23-فبراير-2017

لا تتوفر في مصر فنادق شبابية مختلطة (ميشال سيتبون/ Corbis)

في هوستل مودرن بنيودلهي، عاصمة الهند، وقف صديقان يتساءلان: هل يمكن أن يتواجد هوستل شبيه بهذا في القاهرة؟. تبادلا الكلام حول المناطق التي يمكن أن تستوعب أن يجتمع بنات وأولاد داخل شقة واحدة، وفي غرفة مشتركة أحيانًا، بعضهم يحجز يومًا واحدًا أو عدّة أيام دون أن يعترض الأهالي أو يبلغوا عنها بوليس الآداب. قالوا: الزمالك؟، جاردن سيتي؟، الدقي؟.

لا تتوفر مصر على فنادق صغيرة للشباب (هوستلز) لأسباب اجتماعية ودينية أساسًا

كان السؤال خاطفًا، إلَّا أنّ الموبايل كان قريبًا من يد أحدهما، ففتح موقع "هوستل وورلد"، وأشار إلى أنه يريد سكنًا في القاهرة ليومٍ واحد، ولم يجدا إلا مجموعة من الفنادق، فالقاهرة، ومصر كلها، دون "هوستلز".

اقرأ/ي أيضًا: الجسد الشرقي في منفاه الثاني

بدأ "محمد.س" التفكير في إنشاء "هوستل"، بحث عن الشروط القانونية والأوراق المطلوبة، وحوّل خطابات إلى الجهات المسؤولة، فاكتشف أن الأمر ليس سهلًا، لن يقتصر على تأجير شقة، وعمل صفحة على فيسبوك تحمل اسم الهوستل وإدراجه بمواقع الحجز الدولية، إنما سيصل خاصة إلى دفع إتاوات و"إكراميات" بلا حساب.

في الزمالك، سأل محمد أحد البوَّابين: "هل هناك شقة واسعة للإيجار يسمح مالكها بإحالتها إلى فندق شبابي؟.."، اختار وصف الفندق الشبابي لكي لا يفهم البوّاب كلامه خطأ، فلمح في عينيه لمعة تشير إلى أن ما خاف منه حدث فعلًا. توقف قليلًا، وأجاب: "لكن خذ بالك يا أفندي، الإيجار هيكون (الدوبل)".

فهم محمد ما يريد البوّاب قوله، فصاحب الشقة سيأخذ الإيجار الذي يطلبه، والبواب سيحصل على مثله مقابل عدم مضايقة "الطالع والنازل" من الشقة كما قال. الإيجار في بعض مناطق القاهرة بالدولار، وأغلب السكان عرب وأجانب، فالزمالك وجاردن سيتي، مثلًا، منطقتان تعجان بالسفارات، والسفارات تمنح الشوارع المحيطة بها "ميزة إضافية"، وطفرة في الإيجار.

مضاعفة الإيجار ليس في حالة محمد فقط، فإذا حاول مصري استئجار شقة بصحبة فتاة دون أن يقدّم ورقة تثبت زواجهما، يواصل البواب، الذي أعدّ أحمد زكي عنه فيلمًا اسمه "البيه البواب" في إشارة إلى سلطته الصورية، ابتزازهما الذي يصل إلى حد إبلاغ البوليس عنهما، وبدلًا من أن يؤجّر الشقة في اليوم بـ100 دولار، يطلب 200 دولار.

لا يمكن لفتاة حجز غرفة لها بمفردها في فندق في مصر ويشترط أن يكون معها مرافقًا ذكرًا مع إثبات هويته

استفزت محمد شروط البواب، فبدأ يفتّش عن شروط الفنادق الرسمية للسكن، وهل تسمح بسكن "أولاد وبنات" معًا، ليكتشف أنه لا بد من قسيمة زواج أيضًا، وما عدا ذلك، ممنوع. وأبدى له عامل بفندق صغير، بدا مشبوهًا، في وسط القاهرة استعداده أن يمنحه غرفة شخصية لمدة ساعتين بخمسمائة جنيه مصري (30 دولار تقريبًا) دون إشهار أوراق إثبات شخصيته، فاعتبر تلميحاته تسهيلًا للدعارة غير مأمون العواقب.

اقرأ/ي أيضًا: عودة "كشف العذرية" إلى مصر: الطالبات في المصيدة!

بعد "لفّ ودوران"، اكتشف محمد أن مشروع "الهوستل" غير قابل للتنفيذ في مصر، ليس لأسباب قانونية، إنما لأنّ الناس، عامة الشعب، لن ترضى بوجود شقة قريبة منهم، حتى لو كانت فندقًا بأوراق قانونية، يتردّد عليها أولاد وبنات معًا.. لأسباب دينية واجتماعية أيضًا.

إلى أي حد وصلت مغامرة محمد في البحث؟.. اكتشف أن حجز فتاة غرفة وحدها في فنادق مصر ممنوع أيضًا. بدأ مغامرة بحث مستغلًا إحدى صديقاته، دفعها للاتصال بفندق في منطقة عابدين بوسط القاهرة، طلبت حَجْز غرفة، سألها عامل الهاتف: هل معك مرافق؟، فقالت: لا. ردّ: ممنوع يا فندم، لا بد من وجود مرافق ذكر، على الأقل أخ.

أغلقت الهاتف، وأعادت الاتصال مرة أخرى للاستفسار: "ستكون معي صديقتي.. هل يمكن؟"، فردّ بلهجة أصابها الملل: "للأسف، ممنوع بتعليمات أمنية.. لا نضمن ماذا يجري في الغرف المغلقة".

في اتصال آخر بفندق آخر في منطقة راقية بالقاهرة، حاول الموظف المسؤول عن الإيواء أن يبدو متساهلًا، فردّ على المتصلة، التي أجابت بأنها لا تريد مرافقًا معها بالغرفة، قائلًا: "أنا عايز أخدمك، لو في (ورقة زواج عرفي) معنديش مشكلة أوفر لكم أوضة".

اقرأ/ي أيضًا:

المساكنة.. تابو آخر يسقط

"التقاف".. سلاح المغربيات للحفاظ على العذرية