17-يوليو-2019

مشهد عام من شاتيلا (أ.ف.ب)

قبل بضعة أيام، بدأت وزارة العمل في لبنان بمداهمة المحال التجارية والمؤسسات التي تخالف القانون اللبناني بحسب تقدير الوزارة، فيما يخص العمالة الأجنبية. وقد زاد الحديث عن هذا الموضوع في الأسابيع الأخيرة، وخاصة في ظل الخطابات العنصرية التي انتشرت ضد العمال الأجانب، تحديدًا السوريين والفلسطينيين، إضافة إلى الحملات والدعوات للتضييق عليهم، ومن أبرز هذه الأصوات هناك رئيس التيار الوطني ووزير الخارجية جبران باسيل، إضافة إلى نواب ووزراء تياره، وإعلاميين محسوبين على اليمين المتشدد.

من أبرز الأصوات  المعادية "للعمالة الأجنبية" في لبنان رئيس التيار الوطني ووزير الخارجية جبران باسيل، إضافة إلى نواب ووزراء تياره، وإعلاميين محسوبين على اليمين المتشدد

وقد أدت هذه الإجراءات إلى إقفال عدد من المؤسسات، وفرض غرامات كبيرة على مؤسسات أخرى، مع توجيه إنذارات بضرورة تسوية الأوضاع. وقد تأذى من هذه الإجراءات بشكل أساسي ومباشر، اللاجئون الفلسطينيون في لبنان، الذين شعروا فجأة بأن أمنهم الاقتصادي والاجتماعي، المهترئ أصلًا، على وشك الانهيار.

اقرأ/ي أيضًا: فيديو وصور | الغضب يتصاعد في مخيمات لبنان

كما في كل المواضيع والقضايا، انقسم اللبنانيون حول الإجراءات التي تقوم بها وزارة العمل، وبالخطة التي ينتهجها وزير العمل منذ فترة، والتي يحارب من خلالها العمالة  الأجنبية، تحت شعار حماية العمال اللبنانيين. مع الإشارة إلى أن معظم العمال اللبنانيين، وفي مختلف القطاعات، لا يحصلون على حقوقهم بشكل تام، ويتم التلاعب بتعويضاتهم وبالخدمات الاجتماعية التي يمنحهم إياها قانون العمل، والتي يناط بوزارة العمل تطبيقه، وبالتالي فإنه على الوزارة من باب أولى أن تؤمن حقوق العمال التي لا يحصلون عليها.

بهذا الشأن قال وزير التجارة الخارجية حسن مراد اعترض على إجراءات وزارة العمل وكتب على صفحته على تويتر : "لا يجوز أن نضيف لمأساة الأخوة الفلسطينيين في لبنان مأساة جديدة عليهم، من خلال قطع أرزاقهم وتركهم فريسة للجوع والبطالة. من حق الأخوة الفلسطينيين أن يعيشوا بكرامة في لبنان، مع التأكيد على حقهم بالعودة". أما الوزير كميل بو سليمان فرد على مراد واعتبر أن وزارته لم تخذ أي قرار جديد، نحن نطبق قانونًا ساري المفعول وهو قانون العمل اللبناني، بعدما كنا أعطينا المؤسسات مهلة عدة أشهر  لتسوية أوضاعهم.

وزير التجارة الخارجية حسن مراد: لا يجوز أن نضيف لمأساة الأخوة الفلسطينيين في لبنان مأساة جديدة عليهم، من خلال قطع أرزاقهم وتركهم فريسة للجوع 

أما الوزير السابق أشرف ريفي تمنّى على الوزير بو سليمان إعادة النظر بأي قرار يؤثر سلبًا على حياة الفلسطينيين في لبنان ومعيشتهم، واكد أن التوطين مرفوض في لبنان، وأن الفلسطينيين هم أخوة وضيوف أعزاء بانتظار عودتهم إلى وطنهم. أما الوجه الإعلامي المحسوب على "الممانعة" ولا ينفك يصرح كأنه رأس حربة المقاومة عبر شاشات كثيرة ومتعددة المشارب، الصحفي جوزيف أبو فاضل، والمعروف بمواقفه العنصرية ضد اللاجئين،  أيد إجراءات الوزير بو سليمان، وانتقد ردات الفعل التي حوبهت بها. بينما رئيس حركة التغيير المحامي إيلي محفوض فقد اعتبر أن هذه هي المرة الأولى التي يقوم بها أحد الوزراء بعمل سيادي، وأن الأجنبي هو أجنبي ولا فرق بين سوري وفلسطيني وعراقي، وأن الأولوية تبقى للبناني و" اللي مش عاجبو الله مع دواليبو ".

تظاهرات في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين  

تشهد المخيمات الفلسطينية في  الأيام الأخيرة تظاهرات ووقفات احتجاجية للاجئين في وجه قرارات وزير العمل، ويعتبرون أن اشتراط حصول الفلسطيني على تصريح مسبق من الوزارة لمزاولة العمل هو نوع من التعجيز، مع الإشارة إلى أن هناك 73 مهنة لا يسمح القانون اللبناني  لللاجئ الفلسطيني بمزاولتها.

اقرأ/ي أيضًا: فوبيا اللاجئين السوريين في لبنان.. عنصرية من الوزير قبل المواطن

وأبرز هذه الاحتجاجات كانت في مخيم الرشيدية جنوب مدينة صور، حيث خرج عشرات الشبان الثلاثاء الماضي إلى الشوارع، وقاموا بقطع الطرقات العامة من خلال إحراق الإطارات. كذلك تستمر المظاهرات في مخيم عين الحلوة في صيدا منذ الأحد الماضي. وقد أرسل رئيس المجلس الوطني الفلسطيني سليم الزعنون رسالة إلى رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه بري طالب من خلالها التدخل لمعالجة الآثار السلبية الناتجة عن تطبيق الحكومة اللبنانية لقانون العمل.

فيما اعترضت الكثير من النقابات اللبنانية على قرارات بو سليمان، ورأت أن العمال الفلسطينيين يشكلون جزءًا من الدورة الاقتصادية، وأن إقفال المؤسسات أو معاقبتها بغرامات عالية سيزيد من تأزيم الوضع الاقتصادي اللبناني المتأزم أصلًا.

كذلك توجت الاتصالات بين الأطراف بعقد لقاء بين وزير العمل والسفير الفلسطيني في لبنان استمر لثلاث ساعات، وتم خلاله الاتفاق على منح الفلسطينيين الذين لديهم مؤسسات تجارية، أو الذين يعملون كأجراء بتسوية أوضاعهم خلال فترة تتراوح بين شهرين و6 أشهر.

لا يعتبر الخطاب العنصري والعدائي ضد الفلسطينيين في لبنان بالأمر الجديد، لكن اللافت أن في كل مرة ترتفع وتيرته وتتلبس لبوس قانونية ودولتية أكثر فأكثر

كما شهدت مخيماتٌ فلسطينيةٌ في جنوب لبنان وشمالها، إضرابًا عامًا وإغلاقًا للمداخل، يوم أمس، في إطار احتجاجات متصاعدة خرجت من المخيمات بمشاركة مواطنين لبنانيين، رفضًا لإجراءات وزارة العمل اللبنانية الأخيرة التي تُساوي بين اللاجئ الفلسطيني والعامل الأجنبي.

وأعلن تجارٌ فلسطينيون عزمهم اتخاذ خطواتٍ تصعيديةٍ، على رأسها سحب أرصدتهم من البنوك اللبنانية، على أن تتبع ذلك خطواتٌ أخرى سيبحثونها في اجتماعٍ يُعقد اليوم مع المدير العام للأمن العام ​اللواء عباس إبراهيم، وذلك وفق ما أفاد به موقع "بوابة اللاجئين الفلسطينيين". وقررت لجنة المتابعة الفلسطينية في لبنان الإضراب العام اليوم أيضًا. وشارك المئات من اللبنانيين واللاجئين الفلسطينيين من مخيمات صيدا وصور وبيروت، في وقفةٍ احتجاجيّةٍ حاشدة بمنطقة الكولا في العاصمة بيروت، ورفعوا شعاراتٍ تُطالب وزارة العمل بالعودة عن قراراتها، رغم العراقيل التي وضعها الأمن اللبناني في طريق المحتجين جنوبًا، ومنع الخروج من مخيم نهر البارد شمالاً.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

الفلسطينيون يرفضون صفقة القرن.. واللاجئون في المنطقة الأخطر

سفينة أكواريوس وسياسات الهجرة الأوروبية.. استخفاف بالأرواح