15-سبتمبر-2015

اللاعبات السوريات ضحايا قمع النظام بدورهن (محمد عبد/أ.ف.ب/Getty)

بدايةً، وقبل أن أبدأ بهذه الحكاية لا بد من الاعتذار أولاً من لاعبات الكاراتيه في سورية، فكل ما سيرد أدناه ليست موجهًا ضدهن بأي شكل من الأشكال. هنا، عرض لسياسات النظام السوري بحق الرياضة السورية، والرياضيين السوريين، ومنها رياضة الكاراتيه خاصةً، في الفترة الأخيرة.

فروع الأمن تعربد بالكاراتيه

في الربيع الماضي ــ ومصطلح "الربيع" يثير حساسية النظام ــ أصدر مجلس إدارة الاتحاد العربي السوري للكاراتيه قرارًا عجيبًا. فقد منع هذا القرار كل اللاعبين الذكور في رياضة الكاراتيه ممن هم فوق سن الـ 17 عامًا من السفر والمشاركة في البطولات العالمية للكاراتيه. جاء هذا القرار حسب "لاعبين من نادي دمشق"، رفضوا الكشف عن أسمائهم بطلب من قيادة شعب التجنيد في الجيش السوري، ووزارة الدفاع السورية، ليتوافق هذا مع قرارهم القاضي بمنع كل الذكور دون الـ 42 من السفر خارج البلاد، إلا بعد موافقة شعب التجنيد.

كتبت صحيفة تشرين الموالية للنظام عن القرار مقالًا خشبيًا مخيبًا كعادتها

وقال لاعب آخر في نفس النادي إن إدارة مجلس الاتحاد العربي السوري للكاراتيه تتحجج بحجة غير واقعية، وهي فرار اللاعبين من البطولة والبقاء خارج البلاد هربًا من الخدمة العسكرية في الجيش. وكأن الجيش في سوريا، يوزع الورود على المواطنين. وفي السياق، أضاف اللاعب أن الاتحاد قد سمح لكل اللاعبات "الإناث" المشاركة في هذه البطولات دون استثناء مثيرًا موجة من الاستياء بين اللاعبين السوريين. لكن سرعان ما عاد الإتحاد، وقمع اللاعبات أيضًا.

بطولة صربيا تفضح تدخل النظام

تواصل فرق الكاراتيه العالمية تحضيرات الاستعداد للمشاركة في بطولة العالم للكاراتيه بالشوتوكان، والتي من المقرر إقامتها في صربيا خلال شهر تشرين الأول/أوكتوبر المقبل 2015.

وتلقى الاتحاد السوري للكاراتيه رسالة بتاريخ 13 آذار/مارس 2015 من لاعب الكاراتيه السوري المغترب أسامة عزام، الذي أحرز المركز الثالث في بطولة العالم للكارتيه، طلب فيها الموافقة من "القيادة الرياضية"، ومن اتحاد الكاراتيه على المشاركة ببطولة العالم للكاراتيه بالشوتوكان التي ستقام في صربيا. وقام عزام بتنسب سورية إلى جمعية الشوتوكان الدولية ودفع رسومها السنوية، وأكد أنه سيتبنى مشاركة 100 لاعب ولاعبة من سورية في بطولة العالم بالشوتوكان بمساعدة المغتربين السوريين، والذين سيقدمون الدعم المالي المطلوب وأكد أنه تلقى دعمًا مبدئيًا من المغتربين السوريين وقدره 60 ألف دولار. في البداية وافق الاتحاد السوري على المشاركة في هذه البطولة وتم انتقاء 200 لاعب ولاعبة ليجري اختيار 100 لاعب ولاعبة، ولكن وبسبب قرار الاتحاد السوري السابق، الذي يمنع اللاعبين الذكور من السفر والمشاركة في البطولات العالمية، ألغيت مشاركة سوريا في البطولة، بضغوط من "جهات عليا" في النظام بحجة "منع الذكور من الهرب من الخدمة العسكرية".

جمع المغتربون من أموالهم 60 ألف دولار أمريكي للمشاركة في البطولة العالمية لكن النظام رفض

وأجرت صحف النظام الرسمية مثل تشرين وغيرها لقاءات من ممثلي مجلس الاتحاد العربي السوري للكاراتيه لتوضيح سبب عدم المشاركة، وكانت أجوبتهم تثير السخرية ــ كالعادة ــ ومنها تصريح لجهاد ميا، رئيس الاتحاد، الذي قال إن سبب عدم مشاركة سوريا "هو أنها عضو في الاتحاد الدولي للكاراتيه ولا يحق لها المشاركة في بطولات تقيمها اتحادات أخرى مثل جمعية الشوتوكان الدولية".

ولكن كيف كانت سورية تشارك في بطولات الشوتوكان السابقة، وأحرزت المركز الثالث عبر اللاعب أسامة عزام، واليوم تعتذر، بالإضافة إلى أن سورية عضو في جمعية الشوتوكان عبر أسامة عزام أيضًا؟

حسب تأكيدات من لاعبين من "نادي دمشق"، فإن السبب الفعلي لعدم المشاركة هو قرار الاتحاد السابق، الذي منع اللاعبين الذكور من السفر والمشاركة بالبطولات العالمية تنفيذًا لطلب "جهات عليا داخل النظام".

كتبت جريدة تشرين بخشبيةٍ معتادة: "لم يصلنا طلب رسمي للمشاركة وإن "كوادرنا الوطنية" ليست للبيع والمساومة". السؤال هنا: من الذي يساوم على الكوادر الرياضية في سورية؟ يبدو واضحًا، أن سياسات النظام والاتحاد الرياضي العام واتحاد الكاراتيه السورية تمارس البيع والمساومة بحق الكوادر الرياضية الوطنية، عبر هذه الممارسات، وتخضع ـ كما درجت العادة ــ كل شيء لسلطة الأمن السوري. أما طواحين الهواء التي تخترعها كحجج لعدم المشاركة، فلن تنطلي على أحد. الجميع يعرف من يقف وراء هذه السياسات وسببها الحقيقي الذي جعل الكاراتيه السوري رياضة قيد التراجع، كما كل شيء في البلاد، بسبب هذا النظام.