11-نوفمبر-2020

لوحة لـ إغناثيو إيتيريا/ الأوروغواي

مونولوج 1

 

حبّة الفالْيُوم (1) الملتقَطَة بإبهامكِ وسبّابتكِ

ملقطٌ يُمْسِكُ الرّياح مِن أذنها

تأديبًا لكلّ هذا الصّدى.

حبّة الفالْيُوم ليستْ حكّاءةً جيدةً

تُسقطكِ في النّوم

بعد أنْ تُودِع القصّةَ نهدًا ثالثًا في صدركِ.

حبّة الفالْيُوم التي ترميها إلى عصفور حلْقكِ

ليصْطادها كفراشةٍ أعماها حيادُ الضوءِ الأبيض

متجنّبةً أنْ تخرج كدمعة على لسانكِ المتلمّظ ريقي كذوّاقٍ للنّبيذ...

في هذه اللحظة بالذات

يبتسمُ قَبْو قلْبِي، حيثُ الكثير من الكلام أعتّقُه.

- لستُ حبّة الفالْيُوم –

أسبِّحُ بسيجارتي

أسقطُ الجَمْرَة تلو الجمْرَة في موقد كفّي

وأنا أتلو اسمكِ كدرويشٍ يصرخ

بعد أنْ تيبّست الــــ"مدد"(2) في حلْقِهِ.

*

 

في الخارج يلمعُ شارعُ الإسفلت

كنصل خِنْجرٍ لغجريّ يتربّصُ بمن أدمى خطوتكِ في رقصتكِ اللّيلة

فأُطْفِئ الأنوار

كمن يصمّ سمْعَه

مغمدًا لمعةَ الخنجرِ في دمعة على نصلي.

حبّة الفالْيُوم تتوسّط المسْرح

الضّوءُ يلقي بثقلِه عليها

فينضحُ ظلُّها رغبة بالصّحو

فتمتلئ المقاعد بالجماهير

بالمنكانات التي تذرف دمعًا بطعم النّفط

فيما أنا قاطع التّذاكر

أُرتّبُ معطفكِ في الكواليس

وأقنع الثعلبَ الماكرَ بألّا يفرَّ

فكلاب الصّيد رُفعِت من الواقع إلى المتاحف

على الرغم من أنّ نباحها

يعلو مع كلّ تصفيق لحبّة الفاليوم.

أشمّ شالكِ

هذا الحشيش الصّافي

كرائحة السيرينيات (3)

اللائي نافسنَ عطر بينلوبي (4) في إيثاكا (5)

ومن ثمّ أُمسكُ حذاءكِ

وأمسحُ سواده

بسواد سترتي

فتلمعُ نجمةٌ تحنّ لأصابعكِ.

حبّة المنوِّم أنتِ

وهذا اللّيل في غيابكِ

ازدردَ كلّ النّوم من علبة عينيّ

وتَرَكَ مقلتيّ بيضاوين كالقلق.

 

مونولوج 2

في الحديقة الخلفيّة لظلّكِ

أجلسُ كمقعدٍ خشبيّ

حفر لصٌّ رسمَ وردةٍ على خشبه الطّاعن في السّهاد

بينما وشمتِ على بطّةِ ساقكِ المهاجرة سكِينَ جيبٍ

تخيفين فيها من يصفّر في إثر مشيتكِ.  

*

 

اللون الأزرق القاني الذي تساقط دون هزِّ

ما زال يذكرُ لسان فرشاتكِ

وكيف همزتكِ نفسكِ أنْ تضعيه كطلاء لأظافركِ.

اللون الأزرق يخمشُ – الآن- زجاجَ لهاثي

وينافسُ ورق الخريف، متشرّدًا في الرّبيع.

*

نافذتكِ المطلّة على مسرح السّاحة الخلفيّة شرفةٌ في مسرح فيكتوري (6).

تراقبني نافذتكِ من خلف عدسةٍ مقرّبةٍ

العدسة المقرّبة التي تتّقينَ بها عدوى الحبّ

الّتي أشاعها شكسبير جرّاء عطساته المتتاليّة

وهو يكتب روميو وجولييت.

المقعدُ الخشبيّ كعكاز جون سيلفر

يحلم بقراصنة لا يشبهون قراصنة جوني ديب (7)

بل رسوم المانغا اليابانيّة (8)

وجزيرة تُبحر كسفينة

إنْ أُرخيتِ القلوعُ على أشجارها

القلوعُ الّتي قدّتْ من ستائركِ المُسْدلة.

صمت:

في شارع قلْبي

تَحطّ المقاهي كسربٍ سنونوات.

بائعة الورد تمرّ

أتركُ لها كرسيًّا فارغًا

طاولة، فنجانًا، تصاعد بخارُه

وإنْ لَمْ تمسه القهوة.

بائعة الورد، صديقتي الخياليّة من أيّام الطفولة

الّتي حميتها من حقائق الكبار.

بائعة الورد حقيقةٌ كفاية

لتجلس على الرّصيف

تعقد رباط حذائها

تختفي كالسّنونوات

لمّا تُكمل الشّمس كأس شاي الغروب.

 

هوامش:

1- دواء منّوم

2 - صرخة المتصوفة.

3- -مجموعة من حوريّات البحر، لهنّ أجنحة طيور وأجساد بشريّة ولهنّ صوت جميل عذب يسلب لبّ من يسمعه ويفقده السيطرة على نفسه فيذهب مجبرًا مسلوب الإرادة إلى السرينيّات ويقع في شركهنّ حيث يفترسنه فهنّ متوحّشات ومتعطّشات للّحم البشريّ.

4- زوجة أوديسيوس بطل الإلياذة.

5- مدينة أوديسيوس في اليونان.

6 -  مسرح ازدهر في بريطانيا زمن الملكة فيكتوريا.

7- ممثّل بطل سلسلة أفلام: قراصنة الكاريبي.

8- القصص المصوّرة اليابانيّة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

أصدقاء وموت

فرانك أوهارا: لمَ لستُ رسّامًا؟