13-مايو-2016

حريق القاهرة 1952(ويكيبيديا)

"مُنع التجوال في الطرقات وقارب الليل منتصفه، والنيران مشتعلة، والقاهرة تحترق، والدخان يملأ جو السماء ويحجب كل الرؤى وانهارت البيوت وأكلتها النيران وأصبحت أكوامًا من التراب"

 من نص "القاهرة تحترق"  للأديب المصري محمود البدوي

إلى يومنا هذا، لا أحد يعرف من هي الجهة التي تقف خلف حريق القاهرة في شتاء عام 1952

إلى يومنا هذا، لا أحد يعرف من هي الجهة التي تقف خلف حريق القاهرة في شتاء عام 1952. هناك أيادٍ تشير إلى الإنجليز، يقول محمود البدوي في نصه "القاهرة تحترق"، إن "معركة الاسماعيلية كانت بتاريخ 25 كانون الثاني/يناير 1952، ثم تلاها حريق القاهرة في 26 كانون الثاني/يناير. ومعركة الاسماعيلية، لمن لا يعرفها، جرت بين جنود النظام المصري والمحتل الإنجليزي في الاسماعيلية وفرغ السلاح من الجنود المصريين وهم داخل مبنى المحافظة، فحاصرت الدبابات الإنجليزية المبنى ودكته على من فيه بالمدافع الثقيلة ومدافع الدبابات وقضت يومها على الجنود البواسل الذين أذاقوا الإنجليز الرعب لساعات.

اقرأ/ي أيضًا: حرائق القاهرة الكبرى.. بفعل فاعل؟

في اليوم التالي، اشتم الناس روائح الثورة في الأجواء، وخرجت جموع  تجمعت في وسط البلد كلها حماس وغضب ضد الاحتلال. ورغم مرور أكثر من 60 عامًا على حريق القاهرة فإن الحقيقة لا تزال غائبة عن الجميع، كان الكل متهمًا بالوقوف وراء الحريق، الإنجليز والملك وحتى أحمد حسين، رئيس الحزب الاشتراكي، وجماعة الإخوان المسلمين، لكن كلها تظل في خانة الإشاعات دون تحقق أو تثبت من صحتها.

في عام 1951، قامت حكومة الوفد بإجراء شجاع ألا وهو إلغاء معاهدة عام 1936 بين مصر وبريطانيا وبناء عليه يتم إلغاء الإعفاءات الجمركية، التي كانت تتمتع بها الحكومة الإنجليزية من إعفاءات على السلاح والعتاد ومواد التموين ورسوم مرورها من قناة السويس.

وبعد معركة الاسماعيلية، اشتعلت معركة أخرى بمنطقة العباسية، بالقرب من وسط القاهرة، حيث تمرد "جنود البلوكات" (أقسام الشرطة) وامتنعوا عن القيام بمهماتهم في الحفاظ على ثكناتهم احتجاجًا على ما حدث لزملائهم في الاسماعيلية. وقت الظهيرة، قامت مظاهرات لطلاب في الثانوية في ميدان الأوبرا في وسط البلد، وقيل إنه كانت هناك مجموعة من الأفراد على عربات نقل مفتوحة محملة ببراميل البنزين، أشعلت النار في "كازينو بديعة" ثم انتقلت إلى الجانب الآخر من المنطقة وأضرمت النار في فندق "شبرد".

اقرأ/ي أيضًا: الولايات المتحدة صامتة بينما #حلب_تحترق

أما المشاهد التي تلت المشهد السابق فكانت انضمام العامة والغوغاء إلى مسيرات المتظاهرين واستغلالهم للفوضى في ممارسة أعمال سلب ونهب وحرائق. بعد ذلك، أعلنت الأحكام العرفية وأقيلت حكومة الوفد التي كانت قد شكلت جبهات شعبية للتظاهر ضد الانجليز بعد معركة الاسماعيلية وبذلك انتهى مشروع الوفد وانتهت معه حركة الأحزاب وتداول السلطة، وانتهى أيضًا العصر الملكي في مصر، وأعلنت مجموعة أسمت نفسها "الضباط الأحرار" تسلمها لزمام السلطة وكان ذلك إيذانًا ببدء عصر جديد.

محمد حسنين هيكل، عراب مرحلة دولة يوليو 1952، قال ذات مرة في حوار على "قناة الجزيرة" في برنامجه "مع هيكل": "أنا.. إلى غاية هذه اللحظة لا أعتقد أن عملية حريق القاهرة سنة 1952 بدأت بتدبير مقصود"، وفي شهادة أخرى، قال اللواء جمال حماد، أحد كبار الضباط الأحرار، خلال شهادته عن حريق القاهرة، مع أحمد منصور على "قناة الجزيرة" أيضًا أن "ثورة يوليو كانت قد اختارت توقيتها عام 1955 لكنها اختارت تعجيل الحركة بعد الحريق". وحتى وإن كان الحريق غير مدبر، فقد جاء في صالح دولة يوليو التي لم تبذل جهدًا حقيقيًا في كشف ملابساته ولا المسؤول عنه وتركته لكتاب التاريخ ينهشون حقائق بأقلامهم وبالتخمين.

اقرأ/ي أيضًا:

"مرصة كابيتال".. حال السوق الموريتاني وحرائقه

الرماد السوري