05-مايو-2020

يعود اللبنانيون إلى الشوارع بمشاكل أحد (العربي الجديد)

أعلنت وزيرة الإعلام اللبنانية أن الحكومة وافقت بالإجماع على الخطّة الاقتصادية الجديدة، والتي ستحمل رؤية اقتصادية للبنان وتعيده إلى سكة القطار، على حدّ قول رئيس الوزراء حسان دياب، الذي تلا بنود الخطّة في مؤتمر صحفي عقده عِقب جلسة مجلس الوزراء الأخيرة. الخطّة التي وصفها دياب بالخطوة الأولى لإنقاذ لبنان، تتضمن توقيع الحكومة لطلب رسمي للحصول على مساعدة مالية من صندوق النقد الدولي. وتقدّر مصادر حكومية الحاجة اللبنانية المالية اليوم بأكثر من 80 مليار دولار أمريكي. وتتضمّن الخطّة بنودًا متعلقة بتحرير سعر صرف الدولار، وتقليص القطاع العام تدريجيًا، وإعادة هيكلة القطاع المالي والمصرفي.

تستمر التظاهرات والتحركات الاحتجاجية في عدة مناطق لبنانية، مع استمرار إلقاء القنابل ومحاولات إحراق فروع المصارف، التي يعتبر المحتجّون أنها تتحمّل جزءًا كبيرًا من الحال التي وصلت البلاد إليها

ولاقت الخطة سيلًا من ردود الفعل الغاضبة على وسائل التواصل الاجتماعي، كذلك خرج عشرات المواطنين للتظاهر في أكثر من منطقة معّبرين عن رفضهم لما وصفوه بعملية إغراق لبنان أكثر فأكثر في دوامة الديون الخارجية. وقد استغرب المتابعون لجوء الحكومة لخيار صندوق النقد الدولي للاستدانة، بعد حوالي 75 يومًا من نيلها الثقة، في الوقت الذي دأب فيه الفريق السياسي الداعم لها طوال هذه الفترة على التأكيد أنهم لن يلجأوا إلى الاقتراض من صندوق النقد، وأنهم يمتلكون حلولًا بديلة قادرة على إنقاذ لبنان اقتصاديًا. وأبرز هذه المواقف كان على لسان نعيم قاسم نائب أمين عام حزب الله، الحزب صاحب اليد الطولى في الحياة السياسية اليوم، حيث أعرب قبل شهرين عن معارضته لإدارة صندوق النقد للأزمة في لبنان.

اقرأ/ي أيضًا: طرابلس تنتفض.. اللبنانيون إلى الساحات مرة أخرى

وبالإضافة إلى الاستدانة من الخارج وتحميل المواطنين أعباء قروض إضافية لسنوات طويلة قادمة، تضمّنت الخطة بندًا يسمح بتحرير سعر الليرة الرسمي مقابل الدولار ليصبح 3500 ليرة عام 2020، وترتفع تدريجّيًا لتصل إلى 4300 عام 2024. وقد أعلنت العديد من الجهات رفضها لهذه الخطة، وفي مقدمتها جمعية المصارف، وطالبت النواب بردّ القرار وإبطاله، لما له من آثار سلبية على الاقتصاد اللبناني. وقد تخوّف عدد من الناشطين والمتابعين من خطوة تحرير سعر صرف الليرة، واعتبروها تكريسّا وتشريعّا للارتفاع الجنوني في سعر صرف الليرة الذي يشهده لبنان، ما يؤدّى إلى انخفاض القدرة الشرائية للمواطنين بشكل غير مسبوق.

المواطن اللبناني الذي يجدّ نفسه اليوم عالقًا بين فكي جشع الصرافين الذي يرفعون سعر الصرف بشكل جنوني، والمصارف التي تحتجز أموالهم بغير وجه حق، والذي أرهقه الحجر الصحي واستنزف كل مدخراته المالية، لا يجدّ  بديلًا من العودة إلى الشارع للمطالبة بإسقاط  الطبقة السياسية، التي أثبتت خلال العقود الثلاثة الماضية عجزها في قيادة البلاد، حتى وإن تغيّرت الأسماء والتشكيلات الوزارية.

تستمر التظاهرات والتحركات الاحتجاجية في عدة مناطق لبنانية، مع استمرار إلقاء القنابل ومحاولات إحراق فروع المصارف، التي يعتبر المحتجّون أنها تتحمّل جزءًا كبيرًا من الحال التي وصلت البلاد إليها، من خلال حمايتها للطبقة السياسية، وتأمين الغطاء المالي لها من أموال اللبنانيين. كذلك تواصلت عملية قطع الطرقات من قبل المحتجين في أكثر من منطقة، للتعبير عن رفض الارتفاع الجنوني في أسعار السلع الغذائية. وقد شهدت مدينة صيدا تظاهرات للمطالبة بالإفراج عن معتقلين ألقت القوى الأمنية القبض عليهم بعد التحركات الأخيرة، فيما تناقل ناشطون أخبارًا عن تعرض المعتقلين للضرب المبرح خلال التحقيق معهم.

العودة إلى الشارع ستكون مختلفة

للإضاءة على موقف القوى المعارضة، والوقوف على الخطوات المقبلة التي تعتزم هذه القوى القيام بها، كان لـ"ألترا صوت" لقاء مع باسل صالح، الأستاذ الجامعي والناشط في حركة " لحقي" التي كانت من أوائل الدعاة والمشاركين في الانتفاضة  لحظة اندلاعها.

يرى صالح أن العودة إلى الشارع اليوم تختلف جذريًا عن السابق، لأن المعركة الاقتصادية والاجتماعية باتت أخطر بسبب الغلاء المعيشي وانخفاض سعر صرف الليرة، حيث تآكلت القيمة الحقيقية للرواتب بنسبة 60%، فيما خسر آلاف العمال وظائفهم بسبب الانهيار الاقتصادي وصولًا إلى الجائحة. سيكون الجوع هو الشعار الذي يحمله المنتفضون في المستقبل، وبالتالي فإن المعاييرالأخلاقية المتعلقة بالسلمية وبحضارية التحركات قد تسقط، وسنشهد موجات من أعمال الشغب قد تصل إلى العنف في حال استمرت الحكومة في تعنّتها.

يرى صالح أن العودة إلى الشارع اليوم تختلف جذريًا عن السابق، لأن المعركة الاقتصادية والاجتماعية باتت أخطر بسبب الغلاء المعيشي وانخفاض سعر صرف الليرة

وعن المواجهات الأخيرة بين المنتفضين في طرابلس والجيش اللبناني، رأى صالح أن السلطة تسعى اليوم لزج الطرابلسيين في معركة ضد الجيش، لتأليب الرأي العام اللبناني ضد المدينة، وبالتالي تسهيل وصم المشاركين بالتظاهرات بالإرهاب، وهي لعبة قامت بها السلطة في السابق. أما عن الخطة الاقتصادية التي أقرّتها الحكومة، فيؤكد صالح أن معظم القوى الثورية ترفضها بشكل قاطع، وهي تشكل كارثة على مختلف الأصعدة. كذلك شكّك بقدرة الحكومة على تنفيذ رزمة الإصلاحات البنيوية التي يطلبها المجتمع الدولي بسبب الفساد المتفشي في ذهنية إدارة الأمور، فيما يرى أن تحرير سعر صرف الدولار سيؤدي إلى مزيد من الإفقار.

 

اقرأ/ي أيضًا:

 مصارف تحكم لبنان.. الجريمة دون عقاب