30-مارس-2016

يتنقل سريعًا بين أكياس القمامة الصغيرة باحثًا عن فضلات طعام أو بقايا زجاجات(محمد حويس/أ.ف.ب)

يغربل القمامة بيديه كل صباح ومساء، نفايات منزلية وأخرى عضوية يجمعها أمامه يقلبها قبل نقلها إلى مكب النفايات في محافظة "الحديدة"، غرب اليمن، يتنقل سريعًا بين أكياسها الصغيرة باحثًا عن فضلات طعام أو بقايا زجاجات ماء أو مشروب غازي، هذا حال محمد، ذي الثلاثة عشر عامًا، وحال أقرانه الذين يعيشون وعائلاتهم منذ عدة أشهر في المكب ولم يعرفوا هناء النوم أو الشعور بالشبع. تحدث محمد لـ"الترا صوت": "قدمت مع أسرتي نازحًا من مديرية "حرض" في محافظة حجة، شمال اليمن، وذلك هربًا من مدفعيات الهاون ورصاص الرشاشات وقصف الطائرات الكثيف والتي دمرت مدينتنا، الآن نحن هنا بلا مسكن ولا مشرب ولا مدارس، فقط نأكل ونشرب من القمامة ثم ننام فيها".

يعيش آلاف النازحين في "الحديدة" اليمنية من بقايا القمامة ويتخذون من مصبات النفايات مسكنًا في ظل ضعف المساعدات المحلية والدولية

اقرأ/ي أيضًا: اليمن.. محميات عدن الطبيعية مهددة!

عشرات الأسر، التي نزحت من مناطقها المحاذية للمملكة العربية السعودية، هربًا من ويلات الحرب، يطالبون المنظمات المحلية والدولية بسرعة الاهتمام بهم ومساعدتهم على الحصول على الغذاء وبقية المواد الحيوية قبل أن يفتك الجوع بهم أو الأوبئة والأمراض، وإن كانت القمامة تعود بالخطر على صحتهم جميعًا، فليس أمامهم خيار آخر سوى القبول بالحاصل الذي ليس في يديهم حيلة لتغيره. يقول علي، رب الأسرة الثلاثيني، لـ"الترا صوت": إنه "لم يكن يتوقع وصول الوضع إلى ماهو عليه الآن"، ويضيف: "سنظل نناشد المنظمات الإنسانية إلى أن تلتفت إلى حالنا وحتى ذلك الحين نحن نبحث عن لقمة الحلال في مكب القمامة".

تفتك أمراض الصفائح الدموية، وحمى الضنك، والجَرَبْ، والملاريا، وغيرها من الأوبئة بالنازحين في محافظة "الحديدة". وكانت منظمة الصحة العالمية قد دفعت بمساعدات محدودة لا تكفي لعلاج المصابين بمرض الفشل الكلوي أو التطرق حتى إلى فكرة معالجة المصابين بالسرطان. يعلق جابر حسن، مدير الوحدة التنفيذية للنازحين في محافظة "الحديدة"، لـ"الترا صوت": "طلبنا مساعدة المفوضية السامية للأمم المتحدة عدة مرات ولكن دون رد رغم أنهم زاروا المحافظة ولكن لم يتجاوبوا معنا سوى بـ"ثلاثمائة سلة" من المساعدات فقط".

اقرأ/ي أيضًا: مفاوضات اليمن.. تأجيل السلم في ترقب الوفاق

ويؤكد جابر حسن لـ"الترا صوت" أن "عدد النازحين من محافظتي "حرض" و"حجة" شمال اليمن قد بلغ حوالي 22 ألف نازح"، وعن المساعدات الغذائية، يقول جابر إنها "متقطعة، وتقدر بخمسة وعشرين ألف سلة غذائية وقد تم توزيعها على بعض النازحين"، ويتابع: "لا نزال في حاجة ماسة إلى مائة ألف سلة غذائية إضافية ولابد أن تكون المساعدات مستمرة لكي تكفي النازحين احتياجاتهم الغذائية اليومية خصوصًا وأن متساكني محافظة الحديدة بشكل عام هم من الصيادين والمزارعين وكلهم تضرروا بفعل الحرب التي دمرت الأراضي الزراعية وكذلك الميناء الذي تم إغلاقه".

يعاني سكان "الحديدة" "الأصليين"، أيضًا، الأمرين وتعيش حوالي ألف أسرة في العراء في مديرية "الزهرة"، كما أن النزوح زاد من معاناتهم واحتياجاتهم. يضيف جابر: "بالنسبة للذين يقتاتون من مكب النفايات فأغلبهم من الفئة المهمشة، واستطعنا أن نوفر لهم القليل من المساعدات الغذائية بمساعدة جمعية محلية تبرعت بـ"خمسين خيمة" وقمنا باستبدالها بالمواد الغذائية". ويأمل النازحون في حل سياسي من الحكومة اليمنية ودول التحالف العربي ينهي الحرب، التي دمرت الأخضر واليابس في البلاد وشردتهم من منازلهم وأشاعت في أطفالهم المجاعة والأمراض.

اقرأ/ي أيضًا:

مها عوض.. صورة عن تحدي نساء اليمن

إعلام اليمن.. موسم الهجرة إلى الجنوب