لا يزال خطر وقوع إبادة جماعية في السودان مرتفعًا للغاية، بحسب الأمم المتحدة، وذلك في ظل استمرار الهجمات التي تنفذها قوات الدعم السريع بدوافع عرقية، إلى جانب الاستهداف المتكرر للمنشآت المدنية والطبية من قبل كل من الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
وكان آخر هذه الهجمات ما وقع يوم السبت الماضي، حين استهدفت طائرات مسيّرة مستشفى في مدينة المجلد بولاية غرب كردفان، مما أسفر عن مقتل 41 شخصًا من المرضى وأفراد الطاقم الطبي، وفقًا لما نقلته وكالة "رويترز" للأنباء.
خطر الإبادة: القتل بدوافع عرقية
قدّمت فرجينيا غامبا، وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة والمستشارة الخاصة بالإنابة للأمين العام أنطونيو غوتيريش، إحاطة أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف بشأن خطر الإبادة الجماعية في السودان.
وأكدت المسؤولة الأممية في إفادتها أن طرفي النزاع، أي الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، قد ارتكبا انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، محذرة من تفاقم الوضع إذا لم يتم التدخل العاجل.
قوات الدعم السريع تواصل شن هجمات بدوافع عرقية ضد قبائل الزغاوة والمساليت والفور
وحذّرت غامبا من أنّ خطر الإبادة الجماعية وجرائم الحرب في السودان لا يزال مرتفعًا للغاية. وقالت : "ما يقلقني على وجه الخصوص هو استمرار الهجمات التي تستهدف مجموعات عرقية بعينها، لا سيما في دارفور وكردفان"، مشيرة إلى أن قوات الدعم السريع والميليشيات العربية المتحالفة معها "تواصل شنّ هجمات ذات طابع عرقي ضد قبائل الزغاوة والمساليت والفور".
تحذير أممي مزدوج
وفي تحذير موازٍ، أعرب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك يوم الجمعة عن قلق بالغ من "العواقب الوخيمة للتصعيد العسكري في وسط وغرب السودان، في ظلّ تنافس دامٍ على مناطق النفوذ بين الجيش وقوات الدعم السريع".
وقال تورك في بيان رسمي: "القتال العنيف في شمال دارفور وكردفان، والخطر المتزايد من تفاقم النزاع الوحشي، يثيران مخاوف خطيرة بشأن حماية المدنيين، في بيئة يسودها الإفلات التام من العقاب." وأضاف: "لقد شهد العالم في السودان مآسي لا تُحصى، ويجب أن تكون حماية المدنيين أولوية مطلقة، مع إجراء تحقيق شامل في الانتهاكات ومحاسبة المسؤولين عنها."
المستشفيات هدف مباشر
وفي أحدث حلقات استهداف البنية التحتية المدنية، تعرض مستشفى المجلد المرجعي بولاية غرب كردفان لهجوم بطائرات مسيرة، السبت الماضي، أدى إلى مقتل أكثر من 40 شخصًا بينهم أطفال وكوادر طبية، وإصابة العشرات، في هجوم اتّهم الجيش السوداني بتنفيذه.
ودفعت المجزرة منظمة الصحة العالمية إلى إصدار بيان تنديد رسمي، حيث دعا مديرها العام تيدروس أدهانوم غيبريسوس جميع أطراف النزاع إلى "وقف استهداف المستشفيات والبنى التحتية الصحية فورًا".
كما أدانت شبكة أطباء السودان الهجوم، وأكدت أن "مستشفى المجلد هو المرفق الوحيد العامل في المنطقة"، محذّرة من "تحويل المؤسسات الصحية إلى مواقع عسكرية"، بما يعرض حياة المدنيين والأطقم الطبية لخطر جسيم.
أرقام مفزعة وتقديرات مضاعفة
ومنذ اندلاع الحرب في 15 نيسان/أبريل 2023، قُتل أكثر من 20 ألف شخص، ونزح نحو 15 مليونًا داخل وخارج البلاد، وفقًا للأمم المتحدة والسلطات المحلية. لكن تقديرات مستقلة صادرة عن جامعات أميركية تشير إلى أن الأرقام الحقيقية تتجاوز 130 ألف قتيل، ما يجعل الصراع في السودان واحدًا من أكثر النزاعات دموية في العقد الأخير.