08-سبتمبر-2019

أصبح لاجئو اليونان مادة لخلاف إقليمي (DPA)

عادت أزمة اللاجئين في اليونان إلى دائرة الخلاف بين أنقرة وأثينا، مع ورود تقارير تشير إلى زيادة عدد طالبي اللجوء إلى اليونان ومن بينهم سوريون خلال شهر آب/أغسطس الماضي.

بحسب تقارير نشرتها وسائل إعلامية محلية، فإن خفر السواحل اليوناني اعتقل في جزيرة ليسبوس، 547 مهاجرًا في يوم واحد. وأشارت التقارير أن هذا العدد يعتبر الأكبر من نوعه منذ بدء تنفيذ الاتفاق الموقع بين تركيا والاتحاد الأوروبي

ويأتي ذلك تزامنًا مع التصعيد العسكري للنظام وروسيا على إدلب شمالي سوريا، وبحسب تصريحات الاتحاد الأوروبي؛ فإن معظم اللاجئين انطلقوا من الأراضي التركية إلى الجزر اليونانية التي أصبحت مكتظة باللاجئين الذين يعيشون في ظروف إنسانية صعبة.

اقرأ/ي أيضًا: الطريق إلى الوطن (1).. حكايا سوريين ضاقت بهم بلاد اللجوء!

وتشير هذه الزيادة اللافتة في عدد المهاجرين إلى نشاط حركة التهريب المخيفة لأوروبا التي قالت أكثر من مرة إنها غير مستعدة لاستقبال موجة لجوء جديدة على غرار موجة اللاجئين عام 2015. بينما تعلن تركيا بشكل يومي عن "ضبط" مئات اللاجئين خلال محاولتهم الوصول إلى أوروبا عبر اليونان، وهم من جنسيات متعددة على رأسها الجنسية السورية.

أما الجيش اليوناني فبدأ خلال هذه الأيام بنقل عدد من اللاجئين المحتجزين في المخيمات التي كانت ثكنات عسكرية مهجورة، والتي تحولت لمأوى لطالبي اللجوء القادمين من تركيا منذ ذروة أزمة اللاجئين السوريين قبل أربعة أعوام.

اتهامات متبادلة بين تركيا واليونان

وزير الداخلية التركي سليمان صويلو، أعرب عن استياء بلاده من التصريحات الأخيرة للاتحاد الأوروبي التي تزعم ازدياد أعداد المهاجرين القادمين عبر تركيا إلى اليونان. ووصف صويلو، تلك التصريحات بـ"المؤسفة"، مضيفًا "لو أن الاتحاد الأوروبي فكر في تركيا (بمسألة المهاجرين) بقدر تفكيره في اليونان، لربما استطعنا معالجة المشاكل بشكل أفضل"، حسب وكالة الأناضول.

وأكد أن بلاده ساهمت بشكل كبير في الحد من الهجرة "غير النظامية"، مشيرًا أن بلاده ضبطت نحو 237 ألف "مهاجر غير نظامي" منذ مطلع العام الحالي وحتى نهاية آب/أغسطس الماضي.

وأفادت تقارير صحفية بأن السلطات اليونانية أعادت مهاجرين غير شرعيين قسرًا إلى الأراضي التركية، ضبطوا على الحدود التركية مع اليونان الأسبوع الماضي. وادعى 66 من المهاجرين المضبوطين، بأن السلطات اليونانية، أجبرتهم بالقوة على العودة إلى الأراضي التركية.

وذكرت مصادر أمنية للأناضول، أن قوات الدرك التركية، "ضبطت" 777 مهاجرًا بولاية أدرنة كانوا يستعدون لعبور طرق التهريب خارج البلاد. وأكّدت المصادر الأمنية، أن حرس الحدود اليوناني دأب خلال الأشهر الأخيرة على إعادة طالبي اللجوء قسرًا إلى تركيا، عن طريق نهر مريج، بطريقة تتعارض مع اتفاقية جنيف والاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان واتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب. في المقابل قالت وسائل إعلام يونانية، إن الأيام الأخيرة شهدت زيادة في أعداد المهاجرين غير النظاميين الذين يتدفقون إلى جزر البلاد عبر بحر إيجة.

وبحسب تقارير نشرتها وسائل إعلامية محلية، فإن خفر السواحل اليوناني اعتقل في جزيرة ليسبوس، 547 مهاجرًا في يوم واحد. وأشارت التقارير أن هذا العدد يعتبر الأكبر من نوعه منذ بدء تنفيذ الاتفاق الموقع بين تركيا والاتحاد الأوروبي حول الهجرة في 18 آذار/مارس 2016. وأضافت أن أكثر من 6 آلاف مهاجر وصلوا إلى جزر بحر إيجة اليونانية، منذ مطلع آب/أغسطس الجاري.

ولفتت أن "عدد المهاجرين غير الشرعيين المحتجزين في الجزر اليونانية بلغ 24 ألف مهاجر، وأنه يشكل 3 أضعاف القدرة الاستيعابية للمخيمات".

وإثر ذلك استدعى وزير الخارجية اليوناني نيكوس ديندياس، سفير أنقرة لدى أثينا براق أوزكركين إلى مقر وزارة الخارجية، وأعرب له عن انزعاج سلطات بلاده من زيادة عدد المهاجرين الذين يعبرون إلى جزر بحر إيجة اليونانية في الآونة الأخيرة.

من جهتها، ذكرت مصادر دبلوماسية للأناضول، أن تركيا أبدت المحافظة على الالتزام بمضمون الاتفاق الموقع مع الاتحاد الأوروبي حول الهجرة، وأن أنقرة تنتظر من الاتحاد الأوروبي الوفاء بالتزاماته. ولفتت المصادر أن تركيا تتحمل أضعاف الأعباء التي تتحملها اليونان، مشددة على أهمية التركيز على التعاون وإقامة تعاون استراتيجي مع الاتحاد الأوروبي حيال قضايا المنطقة.

تجدر الإشارة إلى أن الحكومة التركية والاتحاد الأوروبي توصلا في 18 آذار/مارس 2016 في العاصمة البلجيكية بروكسل إلى 3 اتفاقيات حول الهجرة، وإعادة قبول اللاجئين، وإلغاء تأشيرة الدخول للمواطنين الأتراك.

إدلب وإسطنبول

ألقت تركيا التي تتلقى بانزعاج الانتقادات الأوروبية؛ باللوم على الهجوم الذي شنته قوات النظام السوري بدعم روسي على محافظة إدلب، مشيرة إلى أنه سبب الهجرة الجديدة، حسب صحيفة تايمز الأمريكية. لكن المسؤولين وخبراء الهجرة في أثينا يرون أن تركيا يمكن أن تستخدم القصف على إدلب كغطاء لحملة أنقرة على أكثر من 20 ألف مهاجر "غير شرعي" في إسطنبول والتي بدأت في تموز/يوليو الماضي، وبلغ عدد سكان المدينة حوالي 15 مليون نسمة وهي المدينة الأكثر اكتظاظًا بالسكان في تركيا.

وقال مسؤول كبير بوزارة الهجرة لصحيفة التايمز: "لا توجد تفسيرات فورية وملموسة لارتفاعات الهجرة التي نوثقها حاليًا.. نحن مترددون في الاعتقاد بأن الهجوم على إدلب يزيد عدد اللاجئين. لا نرى أي دليل على ذلك. بدلًا من ذلك، نشهد روابط مباشرة مع الحملة في إسطنبول".

وتضيف الصحيفة أنه مع إغلاق الطرق البرية إلى حد كبير، يقول عمال الإغاثة التابعون للأمم المتحدة إن الحملة في تركيا شجعت اللاجئين، ومعظمهم من أفغانستان، على عبور البحر المحفوف بالمخاطر إلى جزيرة ليسبوس، وهي الجزيرة اليونانية التي تعد أول ميناء للاتصال في أوروبا.

وقال أستريد كاستيلين من المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة في ليسبوس، إنه "لا أحد من الأشخاص الذين تحدثنا إليهم ووثقناهم هم سوريون من إدلب". وتابع "جميعهم تقريبًا مواطنون أفغان يهربون من إسطنبول خوفًا من عمليات الترحيل واللوائح الصارمة التي تفرضها الشرطة التركية".

منذ بدء عملية الإخلاء في الشهر الماضي، زاد عدد المهاجرين الذين وصلوا إلى اليونان بأكثر من ثلاثة أضعاف من 588 في الأسبوع خلال منتصف تموز/يوليو إلى 1929 في الأسبوع الأخير من آب/أغسطس. في الأسبوع الماضي، في يوم واحد انطلق 657 مهاجرًا مسافة 10 كم عبر بحر إيجة إلى ليسبوس في أسطول من القوارب المطاطية.

الحكومة اليونانية عقدت اجتماعات طارئة واتخذت سلسلة من التدابير العاجلة لتشديد الرقابة على الحدود، وتسريع إجراءات اللجوء وإفساح المجال أمام مخيمات اللاجئين الجديدة. وأمر وزير الدفاع نيكوس باناجيوتوبولوس بإخلاء 15 ثكنة عسكرية مهجورة في البر الرئيسي اليوناني لاستيعاب آلاف اللاجئين الجدد.

وتستضيف اليونان 90 ألف مهاجر في أكثر من 50 مخيمًا ومراكز إقامة منتشرة عبر البر الرئيسي والحدود الشمالية وخمس جزر في بحر إيجة الشرقي. ويشعر المسؤولون وعمال الإغاثة بالقلق من أن تدفقًا آخر للمهاجرين قد يتجاوز قريبًا حد الحكومة اليونانية البالغ 100 ألف طالب لجوء، والذين يقولون أعلاه إنه لا يمكنهم التعامل معه، مما يخلق المزيد من المشكلات الإنسانية لأفقر أعضاء الاتحاد الأوروبي.

ويتوقع المسؤولون اليونانيون المزيد من الوافدين لأن تركيا قد منحت اللاجئين "غير الشرعيين" في إسطنبول حتى 30 من تشرين الأول/أكتوبر لمغادرة المدينة أو إعادتهم إلى الولايات التركية حيث تم تسجيلهم لأول مرة.

اللاجئون السوريون والمنطقة الآمنة

تركيا التي ربطت ازدياد عدد طالبي الجوء في الجزر اليونانية بالتصعيد العسكري في إدلب، تسعى جاهدة إلى إقامة منطقة آمنة شمالي سوريا تستقبل السوريين على أراضيها الهاربين من الحرب، بحسب تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي أشار إلى أن منطقة خفض التصعيد في محافظة إدلب السورية تختفي تدريجيًا بسبب الهجمات التي تشنها قوات النظام السوري.

اقرأ/ي أيضًا: مقدونيا.. بوابة أوروبا المغلقة أمام السوريين

وأضاف أردوغان أنه سيجري كل الاتصالات اللازمة مع الأطراف في المنطقة للتوصل لحل للوضع في إدلب، موضحًا أن المنطقة الآمنة التي اقترح إقامتها في سوريا لاستضافة السوريين الهاربين من الحرب والذين يعيشون في تركيا لا تعدو الآن عن كونها مجرد اسم.

وكما يوضح تقرير من صحيفة نيويوركر الأمريكية، فإن الخوف من المهاجرين استخدم كسلاح سياسي في الانتخابات التشريعية في اليونان، وتغلغل الخطاب السياسي في جميع جوانب الحياة في جزيرة ساموس. حيث علق جناح الشباب في الحزب الشيوعي المحلي لافتة في وسط عاصمة الجزيرة، وهي Vathy، التي كانت تقول "التضامن مع اللاجئين والمهاجرين!". وفي الوقت نفسه، كانت بعض المطاعم الراقية ترفض الخدمة للأشخاص الذين تبدو ملامحهم مثل المهاجرين.

ألقت تركيا باللوم على الهجوم الذي شنته قوات النظام السوري بدعم روسي على محافظة إدلب بشأن ازدياد عدد المهاجرين إلى أوروبا، مشيرة إلى أنه سبب الهجرة الجديدة، متجاهلة تأثير حملة القمع التي تقودها ضدهم

في سياق متصل، تشير صحيفة فورين بوليسي الأمريكية إلى أن خوف أوروبا من اللاجئين قد ينقذ الوضع في سوريا، وتضيف أن الاتحاد الأوروبي تمكن من الاحتفاظ بمعاناة السوريين بعيدًا عن التفكير، غير أن هذه القضية أصبحت الآن ورقة ضغط في أياد عديدة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

الهجرة إلى أمريكا.. سودانيون يحلمون ببلاد العم سام

الهاربون إلى الله.. الوصول إلى ألمانيا!