03-أبريل-2016

إحدى فعاليات اللاجئين السوريين للاعتراض على الاتفاق التركي الأوروبي (Getty)

تبدأ تركيا اعتبارًا من يوم الاثنين الرابع من نيسان/أبريل، تنفيذ بنود الاتفاق الذي وقعت عليه مع الاتحاد الأوروبي، والذي ينص على استقبال اللاجئين الواصلين من شواطئها إلى السواحل اليونانية، بعد الحادي والعشرين من آذار/مارس الماضي.

تتخذ دول اليورو قرارات جذرية ضد اللاجئين السوريين، لحماية "الديمقراطية الأوروبية"، متجاهلة المواثيق الدولية لحماية الهاربين من مناطق النزاع

التقارير الصادرة بحسب وكالات الأنباء العالمية، توقعت أن يصل إلى تركيا خلال الأيام الثلاثة القادمة، ما يقارب 750 لاجئًا، سيتم نقلهم من جزيرة ليسبوس اليونانية إلى مرفأ ديكيلي التركي، فيما أكد الجانب التركي أنه بدأ بإعداد مركزين لاستقبال اللاجئين في منتجع شيشما في أزمير.

اقرأ/ي أيضًا: الطائرة المصرية المختطفة..ضربة جديدة للسياحة

صحيفة "الإندبندنت" في تقرير لها نشرته يوم أمس، نقلت عن الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة المعني بالهجرة الدولية والتنمية بيتر ساذرلاند مطالبته الحكومة التركية بتقديم ضمانات كي لا يتم إعادة اللاجئين المعادين من اليونان إلى تركيا.

فيما ركز التقرير الذي نشرته صحيفة "الغارديان" البريطانية، على أعمال العنف التي ينفذها اللاجئون احتجاجًا على قرار إعادتهم إلى تركيا، وهو ما أكده أحد المتطوعين الأيسلنديين، الذي قال إن اللاجئين كانوا يهتفون بـ "لا تركيا.. لا تركيا".

إلا أن جميع الحركات الاحتجاجية، وأعمال العنف التي نفذها اللاجئون، لن تشفع لهم بإكمال مسيرتهم نحو الحلم الأوروبي، حيثُ إن إغلاق الحدود يفتح أبواب التساؤل على العديد من النقاط التي لا يمكن تجاهلها في تعاطي دول الاتحاد الأوروبي مع قضية تدفق اللاجئين إلى أراضيها، والتي يمكن تلخيصها بالتالي:

استخدام اللاجئين كورقة ضغط دولية بين دول الاتحاد الأوروبي والحكومة التركية، حيثُ إن السلطات في أنقرة، أغلقت معابرها البرية مع سوريا بشكلٍ نهائي مطلع العام الحالي، بعد إغلاقٍ كامل لها منذ ما يقارب عامين، فهي في النهاية استطاعت أن تستخدمهم كورقة ضغط، مقابل إعادة فتح ملف انضمامها لدول اليورو، ما جعلها تستخدم الرصاص الحي ضد السوريين الذين يرغبون بالعبور إلى أراضيها بطريقةٍ شرعية، إضافة لترحيلها اليومي للمقيمين داخل أراضيها.

ويظهر أن دول الاتحاد الأوروبي وجدت كفايتها في المهاجرين غير الشرعيين الذين وصلوا إلى أراضيها في العام القادم، بعد تشجيع الحكومة الألمانية باقي دول اليورو على استقبال اللاجئين، إلا أن سياسة الانفتاح على قضية اللاجئين، ساهمت في صعود أحزاب اليمين المتطرف، ما جعلها تعيد حساباتها خشية خسارتها للانتخابات القادمة، وفي صعود حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليمني، مثال كامل على ما يحصل من صعودٍ لليمين المتطرف في أوروبا.

الأرقام التي صدرت عن مؤتمر الدول المانحة لمساعدة اللاجئين السوريين في دول الجوار، تثبت أن دول اليورو قد اتخذت قرارها بحل أزمة تدفق اللاجئين السوريين خصوصًا، ولاجئي الشرق الأوسط عمومًا، رغم أن جميع الدول التي تعهدت بتقديم المساعدات للاجئين، لم تمنح إلا 6% من قيمة المليارات الخمس المخصصة لعام 2016، إضافًة للمليارات الثلاثة المخصصة للحكومة التركية، التي ما زالت مجهولة المصير، بعد تطبيق اتفاق استقبالها للاجئين المعادين إلى أراضيها.

شكلت هجمات بروكسل الأخيرة نقطًة مفصلية في آلية التعامل مع أزمة تدفق اللاجئين، إذ إن معظم التقارير التي تحدثت عن منفذي الهجوم في بروكسل، وقبلها باريس، أكدت على أن منفذي الهجوم هم من أصولٍ عربية، ما يعني أن أوروبا فشلت سابقًا في إنجاح سياسة الاندماج، وهو ما جعلها تصل إلى قرار إغلاق الحدود بشكلٍ نهائي، وتعديل قوانين استقبال اللاجئين لتصبح أكثر صرامًة.

اقرأ/ي أيضًا: انتقام بروكسل..القهر والقهر المضاد

تجاهل دول اليورو لانتقادات الأمم المتحدة، والمنظمات الحقوقية والإنسانية، وعلى رأسها منظمة العفو الدولية، التي وصفت القرار بأنه "ينطوي على عيوب قانونية وأخلاقية"، وتحذيرها من إعادة تركيا للاجئين السوريين إلى سوريا بالقوة، ناهيك عن اعتبار تركيا حتى اللحظة بلدًا غير آمن، يكفي أن نقرأ في مناداة الحكومة الأمريكية رعاياها بمغادرة مدن جنوب تركيا، التي تشهد قتالًا بين حزب العمال الكردستاني والجيش التركي، وهو إن دل، فإنه لا يدل إلا على أن قضية اللاجئين استهلكت إلى حدها الأخير، وانتهى استثمارها في أجندات للدول الفاعلة في القضية السورية

دخول تصنيفات المناطق الآمنة على قبول طلبات اللجوء، فالأحاديث القادمة من معبر إيدوميني تفيد بأن القادمين من دمشق أو حمص سيعادون إلى الأراضي التركية، على اعتبار أنهما مناطق آمنة، وهو ما يعكس حجم التعاطي مع الحراك الروسي في سبيل إعادة الشرعية لنظام الأسد، والذي على ما يبدو بدأ يأخذ مسعًى واضحًا، بعد استعادته لمدينة تدمر الأثرية، متجاهلين ما يمكن حصوله في حال تمت إعادتهم إلى دمشق، التي لا يمكن اعتبارها منطقة آمنة، في ظل سيطرة ميليشيات متعددة الطوائف عليها.

تتعقد أزمة تدفق المهاجرين غير الشرعيين تدريجيًا، ما يدفع دول اليورو لاتخاذ قرارات جذرية، في سبيل حماية "الديمقراطية الأوروبية"، متجاهلةً المواثيق الدولية التي تنص على حماية الهاربين من مناطق النزاع من جهة، وما يتعرضون له في دول الجوار من تهديد يومي بالترحيل إلى حيثُ لا يعلمون مصيرهم، ما يجعل من هذه الديمقراطية المزعومة مجرد قوانين منتهية الصلاحية.

اقرأ/ي أيضًا: 

"إنزال حكومي" على صفيح طرابلس الساخن

عدن..سقوط حصن القاعدة اليمني الأخير