أعلنت منظمة "أنقذوا الأطفال" (Save the Children) عن وفاة خمسة أطفال على الأقل في جنوب السودان بعد إصابتهم بالكوليرا، أثناء محاولتهم السير لمسافة ثلاث ساعات تحت أشعة الشمس الحارقة للوصول إلى أقرب مركز صحي لا يزال يعمل، وذلك عقب إغلاق معظم المرافق الصحية في منطقتهم بسبب تقليص المساعدات الدولية.
وأوضحت المنظمة، في بيان صدر اليوم الأربعاء، أن الأطفال، إضافة إلى ثلاثة بالغين، لقوا حتفهم خلال رحلتهم من قرية نائية في مقاطعة أكوبو شرقي البلاد، حيث اضطروا إلى السير في ظروف مناخية قاسية، وصلت خلالها درجات الحرارة إلى 40 درجة مئوية، وسط انعدام المياه النظيفة والأدوية، وتدهور الأوضاع الصحية بشكل عام.
ويأتي هذا في سياق أوسع من التراجع في تمويل المساعدات الخارجية، إذ كانت الإدارة الأميركية بقيادة دونالد ترامب قد أعلنت، في وقت سابق، تقليصًا كبيرًا في المساعدات المقدّمة عبر الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID)، وهو ما انعكس سلبًا على جهود الإغاثة في مناطق كثيرة حول العالم، بما في ذلك جنوب السودان.
اضطر الأطفال للسير تحت درجات حرارة وصلت إلى 40 درجة مئوية بحثًا عن أقرب مركز صحي، في ظل انعدام المياه النظيفة والأدوية وظروف صحية متدهورة
وكانت هذه المجتمعات الريفية تعتمد في السابق على 27 مرفقًا صحيًا أقامتها وتديرها منظمة "أنقذوا الأطفال"، غير أن سبعة من هذه المرافق أُغلقت تمامًا، بينما تعمل العشرون المتبقية بجزء من طاقتها، وغالبًا ما تُدار بجهود متطوعين، دون توفر وسائل نقل للمرضى المصابين بأمراض خطيرة.
وتشهد مقاطعة أكوبو، منذ منتصف شباط/فبراير، تفشيًا حادًا لوباء الكوليرا، نتيجة الفيضانات والأمطار الغزيرة. وتشير تقارير المنظمة إلى أن 44% من الحالات المسجلة هي لأطفال دون سن 17 عامًا.
كما فاقمت الفيضانات أزمة الغذاء، بعد أن دمرت المحاصيل الزراعية، ما أدى إلى معدلات "حرجة" من انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية، وفقًا للمنظمة. ويعاني نحو نصف الأطفال الذين ما زالوا يرتادون المرافق الصحية المتبقية من سوء تغذية، مما يضاعف خطر إصابتهم بالكوليرا وأمراض مميتة أخرى.
واستعرضت المنظمة شهادات من بعض المرضى، من بينهم "سارة"، وهي شابة تبلغ من العمر 24 عامًا من إحدى القرى المتضررة، حيث قالت: "أنا مريضة، بطني يؤلمني ولا أستطيع الحركة. قيل لي إن بإمكاني الذهاب إلى المستشفى في المدينة، لكنه بعيد، وأنا ضعيفة. منذ أن رحلت منظمة أنقذوا الأطفال، فقدنا الأمل".
📌 يشير تقرير لموقع "إن بي سي نيوز" الأميركي إلى أن أكثر من 30 مليون شخص في #السودان بحاجة إلى مساعدات إنسانية.
📌 باتت مطابخ الطعام التي توفر الغذاء والدواء وغيرها من الإمدادات الأساسية معرضة للتوقف بشكل نهائي بعد تجميد الإدارة الأميركية لأنشطة وكالة التنمية الدولية.
📌 بحسب… pic.twitter.com/Em1HMomwun
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) February 13, 2025
أما "مايكل"، وهو عامل صحي متطوع في أحد المراكز المتبقية، فقال: "لم نعد نملك سوى أكياس قليلة من أملاح الإماهة الفموية، ونمنح كل مريض كيسًا واحدًا فقط. لم تعد لدينا أدوية كافية، ولا نستطيع تقديم العلاج المناسب للمرضى".
من جهته، عبّر كريس نيوماندي، مدير منظمة "أنقذوا الأطفال" في جنوب السودان، عن غضبه من تقليص الدعم الدولي، مؤكدًا أن قرارات سياسية اتُّخذت خارج البلاد أدت إلى وفاة أطفال خلال أسابيع قليلة. وأضاف: "يجب أن يستيقظ العالم على الكارثة الإنسانية التي تتكشف في جنوب السودان، حيث يحتاج 80% من السكان إلى المساعدة. يجب أن نمنع تفاقم الأزمة ونعيد الاستقرار لنتمكن من إنقاذ أرواح الأطفال".