08-ديسمبر-2021

من مشاهد التعذيب في سجن أبو غريب (NewsWeek)

تزامنًا مع انطلاق حملة "لوّن العالم برتقاليًا: فلننهِ العنف ضد المرأة الآن!" التي أطلقتها الأمم المتحدة بمناسبة اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة، الموافق 25 تشرين الثاني/نوفمبر، عكفت مؤسسات مدنية على إطلاق برامج لدعم المرأة وتمكينها، وجاء من بينها برنامج "كوني قوية" الذي تبناه نادي الكويت الرياضي بالتعاون مع الجيش الأمريكي، تحت شعار "كل جندي سفير"، وذلك لتدريب المرأة الكويتية على الدفاع عن النفس تحت إشراف عسكريّات أمريكيات، الأمر الذي انبثقت عنه اعتراضات واسعة باعتبار الجيش الأمريكي معتديًا ومرتكب جرائم، وصاحب أيادي سوداء في المنطقة والعالم. 

انبثقت عن البرنامج التدريبي اعتراضات واسعة باعتبار الجيش الأمريكي معتديًا ومرتكب جرائم، وصاحب أيادي سوداء في المنطقة والعالم

البرنامج الذي لاقى حملة مضادة له على مواقع التواصل، بدأ بنشاطاته في السابع من هذا الشهر على أن يستمر 16 يومًا لتدريب النساء من سن الـ16 وما فوق، ونشرت الرياضية الكويتية بلسم الأيوب مقطعًا مصورًا ضمن التدريبات التي تلقتها المتدربات في اليوم الأول، تضمن تعليمات من الرائد في الجيش الأمريكي ساندرا رايت، في حال محاولة الجاني الهجوم على الضحية.

قاطعن "كوني قوية"

وسم أطلقه نشطاء وناشطات على مواقع التواصل الاجتماعي، لمقاطعة برنامج "كوني قوية"، تعبيرًا عن رفض تلقي أي دعم من جهة عسكرية ارتكبت انتهاكات كبيرة بحق الإنسان عمومًا والعربي خصوصًا، ولاسيما في العراق وأفغانستان، والانتهاكات الحقوقية سيئة الذكر ضد المعتقلين في معسكرات الاعتقال الأمريكية، ومن بينها معتقل غوانتانامو، والذي عرف اعتقال وتعذيب العديد من المواطنين الكويتيين دون وجه حقّ. 

المغردّة التي اختارت لحسابها اسم "شيماء" عبر تويتر قالت ضمن وسم #قاطعن_مبادرة_كوني_قوية "هل يفترض منا التطبيع مع الكيان الاِستعماري الذي اغتصب النساء في أفغانستان، و قتلهن في العراق و اليمن ولبنان .... حتى نتعلم صد العنف المتسرب من فتحات أصابعه؟".

فيما دعت هديل عبر تغريدة، إلى عدم مشاركة مَن هدر حياة نساء كثيرة، وفق تعبيرها، وقالت: "لا ننسى دم الأبرياء". 

بدورها، تعتبر إسراء الهزاع أن على المرأة رفض كافة أشكال العنف وبكل مكان حول العالم، وليس اقتصاره على العنف ضد المرأة في المجتمع الضيق المحيط بها.

أمّا المدرّسة مريم العازمي تؤكّد من جانبها عدم قبولها دعم أو تشجيع "الأعمال الممزوجة بدماء الضحايا من الأطفال والنساء".

وتضامنت صفحة أوقفوا الحرب على اليمن مع حملة المقاطعة، وغرّدت عبر تويتر بالقول، "لا لاستخدام النضال النسوي الحقوقي العربي لأجل مصالح سياسية ووجود عسكري سياسي لا يمت للنسوية وتاريخها بصلة..... لطالما كانت النسوية مناهضة للمنظومة الأبوية الذكورية العسكرية".

 

أما الكاتبة والناشطة القانونية شيخة البهاويد، فقالت متهكّمة: "تعالي تدربي مع الجيش الأمريكي وسائل الدفاع عن النفس وكوني قوية"، ونشرت صورة لإحدى المجندات الأمريكيات التي تظهر صورتها مبتسمة وخلفها جثّة رجل. 

كما أيّدت العديد من الحسابات الأخرى ما نادت به نساء لمقاطعة المبادرة، إذ وضّح فواز فرحان عبر تويتر، رفضه "أي تدخل خارجي في القضايا الداخلية المستحقة في الكويت مثل العنف ضد المرأة وبالأخص من الجيش الأميركي الضالع بانتهاكات في دول احتلها".

كما عبر أسامة عبد الرحيم، عن دعمه للمرأة وقضاياها المستحقة، لكن استنكر تمكين الكويتية عبر جيش أجنبي يعدّ منتهكًا لحقوق الإنسان، وفق وصفه.

"ولا تقربوا الأيادي التي تلطخت بدماء الأبرياء في هيروشيما و الدومينكان و فيتنام و كوريا و السلفادور و تشيلي و بنما و افغانستان و الصومال و العراق و ليبيا و اليمن" يقول أحد مستخدمي منصة تويتر، مشاركًا بالحملة المضادة.

ومع التأكيد على انتهاكات الجيش الأمريكي بحق العديد من العرب وغيرهم، يبرز تساؤل محق على لسان فاطمة التي غرّدت ضمن الحملة المضادة لمبادرة "كوني قوية"، مستفهمة عن وجود برامج وطنية بديلة متاحة للنساء، تمكنهنّ من تعلم الدفاع النفس في البلدان العربية، "هل فيه تدريب مجاني ومفيد للنساء بديل لهذه المبادرة؟".

انتهاكات موثّقة

وبحسب العديد من المغردين والمغردات على الوسم، لم تغب بعد صور انتهاكات الجيش الأمريكي في سجن أبو غريب بالعراق عن الأذهان بعد، فضلًا عن الشهادات التي أدلى بها ضباط وجنود أمريكيون عن انتهاكات من قبل زملاء لهم وقادة بالقوات الأمريكية، قالوا إنها ارتكبت بحقهم أو بحق مدنيين كجرائم التعذيب الجسدي والنفسي، علاوة على الاعتداءات الجنسية التي تعرضوا لها. كما أنّ بعض انتهاكات الجيش الأمريكي ضد المدنيين لم تزل تتكرّر، كما حصل مؤخرًا في حادثة مقتل عائلة أفغانية كاملة، بينها عدة أطفال، أو الضربة الصاروخية التي استهدفت مدنيين في الشمال السوري، هذا بالإضافة إلى الدعم العسكري الأمريكي لدولة الاحتلال الإسرائيلي والتعاون معها. 

ولعل قصة الجندي الأمريكي الذي اغتصب فتاة عراقية كانت تبلغ من العمر 14 عامًا آنذاك قبل أن يقتلها هي وعائلتها، واحدة من سلسلة انتهاكات وحشية ارتكبت بحق المدنيين في العراق، وغيرها من البلدان التي دخلها الجيش الأمريكي، بحجة محاربة الإرهاب، عندما قال الجندي السابق المغتصِب ستيفن ستيفن عن الحادثة: "لم أفكر بالعراقيين كبشر".

كما تحدثت وثائق نشرها موقع The Intercept الأمريكي في أكتوبر/تشرين الأول عام 2015، عن تفاصيل مروعة لحرب الطائرات المسيّرة الأمريكية في الصومال واليمن وأفغانستان، والتي أوضحت أنه وخلال خمسة أشهر من حملة العمليات الخاصة بالطائرات المسيرة في أفغانستان، فإن 90% من القتلى الذين قضوا نحبهم بفعل ضربات جوية أمريكية لم يكونوا هم فعلًا الأهداف المقصودة، ما يفضح عبثية وانتهاك حرب شنها الجيش الأمريكي بطائرات مسيرة شاملة وغير قانونية.

وليس ببعيد عن هذه الأمثلة، قصة الضابط السابق في الجيش الأمريكي، إيان فيشباك (42 عامًا)، والذي توفّي في التاسع عشر من تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، تحت ظروف غامضة وهو متواجد في دار الرعاية التي نقل إليها بسبب معاناة من الاكتئاب، وتدهور بصحته العقلية والجسدية، بعد إبلاغه عن الانتهاكات والتعذيب النفسي والجسدي الذي تعرضوا له المدنيون في السجون الأمريكية بالعراق وأفغانستان.

وكان قد وجه الاتهامات لكبار مساعدي السيناتور الجمهوري الراحل جون ماكين الذي كان عضوا في لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ والسيناتور الجمهوري جون وورنر الذي كان يترأس اللجنة.