23-يناير-2017

نخلة في باحة الأقصى المبارك (Getty)

تحدّثنا عن عزم الرّئيس الأمريكي الجديد نقلَ سفارة بلاده إلى القدس المحتلة، أكثر ممّا تحدّثنا عمّا يجب أن نفعله كعرب لتعزيز عروبة هذه المدينة الرّامزة في تاريخنا وحضارتنا، ذلك أن وجود السّفارة الأمريكية أو غيرها في القدس، ليس أخطرَ من وجود الإسرائيليين فيها أصلًا، فإذا كانت الإدارات الأمريكية تقوم بفعل التمويل لمشروع التهويد، فإن الإسرائليين يقومون بفعل التنفيذ، والمنفذ أشد خطرًا من المموّل لأنه قابل للاستبدال.

القدس عربية، بشهادة أكبر منظمة متخصصة في الثقافة والتربية والعلوم، تابعة لهيئة الأمم المتحدة

هناك معالمُ في المدينة، تلعب دور الشّاهد على الهوية والانتماء الحقيقيين، يجب أن ترمّم وتحمى من السقوط، ومراكزُ ثقافية يجب أن تفتح، وتعزّز ببرامج واعية ومشعة، ومنابر إعلامية يجب أن تشتغل، وكل ذلك يقتضي أموالًا لم نوفرها وخبراتٍ لم نحركها ومخططاتٍ لم ننجزها، وكأننا نريد من غيرنا أن ينوب عنا في ذلك، وإذا حدث أن وجد من يفعلها، مثلما فعلت منظمة اليونيسكو مؤخرًا، فإننا نكتفي بالتهليل والرقص في العتمة.

القدس عربية، بشهادة أكبر منظمة متخصصة في الثقافة والتربية والعلوم، تابعة لهيئة الأمم المتحدة، لكن هل ستبقى كذلك، إذا لم نتحرّك بحماس وصدق ووعي؟ فنستغلّ التاريخ لاسترجاع الجغرافيا؟

عام 2009 عُيّنت القدس عاصمة أبدية للثقافة العربية، من طرف جامعة الدول العربية، فما الذي أضافته هذه الخطوة للمدينة ولثقافتها، وهي تصارع واحدة من أعتى سياسات الطمس والتزوير الثقافي والحضاري؟

اقرأ/ي أيضًا: تأييد إسرائيلي لترامب وأسئلة حول دعمه الاستيطان

كم كتابًا عن عروبة القدس أصدرناه وترجمناه إلى لغات العالم؟ كم فيلمًا، وكم شريطًا وثائقيًا أنجزناه وفق أصول الفن؟ لقد اكتفينا بإقامة نشاطات عابرة في مدننا "المحرّرة"، لم يصل إشعاعها حتى إلى السكان المحليين، فكيف بالعالم الواسع، ثم انطفأنا بانطفاء السّنة.

عام 2009 عُيّنت القدس عاصمة أبدية للثقافة العربية، من طرف جامعة الدول العربية، فما الذي أضافته هذه الخطوة للمدينة ولثقافتها؟

صحيح أن ما تعرّضت له بيوت السّوريين والعراقيين والليبيين واليمنيين، من هدم واعتداء، على أيدي النظام والدّواعش والمتمردين، جدير بالانتباه والاستنكار، لكن أن نهتمّ بذلك ونستنكره في سوريا والعراق واليمن وليبيا، في مقابل سكوتنا، في الواقع وفي مواقع التواصل الاجتماعي، على إقبال إسرائيل على هدم ستّين ألف بيت فلسطيني، أمر مثير للدهشة والخوف فعلًا.

اقرأ/ي أيضًا:
"جزيرة فاضل".. هنا يرقد حلم العودة إلى فلسطين
"فلسطينيو الداخل" ... خط الدفاع الأول