22-فبراير-2018

القائمة القصيرة لبوكر 2018

ما إن أعلنت لجنة تحكيم الجائرة العالمية للرواية العربية "البوكر" عن قائمتها القصيرة لدورتها الحادية عشرة، حتّى ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي بسخرية بعض روّادها من اختيارات اللجنة، بينما أصيب البعض بالدهشة من وصول أعمال رديئة وركيكة ودون المستوى المطلوب إلى القائمة القصيرة، على حساب روايات أخرى كانت أكثر استحقاقًا. ناهيك عن التساؤلات التي بات طرحها ملازمًا لتلك الإعلانات، إن كانت حول الآليات التي تتَّبعها اللجنة في اختياراتها الغريبة، أو حول الأسباب التي تقف خلفها. وتُشكّك تلك التساؤلات في مدى مصداقية الجائزة ونزاهتها، وتؤكّد أيضًا في الوقت نفسه أنّ القارئ العربي لم يعد يعوّل على الجائزة في صناعة مشهد ثقافي عربي حقيقي، كما كان مأمولًا منها.

ما إن أعلنت القائمة القصيرة لبوكر 2018، حتّى ضجّت صفحات التواصل الاجتماعي

شُكّلت لجنة تحكيم الجائزة من الأكاديمي والناقد الأردني إبراهيم السعافين، والكاتبة السلوفينية باربرا سكوبيتس، والروائي الفلسطيني محمود شقير، والمترجمة الجزائرية إنعام بيوض، والكاتب الإنجليزي من أصل سوداني جمال محجوب.

اقرأ/ي أيضًا: البوكر.. دعوة إلى المراجعة

ضمّت القائمة القصيرة التي اختارتها ستّة روايات هي: "ساعة بغداد" للعراقية شهد الراوي، و"زهور تأكلها النار" للسوداني أمير تاج السّر، و"وارث الشواهد" للفلسطيني وليد الشرفا، و"الحالة الحرجة للمدعو ك" للسعودي عزيز محمد، و"حرب الكلب الثانية" للفلسطيني الأردني إبراهيم نصر الله، و"الخائفون" للسورية ديمة ونّوس، مُطيحةً بروايات رأى البعض، قرّاءً ونقّادًا، أنّها تستحق الوصول إلى القائمة القصيرة.

نالت رواية "ساعة بغداد" للروائية العراقية شهد الراوي النصيب الأكبر من تلك السخرية، واعتبرها البعض سقطةً تاريخية لن تُمحى من ذاكرة الجائزة، والممتلئة أصلًا بتلك السقطات. كون اللجنة اختارتها على حساب روايات مهمّة في القائمة الطويلة، وذلك على الرغم من رداءة العمل وبؤسه، وعدم رقيّه إلى المستويات المطلوبة التي تحدّد الأعمال الأدبية من سواها، والمُغيبة داخل أروقة البوكر. هنا بات السؤال الأبرز لدى البعض "ما الذي دفع اللجنة لتصعيدها؟"، ليُجيب آخرون بأنّه "الفساد" المستشري داخل هذه المؤسَّسة، على عكس نظيرتها البريطانية، التي من المفترض، كما أُشير أثناء انطلاقها، أن تحذو حذوها.

في سياق الحديث عن هذه الرواية التي نزل خبر وصولها إلى القائمة القصيرة كصاعقة على رؤوس القرّاء والنقّاد معًا، يبدو أنّ لجنة التحكيم الحالية تحاول أن تصنع لنفسها امتيازًا مزعومًا وغريبًا من خلال تصعيدها، كأنّها بذلك تؤكّد عدم أهمية كلّ ما قيل عن تلك الرواية من كتاباتٍ وآراء أمام رأيها، وبطريقة نخبويّة بحتة.

ما يلفت الانتباه أيضًا هو الحضور المستمر لعدد من الأسماء الروائية في قوائم الجائزة، التي تتكرر دائمًا إمّا في القائمة الطويلة أو القصيرة لها. هذه الأسماء أيضًا لم تسلم بدورها من موجات السخرية، إذ اعتُبر أصحابها موظّفين دائمين في الجائزة، لا مُرشّحين لها. كما لو أنّ لا روائيين سواهم قادرين على التواجد الدائم فيها. ما منحهم بذلك شكلًا من أشكال الامتياز.

كررت صاحبة رواية "ساعة بغداد" كلمات مثل هذه وهذا عشرات المرّات في صفحة واحدة

يمكننا هنا ملاحظة أنّ القارئ العربي انتقل من مرحلة الدهشة من الاختيارات العجائبية للبوكر، إلى السخرية منها، وبشكلٍ خاص في هذه النسخة التي أفقدت الجائرة الكثير من مصداقيتها، وأظهرت بوضوح حجم الفساد المستشري في أروقتها، وسلوكها طريقًا مؤدلجًا تعمل من خلاله على تنفيذ أجندات الراعين والممولين لها ثقافيًا، كما لو أنّها تفصّل رواية عربية تتلاءم مع متطلباتهم.

اقرأ/ي أيضًا: مترجم سويدي: لماذا يغيب سليم بركات عن البوكر؟

كما يُمكننا أيضًا ملاحظة حجم التناقضات في تصريحات رئيس لجنة التحكيم إبراهيم السعافين الذي قال: "تناولت روايات القائمة القصيرة الست، موضوعات اجتماعية وسياسية ووجودية. وقد وظفت تقنيات سردية مختلفة مستلهمة من التحولات الحديثة للرواية العالمية في معالجتها للبعدين الغرائبي والعجائبي. ولا تخلو الروايات الست من تقاطعات وإسقاطات على الواقع الجديد، مع تجاوزها للوثوقي واليقيني". ويبدو هنا لزامًا علينا أن نطلب منه إعادة قراءة رواية "ساعة بغداد" وتأمل النص الذي كررت صاحبته "هذه وهذا" عشرات المرّات في صفحة واحدة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

"موت صغير".. رواية سعودية ثالثة تنال البوكر

هل أقصت "بوكر" الجزائريين؟