر "يهدف إلى ترسيخ نهج الحوار ومناقشة القضايا الوطنية الكبرى وإيجاد الحلول المناسبة"، مضيفةً أن المؤتمر الوطني سيناقش "القضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية والحوكمة، بهدف وضع أسس راسخة للتوافق الوطني، والعدالة، والإصلاح، والتمثيل الشامل"، مؤكدةً حرص المؤتمر على "إشراك جميع أطياف الشعب السوري لضمان مشاركة حقيقية تعكس التنوع المجتمعي والسياسي".

وكان الدغيم قد قال، في مقابلة مع وكالة الأنباء السورية "سانا"، إن اللجنة التحضيرية بدأت أعمالها "في إعداد الآليات، سواء المتعلقة بإدارة المضامين أو الإدارة التقنية"، مؤكدًا أن "الأعمال ستكون موزعةً على الصعد كافة، سواء التحضير أو التواصل أو زيارة المحافظات أو اللقاء بالمواطنين"، وذلك بهدف ضمان "تمثيل الشرائح الاجتماعية، من حيث التوزع السكاني والخبرات والتخصصات والتأثير الاجتماعي".

وربط الدغيم الدعوة إلى المؤتمر بما وصفه بـ"نضج عملية التواصل وإعداد الأوراق الأولية للتنفيذ"، موضحًا أن "أولويات دعوة السوريين والسوريات إلى المؤتمر الوطني ستأخذ في الاعتبار الوطنية، والتأثير، والتخصص، والرمزية، والخبرة، والإفادة". أما فيما يخص آلية اجتماعات اللجنة التحضيرية في المحافظات، فقد أوضح الدغيم أنه "سيتم الاجتماع بالمواطنين في كل محافظة سورية للوقوف على خصوصياتها، وتنوعها، واختيار الشخصيات الوطنية القادرة على تمثيل مصالح كل محافظة".

كما تطرق الدغيم إلى قضية العدالة الانتقالية في سوريا، معتبرًا أنها "إحدى الأساسيات في بناء الدولة السورية وانطلاقتها نحو نهضة"، ومؤكدًا أنه "لا يمكن تحقيق الوفاق الوطني أو السلم الأهلي إلا من خلال العدالة الانتقالية، التي ستكون بالتأكيد على رأس أولويات الحوار الوطني".

منصة حوارية جامعة

تعكس تصريحات الدغيم والأتاسي رؤية اللجنة التحضيرية التي تسعى إلى تقديم المؤتمر الوطني كمنصة حوارية جامعة، بعيدة عن التحيزات السياسية والطائفية. إذ إن التأكيد على استقلالية اللجنة، رغم تعيينها من الرئاسة السورية، يشير إلى محاولة تقديمها كجهة محايدة ومستقلة تهدف إلى تيسير الحوار. ومع ذلك، يبقى التساؤل مطروحًا حول مدى قدرة اللجنة على ضمان هذه الاستقلالية الفعلية في ظل المشهد السياسي المعقد في سوريا.

كذلك، فإن الدغيم يشير إلى أن المؤتمر لن يكون ساحة لاستعراض القوى العسكرية، وهو طرح يهدف إلى طمأنة الأطراف المختلفة وضمان بيئة آمنة للحوار. أما تصريحات الأتاسي، فتؤكد البعد المؤسسي للمؤتمر، من خلال التركيز على القضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية، مما يشير إلى رغبة في تجاوز الحلول الآنية نحو بناء أسس طويلة الأمد للإصلاح والعدالة. ومع ذلك، تبقى قدرة المؤتمر على ترجمة هذه الطموحات إلى إجراءات تنفيذية مرهونة بمدى تفاعل المجتمع السوري معه، ومدى الالتزام بتطبيق مخرجاته.

تحوّلات في المشهد السياسي

شهدت سوريا تحولات كبيرة في المشهد السياسي منذ مطلع الشهر الجاري، حيث بدأت هذه التحولات بإعلان القيادة العامة لإدارة العمليات العسكرية تعيين أحمد الشرع رئيسًا للمرحلة الانتقالية في سوريا، التي تمتد لأربع سنوات، وما تبع ذلك من إعلان حل جميع الفصائل العسكرية، والأجسام الثورية السياسية والمدنية، على أن تدمج في مؤسسات الدولة.

كما تخللت الفترة الماضية انسحابات لعدة كيانات سياسية من الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة، من بينها المجلس الوطني الكردي والمجلس التركماني السوري، وذلك تمهيدًا لانخراطهما في العملية السياسية داخل سوريا.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن الإشارة إلى بيان الرئاسة السورية، الصادر أمس الأربعاء، والذي ذكر أن وفدي هيئة التفاوض والائتلاف الوطني قد قاما بتسليم العهدة، المتضمنة كافة الملفات الخاصة بهيئة التفاوض والائتلاف الوطني والمؤسسات المنبثقة عنهما، إلى الدولة السورية لمتابعة العمل بها.