22-فبراير-2017

ندى سينوكروت/ فلسطين- أمريكا

1

أحسَبُ أنَّ المُقدَّسَ لم يُولَدْ بعد..!!

 

2

قاسٍ أنْ تُغادِرَ اللُّغةُ التَّعريفات المَفتوحة للغابة..
قاسٍ أنْ ننتظِرَ المُخلِّصَ الذي ينتظِرُنا..
قاسٍ أنْ نُؤمِنَ، ولا نكتشِفَ جَمالَ الخطأ..

 

3

تدورُ الكُرَةُ الأرضيّة ليسَ بدافِعٍ فيزيائيٍّ مَحْضٍ؛ إنَّما احتفاء بالقتل:
هكذا، وبلا مُوارَبة، أخبَرَني القمَرُ.
القمَرُ نفسهُ المُرتبِكُ في تفسيرِ أسبابِ دورانِهِ.
القمَرُ ذو الأشعَّةِ الفضِّيَّةِ الحزينة.

 

4

ينبغي أنْ يُغامِرَ أحَدٌ ما، ويُمزِّقَ الحتميّةَ.
الحتميةُ كراهيّةٌ، والكراهيّةُ أبَدٌ.
لفظةُ "الأبَد" من مُسَبَّقات التَّأويل، وأخطَر لُغم في التّاريخ.، لذلكَ وُلِدَتْ مُنحدَرات الحُرِّيّة الصَّعبة في الوجود.

 

5

تذكَّرْتُ، وأنا أتحدَّثُ معَ القمَرِ أنَّهُ مُدوَّرٌ مثل رغيف خُبز مُغمَّس بالدَّم أمامَ فرنٍ تمَّ قصفُهُ البارحة، لكنَّني لم أُخبرْهُ بذلكَ، لأنَّ دموعَهُ لو انهمَرَتْ ستكونُ كفيلةً لا كي أصمتَ دهرًا فحسب، بل كي أنسحِبَ كشاهِدِ زورٍ على حقيقةِ أنَّ للدِّكتاتور ظلالًا عامِرة.

 

6

هل القتلُ جميلٌ..؟!!
هل يحملنا كسفينة بلا دفَّة قيادة إلى أصالة الحَدْس..؟!!
الدَّمُ والتّاريخُ وصيّة قابيل الذي اخترَعَتْهُ مُخيِّلة لديها رفاهيّة بالِغة في تدوير زوايا الأجوبة.

 

7

ما زلتُ أعمَلُ على ذاتي الغريبة منذُ عُقود!!
هل قلتُ: القتلُ جميلٌ..؟!!
رُبَّما لكي أجِدَ ثَغرةً للمَعنى!!
لكنَّني أيضًا أعتذِرُ يا قمَر؛ وهذهِ هُوِيَّتي: 
-مالِحٌ قليلًا، أصفر حدَّ صخرة، على خَصري عُشبةٌ في أواخِرِ حَمْلِها، يدايَ مائلتانِ كأنَّهُما تسنَّانِ قانونًا للحريق، وفي قلبي -قلبي الفَجوة الباهِرة التي يَغزوها القلَق- دُخانٌ غريبٌ يهتزُّ، ولا يتلاشى.

 

8

الغاراتُ مُستمرّة...
والمُنظِّرُ الهيغليُّ يتحالَفُ مع المُنظِّرِ الماركسيِّ حولَ عدمِ الحاجة لإعادة توزيع الثَّروة!!
العدالةُ عجوزٌ لا تكفُّ عن سردِ الحكايا كي يغفوَ البشرُ بشيءٍ من الاطمئنان.
القمَرُ أيضًا وجهُ طفلةٍ لم تجِدْ رغيفًا مُدوَّرًا تأكلُهُ هذا المساء.

 

9

اللُّغةُ حينما تُسوِّغُ تصيرُ فائِضَ فقرٍ/فائِضَ عُنفٍ.
اللُّغةُ حينما تكونُ ذيْلَ السَّببيّة، تتشظَّى من داخلِها مَخافةَ الموت.
القمَرُ والخُبزُ والوُجوهُ ثُلاثيٌّ بائِسٌ يُحاوِلُ الفرارَ من حاجزٍ أمنيٍّ يستعدُّ عناصِرُهُ لتعفيشِ قصيدةٍ في رَحِمِ أُنثى استُشهِدَ دربُها بينَ أشواكٍ انتفضَتْ كي تُشيرَ إلى المُغتصِبِ الذي عرَّى المَسافةَ الرُّوحيّةَ أمامَ القلب الأخضَر المَفجوع لإذلالِهِ!!

 

10

القمَر والخُبز والوُجوهُ شهادةٌ ضدَّ أعداء الحركيّة كُلَّما انبثَقَتْ من جديدٍ، ووصمةُ عارِ المَسؤوليّات الكونيّة.

 

11

تُعوِّلُ السُّلطةُ على الأرانِب الجَبانة.
في الشَّرايين كُرَّيّات دَمويّة كسولة، وتكرَهُ الدَّوران، وفي الجينات "مرحبًا" مُرْجأة تصطدِمُ دائِمًا بشِعارات مُنجَزَة كهياكل القُبور.
فائِضُ العُنف القميصُ الذي التصقَ قُماشُهُ بالجِلْد، فتعفَّنَ.
ليتَ الأسئلةَ تتفوَّقُ على الفضيحةِ الخرساء مرَّة واحِدة في تاريخ هذا العالَم..!!

 

12

قُطعانُ "الدِّفاع الوطنيّ" صِلَةُ الوصلِ التي تُؤسِّسُ للفَهْم الآنيّ بينَ القمَر والخُبز والوُجوه: الفَهْمُ الآنَ تراجيديا؛ أو لأقل: ثمَّةَ مُثلَّث بلا أضلاع لكينونة مَهدورة للتَّوّ..
الآنيُّ يستغيثُ ويطلبُ نجدةَ الكُلِّيّ.

 

13

قصيدةُ نزار قبّاني "خبز وحشيش وقمَر" تأخُذُ دلالاتٍ مُغايِرة في هذهِ الحِقبة..
لم تغِبْ مُفردةُ "الوُجوه" عن عنوان قصيدة نزار، إلّا لتظهَرَ تجاعيدُ الانكسار القادِم.
القمَر والخُبز والوُجوه دورانُ الرّيح بحثًا عن احتكارٍ مُغايِرٍ لا يُسلِمُها للبوْحِ القاسي: الكلام حولَ ما حدَثَ ويحدُث أشدُّ إيلامًا من مَجزرة.
ليتني لسانٌ أعجميٌّ يتشدَّقُ بمَجازٍ رومنتيكيّ.

 

14

الصَّمتُ وسيطٌ قذِر أحيانًا، لأنَّهُ يعضُدُ من حيثُ لا يدري الاختناق، سوى أنَّ كتابة كلمة واحِدة مُضادّة بمُبادَرة مُشوَّشة أفضَل من عمليّة جراحيّة لحُلْمٍ في حالة صحِّيّة خطيرة.

 

15

كنتُ أحلُمُ منذُ يوميْن بتوليد مُخيِّلة سياسيّة خلّاقة: صوتُ المَعارِكِ والقصف والغارات والانفجارات لم يمنعني من الأمَل: الأمَلُ هذيانٌ يُؤرشِفُ الوجودَ كجنينٍ مُشوَّهٍ من حقِّهِ أنْ يعيشَ.
الجنينُ المُشوَّهُ موجودٌ بشريٌّ عبقريّ في علم الاحتمالات.

 

16

تدورُ الكُرَةُ الأرضيّةُ، وتتحوَّلُ المَعادِنُ والنَّفطُ في أحشائِها إلى خُمورٍ: الأرضُ سكرى ليسَ حُكْمَ قيمَةٍ مِعياريًّا..
الأرضُ سكرى: كارثةٌ تتكرَّر لننسُلَ الحُرِّيّة باحتراف.
الأرضُ أيضًا قمَرٌ وخُبزٌ ووُجوهٌ.

 

17

المَعرفة سيف، واللّامَعرفة سيف؛ وفي الحالتيْن: الرُّؤوسُ تتدحرَج.

 

18

الوعيُ الأُكذوبةُ المُفضَّلة عندَ السُّلالات المُتصالِحة مع مُكتسباتِها، بينما التَّجريبُ هوَ ثورةُ المَظلومينَ المَسكوت عنها دائمًا.

 

19

حُرِّيَّتي تدورُ معَ الكُرَة الأرضيّة، وتُنقِّبُ عَنِ النَّبعِ المُظلِمِ كي تغتسِلَ بدمعِ عينيْهِ، فتضيءُ غزلانُهُ..
كُلُّ جُهدِها مُنْصَبٌّ، لا على رفعِ صخرة سيزيف إلى الجُلجلة؛ إنَّما على إيقافِ هذا الدَّوران الاعتياديّ المرير.

 

20

الكُرَةُ الأرضيَّةُ في لحظةِ مُكاشَفَةٍ قريبة ستدعو من سوريّا القمَرَ والخُبزَ والوُجوهَ إلى استدارةٍ مُختلِفةٍ تنسفُ المُرورَ العابِرَ للتَّنميط في صفحات التّاريخ، وتفتَحُ نوافِذَ المَراكِزِ والهَوامِشِ على مُمكِناتٍ غير مُتوقَّعة..؟!!.

 

اقرأ/ي أيضًا:

يُكتب في خانة الاسم: مجهول

عندما يتعلق الأمر بالضحايا