14-أبريل-2020

جوزيبه تومازي دي لامبيدوزا

غوته قال إن صقلية مفتاح إيطاليا. ومفتاح صقلية هذا الكتاب. هكذا كتبت نيويورك تايمز مرّةً.

"الفهد" (منشورات المتوسط 2017، ترجمة: عيسى الناعوري) الرواية الوحيدة الذي كتبها جوزيبه تومازي دي لامبيدوزا، ونُشرت دون أن تعطيه الحياة فرصة للمسها بين يديه، ترصد مرحلة تاريخية معقّدة ينهار فيها عالم قديم ويحل مكانه آخر جديد، من خلال شخصية الدون فابريتسو سالينا وأسرته، التي تتوارث حكم إحدى المقاطعات الصقلية.

"الفهد" هي الرواية الوحيدة الذي كتبها جوزيبيه تومازي لامبيدوزا، ونُشرت دون أن تعطيه الحياة فرصة للمسها بين يديه

تعيش عائلة فابريتسو حياة أرستقراطية في فيلا في صقلية. ينعم أفرادها بأيام هانئة، ملأى بالصيد، وبعض الثقافة، ودعوات عشاء، وحفلات رقص.

اقرأ/ي أيضًا: 4 روايات مترجمة عن الإيطالية

يظهر الدون فابريتسو رجلًا مريضًا من العالم. مع ذلك يحتفظ بعيون ترى كل شيء من حوله، ومن الكون أيضًا فهو مغرم برصد الأفلاك، بالإضافة إلى أنّ لديه فخرًا كبيرًا بنفسه يجعله يعتقد أنه يحمل مباركة من الرب لكي يحكم، ومن طريقة أفعاله نظن أنه إله فعلًا. ضمن هذا المسار، حين يأيته عرض لوظيفة سيناتور يرفضه.

تدور أحداث الرواية بين سنتي 1860 – 1910، في زمن نزول غاريبالدي في جزيرة صقلية، وكلنا يعرف أن نهاية العائلة ستنتهي إلى لا شيء.

"الفهد" كتاب عاطفي وشاعري وصعب ومحيّر في آن واحد. مرة تشعر أنك تقرأ عملًا قديمًا، ومرة أخرى تشعر أنه عمل حديث يتحدّث إليك.

يمكن القول إن جوزيبيه تومازي لامبيدوزا قام في روايته اليتيمة بإحياء عالم ميّت، العالم الذي عرفه القرن التاسع عشر، فشكل الرواية وموضوعها مما ساد من أشكال ومواضيع في روايات ذلك القرن، لكنها نشرت في مرحلة صار اهتمام الناس منصبًّا على الفن الحديث. ولعلّ النجاح الكبير الذي حقّقته، رغم رفض نشرها أثناء حياة صاحبها، يأتي من أن من ينظر إليها من الخارج يراها تقليدية، لكن القارئ الحصيف يعاين تقلبات غير مسبوقة، حيث تتحطّم أمامه تلك التقليدية لتصبح حداثة، ثم تعود التقليدية لتتنازع مع الحداثة. تقريبًا الصراع الزمني الذي نراه في شخصية الأمير وعائلته موجود بقوة في بناء النص ذاته.

نتعرّف على تانكريدي، ابن أخت الأمير، الذي انتمى إلى الثورة وحارب في صفوف غاريبالدي. يقول، في واحد من أهم مشاهد الرواية، كلمته المزلزلة أنه إذا أردنا أن نحافظ على كل شيء يجب أن نغيّر كل شيء. هو يدرك أن المجتمع مقبل على تغيير، ولهذا فإن كلّ شيء سيذهب، ولكي يحافظ أبناء طبقته على كل شيء جيد يجب أن يتغيروا.

تانكريدي هو الشخص الذي جاء من العالم القديم لكنه يؤمن بأن هناك خيرًا في العالم الجديد. نرى ذلك التحول في علاقته مع الفتاة الجميلة أنجيليكا. ابنة الفاسد الذي أصبح غنيًا.

من جانب آخر، علاقة ابن الأمير باولو بأبيه الدون فابريتسو تعبير عن النظام الأرستقراطي. الابن يرث كل ما تملكه العائلة. اما تانكريدي الذي حصل على حب خاله الدون فابريتسو لكونه يستحقه فتمثيل لفكرة الجمهورية.

 

اقرأ/ي أيضًا:

سالغاري والقرصان الأسود

أمارجي و"زهرة القيامة".. عن الترجمة لا الرواية