16-يناير-2018

أظهرت معارك إدلب الأخيرة ضعف الفيلق الخامس اقتحام رغم الملايين التي تصرف عليه (جورج أورفليان/ أ.ف.ب)

سجلت المعارك الدائرة بين قوات النظام السوري مدعومًة بالمليشيات الأجنبية والمحلية، ضد قوات المعارضة في ريف إدلب، خلال الأيام الماضية، مشاركة "الفيلق الخامس اقتحام" المُشكّل العام قبل الماضي، بشكل واسع على مختلف جبهات القتال المشتعلة في المنطقة. وهذه هي المشاركة الثالثة على الأقل للفيلق إلى جانب قوات النظام بعد معارك دير الزور وريف الرقة ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش).

يمنح النظام السوري المنضمين للفيلق الخامس، رواتب قد تصل إلى 400 دولار، علمًا أن موظف مؤسسات النظام لا يتجاوز راتبه 50 دولارًا

الفيلق الخامس اقتحام.. النشأة والأهداف

في تشرين الثاني/نوفمبر 2016، أعلنت القيادة العامة لقوات النظام السوري عن تشكيلها "الفيلق الخامس اقتحام" ليكون بمثابة قوات رديفة لقوات النظام في عمليات اقتحامها للمناطق التي تسيطر عليها المعارضة السورية، حيثُ ذكر البيان الرسمي أن الفيلق سيكون إلى جانب "القوات المسلحة والقوات الرديفة والحليفة" مشاركًا في العمليات العسكرية.

اقرأ/ي أيضًا: في دمشق.. شبيحة النظام تنهب بيوت السوريين وتبيعها على الرصيف

وحدد النظام السوري ما يزيد عن 10 مراكز في المناطق التي يسيطر عليها، لاستقبال من يرغب بالانضمام للفيلق، على أن يكون المتقدمون "من غير المكلفين بخدمة العلم أو فارين منها، ممن أتموا الـ18 من عمرهم، ولائقين صحيًا"، أي أن الفيلق لن يستقبل في صفوفه الذين لم يأدوا خدمتهم العسكرية، إنما أولئك الذين أنهوا الخدمة، ولم يستدعوا للخدمة الاحتياطية، أو الوحيدين لذويهم كونهم معفيين من الخدمة الإلزامية.

وفي محاولةٍ لاستقطاب أكبر عدد من العاملين في المؤسسات التابعة له، أو المقيمين في مناطق سيطرته، منح النظام السوري للمنضمين للفيلق، مجموعةً من المزايا: "يحتفظ العاملون في الدولة، إضافة للرواتب التي سيتقاضونها من الفيلق، بجميع الحقوق والمزايا التي يحصلون عليها في أماكن عملهم من راتب وعلاوات وترقيات وحوافز".

وبحسب موقع الجزيرة الإخباري، فإن الفيلق يتلقى دعمًا من إيران وروسيا، الطرفين الأساسيين الداعميّن لرئيس النظام السوري بشار الأسد، وتتراوح رواتب مقاتليه شهريًا ما بين 200 و400 دولار أمريكي، يتم احتسابها بالليرة السورية حسب الرتب العسكرية التي يحملونها في الفيلق. لكن تقريرًا آخر نشره موقع صحيفة العربي الجديد، تحدث عن أن رواتب مقاتلي الفيلق تتراوح ما بين 150 و200 دولار أمريكي، وأن الموظف في مؤسسات النظام يحصل على راتب لا يتجاوز 50 دولارًا أمريكيًا، بالإضافة لحصولهم على مكافآت وحوافز.  

لماذا الفيلق الخامس اقتحام؟

في تقارير إحصائية منفصلة نشرها المرصد السوري لحقوق الإنسان، وثّق مقتل أكثر من 50 ألفًا من قوات النظام والمليشيات المحلية التي أُسست بإشراف النظام السوري، منذ آذار/مارس 20111، فضلًا عن وقوع مئات العناصر أسرى لدى المعارضة السورية، وتنظيم داعش، إبان سيطرة الأخيرة على مدينة الرقة.

ومع إعلان روسيا تدخلها رسميًا في أيلول/سبتمبر 2015، لدعم النظام السوري، احتاج الأخير تدعيم صفوفه بمئات العناصر للقتال تحت قيادة القوات الروسية، وعلى الرغم من تضارب المعلومات حول الجهة المسؤولة بشكل مباشر عن مقاتلي الفيلق الخامس، إلا أنّ مراقبين رجّحوا أن المشرف العام على هيكيلية الفيلق والجهة التي يتبع لها ضباطه ومقاتليه هي القوات الروسية.

ويواجه النظام السوري نقصًا في صفوف قواته نتيجة عمليات الانشقاق المتتالية التي نفذها جنود وضباط قبل نحو ستة سنوات. وتدراكًا لتغطية العجز البشري لديه، أصدر النظام السوري قبل نحو شهر قرارًا يرفع سن الخدمة الاحتياطية في قواته لـ54 عامًا بعدما كانت سابقًا 42 عامًا، كما أن الأسد أصدر خلال السنوات الماضية أكثر من مرة، تعديلات على مراسيم الخدمة الإلزامية.

ورافق الإعلان عن تشكيل الفيلق الخامس حملات إعلامية في مناطق سيطرة النظام، إن كان عبر منابر المساجد أو بالإعلانات الطرقية، وحتى في الجامعات من خلال دعوة المسؤولين الطلاب والأساتذة للالتحاق في الفيلق، وهي ما وصفها مراقبون أنها محاولة من موسكو للتعجيل بإنشاء الفيلق للمشاركة في العمليات القتالية في الشرق والشمال السوري.

ماذا تريد روسيا من الفيلق الخامس؟

على نقيض ما كان متوقعًا من مقاتلي الفيلق باعتبارهم قوة قتالية رديفة تدعم قوات النظام في عملياته العسكرية، فقد مني الفيلق في العملية التي يشنها النظام السوري على ريف إدلب بخسائر قُدرت بعشرات القتلى والأسرى، بعد الهجوم المعاكس الذي نفذته فصائل المعارضة، بالإضافة لهجوم المعارضة في "إدارة المركبات" بريف دمشق، ما يدل على أن النظام السوري ضحى بهم في مقابل مغامرة عسكرية يحاول فيها استعادة المحافظة الخارجة عن سيطرته منذ عام 2015.

ووفق وسائل إعلام محلية فإن هدف روسيا في تأسيس الفيلق الخامس يكمن في نقطتين، أولهما إيقاف تنامي نفوذ المليشيات التي أصبحت تشكل خطرًا على النظام السوري، وثانيهما أن تكون المبادرة لروسيا في تدريب المليشيات، بعدما كانت إيران هي الجهة التي تشرف عليها من خلال الحرس الثوري الإيراني.

لكن محللين تحدثوا لصحيفة العربي الجديد، اعتبروا أن النظام السوري يسعى من خلال تشكيله الفيلق، إلى دمج جميع المليشيات المحلية ضمن قوة عسكرية موحدة، بعدما أصبح تعدادها يزيد عن 30 مليشيا محلية، كما أوضح نشطاء بأن هدف روسيا من إنشاء الفيلق يأتي من جانب "تخفيف الاعتماد شيئًا فشيئًا على العنصر البشري المليشياوي المدعوم إيرانيًا".

ولضمان السيطرة على مفاصل القرار في الفيلق الخامس، اعتمدت موسكو على ضباط وصلوا لسن التقاعد، حيثُ أعادت التعاقد معهم في الفيلق لتدريب العناصر ولقيادتهم في عمليات القتال الدائرة ضد مقاتلي المعارضة السورية. وكانت صفحات موالية أعلنت في وقت سابق عن مقتل القيادي في الفيلق العقيد المعروف بـ"أبو شعيب" المقرب من العميد سهيل الحسن في معارك إدلب.

يكلف الفيلق الخامس، روسيا، ما يزيد عن 10 ملايين دولار شهريًا، ورغم ذلك لا يبدو أنه يُؤدي دوره بفاعلية ونجاعة

وأظهرت المعارك في ريف إدلب، حجم الضعف لدى مقاتلي الفيلق الخامس، بالأخص أن معظمهم تزيد أعمارهم عن الـ40 عامًا، وذلك رغم تكليف الفيلق لموسكو شهريًا ما يزيد عن 10 ملايين دولار أمريكي، من بينها المعدات العسكرية وما إلى ذلك، وهو ما قد يشير لفشل موسكو في إنشائها مليشيا بديلة قد تسعى من خلالها لمواجهة الميليشيات الإيرانية خلال المرحلة القادمة من الصراع السوري الراهن.

 

اقرأ/ي أيضًا:

شبيحة الأسد.. تعرف على أبرز المليشيات الأجنبية المقاتلة مع النظام السوري (3-3)

المرتزقة الروس.. سلاح بوتين السري لإدارة الصراع في سوريا