28-أبريل-2016

الطلبة ينزلون بالكتاب إلى الشارع الجزائري (الترا صوت)

ليس غريبًا على ساحة البريد المركزي في قلب العاصمة الجزائرية عرض كتب مستعملة، فهي من أشهر الساحات في هذا الباب، إذ لا تخلو يومياتها من طاولات لتجار من مختلف الأجيال يمكنك أن تجد لديهم بالعربية والفرنسية عناوينَ استثنائية.

عرفت ساحة البريد المركزي في العاصمة الجزائرية تظاهرة مميزة تمثلت في تبادل كتب بين الطلاب بهدف خلق علاقات إنسانية وفكرية بين عشاق القراءة

غير أن ما ميزها هذه المرة احتضانها لتظاهرة جلبت الانتباه إليها لطرافتها وجدواها، قامت بها نخبة من الطلبة ينتمون إلى مختلف التخصصات في جامعات العاصمة، مفادها أن تأتي بكتاب قرأته لتأخذ عوضه كتابًا آخرَ لم تقرأه بعد، في عملية تبادل تهدف إلى خلق علاقات ثقافية وإنسانية وفكرية بين عشاق القراءة.

اقرأ/ي أيضًا:  أنا عراقي أنا أقرأ.. 12 ألف كتاب في الفضاء العام

المبادرة التي حملت شعار: "خذ كتابًا وضع آخر" سبقتها مبادرة "الجزائر تقرأ" التي تم إطلاقها من "حديقة التجارب" أقدم وأكبر حديقة في الجزائر العاصمة آيار/مايو 2015، من طرف جامعيين يتقدمهم المدون قادة الزاوي، وضمت عشرات القراء الذين أقبلوا عليها من مختلف المحافظات ليتشاركوا حبهم للقراءة وتوقهم إلى فعاليات تتجاوز الرسميات، وقد تواصلت إلكترونيًا عبر مواقع التواصل الاجتماعي وموقع إلكتروني انطلق مؤخرًا، بصفته فعلًا إلكترونيًا داعمًا للمقروئية في الجزائر والوطن العربي.

هذه المبادرة نفسها ليست الأولى من نوعها التي أقيمت في إحدى أجمل الحدائق في شمال إفريقيا، لكنها الأولى التي استمرت عبر شبكات التواصل الاجتماعي بانضمام الآلاف إليها، إذ يصل عدد المعجبين على شبكة فيسبوك إلى خمسين ألف معجب ومعهم المئات من المتطوعين الذين يبادرون بفعاليات ثقافية محلية تدعمها المبادرة أو تتبناها.

يقول المدون والصحفي قادة زاوي، أحد مؤسسي المشروع لـ"ألترا صوت" إن "نجاح المبادرة في جمع العشرات من القراء الذين قدموا من مختلف المناطق، هو ثمرة لكونها تطوعية بالدرجة الأولى وغير مؤسساتية". "إنها مبادرة من القراء إلى القراء"، ويرجع زاوي استمراريتها والتفاف آلاف القراء حولها لكونها "حافظت على مسارها في البقاء في مضمار القارئ وعدم تحولها إلى منصة ناطقة باسم جهات معينة، كما يحدث مع الكثير من المبادرات التي توجه لغير مسارها الذي انطلقت منه ثم سرعان ما تنطفئ شمعتها".

اقرأ/ي أيضًا: أكذوبة إحصائيات القراءة

وعبر موقعها الإلكتروني، تسعى المبادرة إلى التوسع أكثر عبر فضاء يسمح للقراء بمناقشة مواضيعَ ثقافية راهنة تهم الشارع الجزائري. في هذا الصدد أفادت إلهام مزيود رئيسة تحرير الموقع أن خطوة الموقع جاءت انسجامًا مع دور الوسائط الجديدة في تفعيل العلاقات والمشاريع. وتقول: "لم نكن نبغي أن تحيد المبادرة عما وجدت من أجله وهو القارئ، لكن بعد طرحنا للموضوع على فيسبوك ونال إقبالاً كبيرًا بدأنا المغامرة".

المتطوعون في المبادرة لا يكفون عن النشاط، من النشر اليومي على مواقع التواصل الاجتماعي إلى مختلف المواعيد الثقافية والمبادرات حول القراءة في الجزائر، إلى الإجابة عن طلبات القراء وتوفير الكتب، إلى النقاشات الواسعة التي يفتحونها عبر الموقع الإلكتروني. بالإضافة إلى كل ذلك يُعدّون لمجموعة من الحملات الثقافية التي تعنى بالقراءة والكتب سيطلقونها هذا العام، أهمها التظاهرة الثقافية الكبرى التي ستكون في شهر آيار/مايو القادم بحديقة التجارب لتكون ثانيَ تجمع للقراء.

ما يدلل على نجاح هذا المشروع في مشهد ثقافي جزائري يمضغ يوميًا سؤال المقروئية من غير أي مبادرة فعالة منه، هو خروجه عن المألوف في المشاريع التي ترعاها وزارة الثقافة أو تلك التي ترعاها المؤسسات الثقافية الخاصة.


اقرأ/ي أيضًا:

عن دور النشر وكتبها المترجمة

عطوان وفودة.. داعش باقية وتتمدّد في الكتب