06-يناير-2021

مركز تلقيح في فرنسا (Getty)

بعد مرور أسبوع على مباشرة فرنسا بتوزيع اللقاحات على مواطنيها، كان من اللافت العدد القليل جدًّا من الفرنسيين الذين حصلوا على اللقاح فعلًا حتى الآن، حيث بلغ 516 مواطنًا فقط. بالمقارنة، وخلال الفترة نفسها، أنهت ألمانيا تلقيح حوالى 240 ألف مواطن، وتطمح السلطات الألمانية أن تتمّ تلقيح مليون و300 ألف مواطن مع نهاية كانون الثاني/يناير 2021. فيما فاق عدد البريطانيين الذي حصلوا على اللقاح حتى الآن المليون مواطن. مع الإشارة إلى أن بريطانيا كانت قد بدأت بتوزيع لقاح فايزر قبل ثلاثة أسابيع تقريبًا.

سبب التأخر الأساسي في توزيع اللقاحات هو تقصير السلطات الفرنسية، وعدم تنظيم آليات محددة لإنشاء مراكز التلقيح، بالإضافة إلى الفشل في إقناع الفرنسيين بأهمية الحصول على اللقاح وفاعليته الإيجابية

توقفت العديد من الصحف والمواقع الإلكترونية الفرنسية والعالمية، عند عدد اللقاحات القليل في فرنسا، وبحثوا عن الأسباب التي أدّت إلى ذلك، في ظل إجماع الآراء حول فشل الحكومة الفرنسية في إدارة الأزمة والتعامل مع الوباء المستجد. وأشارت مصادر قريبة من قصر الإليزيه، إلى أن الرئيس إيمانويل ماكرون غاضب بشدة من البطئ في عملية التوزيع، وقال أن الأمر يبدو أشبه بنزهة عائلية، وأن آلية التوزيع لا تليق باللحظة المفصلية، ولا بالشعب الفرنسي.

اقرأ/ي أيضًا: هل ستبقى أفريقيا بلا لقاحات كورونا؟.. مثال من جنوب القارة

البلاد التي قدّمت للعالم لويس باستور، أب العلوم الجرثومية والمخبرية، ومبتكر فكرة التلقيح، عاجزة اليوم عن نيل ثقة شعبها في أمر مرتبط بالتلقيح!. فالتأخر في توزيع اللقاحات سببه بالأساس تقصير السلطات الفرنسية، وعدم تنظيم آليات محددة لإنشاء مراكز التلقيح، بالإضافة إلى فشل السلطات في إقناع الفرنسيين بأهمية الحصول على اللقاح وفاعليته الإيجابية.

في إحصاء أجرته مؤسسة Ipsos Global Advisor، ونشرته جريدة لوس أنجلوس تايمز،تبيّن أن 40% فقط من الفرنسيين يثقون باللقاحات التي حصلت على التراخيص مؤخّرًا، في مقابل 70 % من الأمريكيين على سبيل المثال، و69 % من البريطانيين يثقون بها. إن عدم ثقة غالبية الفرنسيين بسياسة اللقاحات له أسباب عديدة، فأولًا هم يشعرون بالقلق، بحسب الإحصاء دائمًا، من أن يكون للقاح آثار جانبية سلبية. وثانيًا، هم لا يرتاحون للسرعة التي تمّ فيها تطوير اللقاح (الحديث عن لقاح فايزر). بالإضافة إلى ذلك، يمكن الحديث عن حالة انعدام ثقة عامة بالتعامل الحكومي الفرنسي مع الوباء. 

بلغ معدل الوفيات في فرنسا نتيجة فيروس كورونا في الأسبوع الأخير، حوالى 400 حالة يوميًا

ومن المشاكل التي تواجهها فرنسا في حملة التطعيم وتوزيع اللقاحات التي بدأت في 27 كانون الأول/ديسمبر 2020، مسألة عدم أهلية وقدرة عدد كبير من المسنين على إدراك ماهية اللقاح، وبالتالي الموافقة على أخذه، الأمر الذي ساهم في تأخير عملية التطعيم، حيث أن حكومة ماكرون، أكثر من أي حكومة أخرى في غرب أوروبا، تحرص على عدم الظهور وكأنها تفرض اللقاحات على المواطنين. فهي ليست بحاجة لمشاكل إضافية بطبيعة الحال. 

وحاول وزير الصحة الفرنسي أوليفييه فيران تبرير البطئ الحاصل في توزيع اللقاحات، خلال مقابلة تلفزيونية، مقدمًا بعض الحجج المتعلقة بالأمور اللوجستية. وقد وعد فيران أن أعداد اللقاحات في فرنسا ستكون قريبة من أعداد جيرانها الأوروبيين في الأيام القادمة. فيما أعلن غابرييل أتال، السياسي المقرب من ماكرون، أن السلطات في صدد تجهيز 94 مركزًا صحيًا جديدًا، لتكون جاهزة لتوزيع نصف مليون لقاح خلال الأيام القادمة. 

وتجدر الإشارة إلى أن فرنسا تعيش مؤخرًا أيامًا عصيبة في ما يخص مواجهة كوفيد – 19. وقد فاق عدد ضحايا كورونا فيها 65 الف وفاة، فيما سجّلت البلاد أكثر من مليونين ونصف مليون إصابة. وقد بلغ معدل الوفيات نتيجة فيروس كورونا في الأسبوع الأخير، حوالى 400 حالة يوميًا. 

 

اقرأ/ي أيضًا:

كيف تفاعل اللبنانيون مع قرار الإقفال العام للمرة الثالثة؟

التعليم في الهواء الطلق.. حل إبداعي في وقت الجائحة