03-مايو-2017

الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ونظيره الأمريكي دونالد ترامب (مارك ويلسون/ Getty)

خلال جلسة لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي، جاء ذكر عدة نقاط حول المعونة الأمريكية المقدمة لمصر، والتي كانت إحدى الموضوعات الأساسية التي من أجلها زار الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي الولايات المتحدة الأمريكية في نيسان/أبريل الماضي.

المثير للاهتمام تغافل الصحف المصرية عن ذكر ما جاء في جلسة مجلس الشيوخ الأمريكي، رغم ما تمثله المعونة الأمريكية من أهمية بالغة بالنسبة إلى مصر، أو إلى القوات المسلحة المصرية على وجه الدقة.

المعونة الأمريكية لمصر.. حقائق هامة

بدأت العلاقات بين الولايات المتحدة الأمريكية ومصر في أخذ شكل جديد أكثر دفئًا، مع عام 1974، حيث صدر قانون المساعدات الخارجية الأمريكية لمصر. ومع توقيع مصر لاتفاقية كامب ديفيد بشكل رسمي، اعتُمدت المعونة الأمريكية لمصر بشكل رسمي عام 1979، ثم كان العصر الذهبي للمعونة خلال فترة الاستقرار النسبي في الثمانينات.

أهم بنود المعونة العسكرية الأمريكية لمصر، هو الحفاظ على علاقات متوازنة مع إسرائيل

وخلال حرب الخليج في بداية التسعينات، كانت المعونة في أفضل حالاتها، إذ خصص مبلغ 1.3 مليار دولار كمعونة عسكرية، فيما خصص 800 مليون جنيه للاقتصاد، ولكن في عام 1999 قررت الولايات المتحدة، خفض المعونة المخصصة للاقتصاد إلى 250 مليون دولار، بينما ظلت المعونة العسكرية كما هي.

اقرأ/ي أيضًا: وثائقي "العساكر".. هل يستحق كل هذا الضجيج؟

وللمعونة الأمريكية لمصر شروط، تحكم بشكل كبير معظم أوجه صرفها، سواءً لمصلحة الاقتصاد الأمريكي، أو السياسة الأمريكية. فعلى سبيل المثال، يشترط برنامج الاستيراد السلعي من مصر، الحصول على السلع التي يمولها المشروع من الشركات الأجنبية، ما يعود على هذه الشركات بأرباح إضافية على أرباحها الأساسية التي تتحصل عليها من السوق العالمية.

وعلى المستوى العسكري، لعل أهم البنود الحاكمة للمعونة الأمريكية، هو الحفاظ على علاقات متوازنة مع إسرائيل، وبخاصة في منطقة سيناء وقناة السويس.

وقائع جلسة الكونغرس: تململ من نظام السيسي

في 25 نيسان/أبريل المنصرم، أذاعت عدة قنوات إعلامية -ليس من بينها أي قناة مصرية- وقائع جلسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس الأمريكي حول المعونة الأمريكية لمصر. وشملت الجلسة إعادة تقييم أوضاع النظام السياسي الحالي في مصر، وما إذا كانت الولايات المتحدة سوف تستمر في دعم هذا النظام أم لا.

وأشارت الجلسة إلى الوضع المتدهور للحقوقيين ونشطاء المجتمع المدني في مصر، لمحاربة النظام لهم وملاحقتهم أمنيًا، مع إشارات متكررة لقضيتي آية حجازي وجوليو ريجيني، كما لفت عدد من الأعضاء إلى ما يتضمنه هذا التدهور في الأوضاع الحقوقية بمصر، من دعاية مضادة للولايات المتحدة كونها داعمة للنظام المصري باستمرار تقديم المعونة، فيما طالب لينوفسكي، المساعد السابق لوزير الخارجية الأمريكي لشؤون حقوق الإنسان، بقطع 50% من المساعدات المقدمة لمصر، بسبب "عدم احترام النظام المصري لحقوق الإنسان".

ومن جهة أُخرى، أُشير خلال الجلسة إلى تراجع الدور المصري في كل من ليبيا وسوريا واليمن، ما يستدعي بحث الولايات المتحدة عن شركاء آخرين "يُريدون العمل فعليًا مع الولايات المتحدة".

وفي معرض السؤال عمّا إذا كان قطع أو تخفيض المعونة العسكرية والاقتصادية لمصر، سيؤثر على العلاقات مع إسرائيل، أكّد السيناتور إيليوت أبرامز على أن العلاقات المصرية الإسرائيلية "قوية جدًا"، مُدللًا على قوتها بانطلاق طائرة عسكرية من الأراضي المصرية لمراقبة تنظيم داعش في إسرائيل! 

وعلى جانب آخر، أشار السيناتور ميشيل دان، إلى تردي مستوى التعليم والصحة، وارتفاع معدلات البطالة، مع تزايد أعداد السكان، دون أن يقابل ذلك تنمية حقيقية وخلق لفرص عمل، ثم أعاد إيليون أبرامز الحديث عن عدم استقرار الأوضاع في مصر، مشيرًا إلى أن سوء الأوضاع قد يُؤدي إلى عدة انتفاضات أخرى في أي وقت.

وأشار أحد أعضاء الكونغرس أيضًا إلى الدعاية السلبية التي تقودها الحكومة المصرية ضد برنامج المساعدات الأمريكية، بخاصة في مجال التعليم، التي تُروج إلى أنه نوع من "الاختراق الداخلي للنسيج الاجتماعي لبث قيم غربية بداخله"، داعيًا إلى إلغاء بند المساعدات التعليمية، وأن تُحوّل إلى منح تعليمية تقدم لأفراد عاديين.

تُروج الحكومة المصرية لكون المعونة الأمريكية الخاصة بالتعليم، تمثّل "اختراق للنسيج الاجتماعي لبث قيمٍ غربية"

أما بالنسبة للوضع في سيناء، فقد أعرب كثير من الأعضاء في الجلسة عن اندهاشهم من الأموال التي تصرف على أسلحة الحروب النظامية، في حين أن الجيش والشرطة يواجهان حرب عصابات في سيناء، وهي حرب من السهل السيطرة عليها، بخاصة وأن الأعداد المقدرة لعناصر تنظيم ولاية سيناء، لا تتجاوز 500 مقاتل. ووفقًا للينوفسكي، فإن الولايات المتحدة عرضت على مصر مساعدتها في حربها في سيناء، بتزويدها بخبراتها في حرب العصابات في أفغانستان، لكن العرض لم يقابل باهتمام من قبل النظام المصري. 

أما بالنسبة للعلاقات المصرية مع روسيا، فقد كانت من أهم البنود التي نوقشت في الجلسة، إذا قال إيليون أبرامز إن "الروس لا يدفعون أموالًا، ولكنهم يقدمون القروض، ويبيعون الأسلحة، ويقومون مع المصريين بتدريبات مشتركة، ولكننا يجب أن نكون صارمين بشأن العلاقات المصرية مع الروس". وقد لفت أحد الأعضاء إلى أن توطيد العلاقات مع روسيا هي لعبة تمارسها الأنظمة الديكتاتورية لـ"ابتزاز" الولايات المتحدة فيما يخص المساعدات.

اقرأ/ي أيضًا: لأول مرة.. مصر وروسيا تقيمان مناورات عسكرية مشتركة

في المقابل، ترى الولايات المتحدة، وفقًا لجلسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس، أن النظام المصري قد تحول إلى شريك "ممتاز" لإسرائيل، في "حفظ الأمن والعمل ضد حركات المعارضة والمقاومة في الداخل الفلسطيني".

المعونة الأمريكية "حق مصري مكتسب"!

في أكثر من مرة ذُكر في الجلسة التي نظمها الكونغرس، أن النظام المصري يعتبر المساعدات الأمريكية لمصر "حق مكتسب"، يُمنح دون شروط، وفي المقابل لا يقدم النظام المصري أية شراكة حقيقية من أجل استمرار دعمه من الجانب الأمريكي. وكل ما يفعله النظام المصري الآن حيال الأمر، هو المزيد من القمع ضد معارضيه، وفي المقابل يتمثل الرد الأمريكي في الشجب والاستنكار دون اتخاذ موقف جاد، باستثناء حالة آية حجازي التي تدخل فيها دونالد ترامب شخصيًا مؤخرًا. 

 

اقرأ/ي أيضًا:

قمة ترامب والسيسي في واشنطن.. الدولارات أولًا!

كيف فشلت الـ"CIA" في تحذير إسرائيل من 6 أكتوبر؟