10-أبريل-2019

تصبح الفاشية أكثر انتشارًا مع الوقت في المجتمع الإسرائيلي (Getty)

في مثل هذه الأيام، دخل أحد المسلحين الأمريكيين إلى أحد المساجد  في الفلوجة، ويجد مصابًا بداخل أحد المساجد، يزحف، وينتهي المشهد حين يصرخ الحندي الأمريكي بهيستيريا: "ابن الحمقاء هذا يدعي أنه ميت، ليتم الإجهاز عليه بعدة رصاصات".

من سفاح الفلوجة إلى سفاح الخليل، خطت الفاشية الاستعمارية خطى واثقة، لا شيء يحدها، أو يحول دونها، ثم يُغدق عليها المال وتكافئها السلطة

ومنذ شهر مضى حلت ذكرى حادثة إطلاق النار في الخليل في حي تل الرميدة عندما فتح إيلور عازاريا الجندي الإسرائيلي النار على الشهيد عبد الفتاح الشريف، بعد أن تمت إصابته وألقي جريحًا. وجه عازاريا النار إلى رأس الشريف وأرداه قتيلًا، رغم أنه ملقى على الأرض، ولا يشكل أي "خطر".

إقرأ/ي أيضًا: استنساخ شارون

 القاتلان الأول الذي كان في الفلوجة، والثانيفي فلسطين المحتلة، ينعمان بحياتهما، لكن الفارق الوحيد ربما، أن عازاريا يتاجر بالقتل ويضع له المزيد من الميزات حسبما يجود به جيب المتبرع المتحمس.

الفاشية تبدأ من هنا

في كتاب "محو العراق" يحكي مايكل أوترمان وريتشارد هيل وبول ويلسون أن دونالد رامسفيلد وجون أبي زيد كانا يريدان تلقين العراقيين درسًا، كان ذلك مقدمة لعملية تطهير عرقي للفلوجة.

ألفان من المارينز شنوا هجومًا بريًا، وفوقهم من السماء ألف غارة جوية. حيئذ أُصدرت الأوامر للقناصة أن يتم قتل 31 عراقيًا لكل قناص، أي أن يكون هناك قتيل واحد كل أربعة ساعات تقريبًا. المقاومة استبسلت، وقررعلى إثر ذلك جون أبي زيد أن يوقف العملية بحجة أن هناك  مئات الألوف من المدنيين عالقين في القصف.

الحجة البالية لأبي زيد تنهار بعد 7 أشهر من المجزرة، حيث تشن القوات الأمريكية هجومًا آخر، ويحكي الجندي الأمريكي جاريد ريبنهاجن  كيف كان جنود المارينز الأمريكي يقتلون المدنيين العزل الذين كانوا يستنجدون بهم، ويفضح في وثائقي "الفلوجة: المجرزة الخفية"، الحجة الباهتة للأمريكيين وقتها. وإن كنت تصدق أفلامًا مثل Heroes for saving America وهذا النوع من أفلام الدعاية الأمريكية ، فعليك بمتابعة الوثائقي الذي تم رفعه في موقع يوتيوب.

العراقيون العزل، تمت إذابة جلودهم بالكامل، من عاش منهم تشوه بفعل الاستخدام المفرط للفسفور. أما مارك مانينج الصحفي الوحيد الذي حاول الولوج إلى الفلوجة ليتحقق من أبرز قصص المجرزة، فقد عاد إلى فندقه ليجد باب غرفته مكسورًا وشريطه المصور مسروقًا. لكنه لم يخفِ الحقيقة التي تحكي عن آلآف القتلى من المدنيين، وعن تدمير 37 ألف منزل.

بين قاتل الفلوجة وقاتل الخليل

 كان المدني الذي قُتل في المشهد الأول على وشك الموت، قبلها بقليل حاول اللجوء إلى دار عبادة لكن ذلك لم يحمه من الاغتيال، بل قُتل معه أربعة آخرون.

أما القاتل الأمريكي فقد برأته قيادة الجيش في أيار/مايو 2005، حيث أبت أن توجه له تهمة من الأساس، حدث ذلك في حين اُتهم المراسل الصحفي كيفن سايتس بعدم الحيادية، وعدم مراعاة أن الجنود كانوا "يعانون" من ضغط شديد أثناء عملهم.

في مكان آخر، في الخليل هذه المرة، وفي الرابع والعشرين من آذار/مارس، كان عبد الفتاح الشريف ملقىً على الأرض، جريحًا، قبل أن يقوم عازاريا بتوجيه رصاصة مباشرة إلى رأسه وقتله، في جريمة أربكت بشاعتها كل من قرأ أو سمع عنها. حكم على الجندي الإسرائيلي بالسجن لمدة 18 شهرًا، خُفضت لاحقًا إلى  12 شهرًا، ومع ذلك كله، فقد تم إطلاق سراحه من السجن بعد قضاء 9 أشهر فقط.

أما الجديد، فهو ما نشرته صحيفة هآرتس الإسرائيلية قبل أيام، عن كتاب عازاريا الجديد الذي سيوضع على أرفف المكتبات الإسرائيلية، من الآن فصاعدًا، جنبًا إلى جنب مع كتب ديفيد غروسمان وعاموس عوز وكل أولئك، الذين تحايلوا على الواقع، مبشرين بـ"تنوير إسرائيلي ما". وباختصار كاشف لحجم الكوميديا السوداء، جاء عنوان كتاب عازارايا "من الظلام إلى النور: طلقة واحدة في الخليل"، وهو الكتاب الذي يتم الترويج له من خلال حملة تمويل جماعي.

تتراوح التبرعات المقترحة لصالح الكتاب من 50 إلى 3500 شيكل (14 دولارًا إلى 970 دولارًا)، مع لائحة بالميزات التي سيحصل عليها المتبرع حسب المبلغ. مقابل 50 شيكل، على سبيل المثال، ستتلقى "رسالة شكر عبر البريد الإلكتروني على تبرعك من إيلور شخصيًا. وكلما ارتفع المبلغ كلما ارتفعت مساهمة القارئ مع عازاريا في التورط في المشهد المتاجر بالدم الفلسطيني لصالح "الرواية البطولية". أما مقابل 90 شيكل فسيحصل المتبرع أيضًا من ضمن الباقة على كتاب لإيريز تادمور أحد أهم قادة حركة إم ترتسو الاستيطانية الفاشية.

اقرأ/ي أيضًا: حرب لوبي إسرائيل ضد جيرمي كوربين.. تهمة معاداة السامية ثمن الانتصار لفلسطين!

أما الصفقة الكبرى التي ستُمنح لمن يتبرع بمبلغ 800 شيكل، فستكفل له مع الكتاب، تذكرة مزدوجة للقيام بجولة في موقع إطلاق النار في الخليل بقيادة والد إليور، تشارلي عازاريا، وهو محقق متقاعد من الشرطة، حيث يمكن أن يراقب موقع إطلاق النار بل ويمكن أن يلاحظ بقع الدم الباقية في الموقع، بكل فخر!

من الفلوجة إلى الخليل، خطت الفاشية خطى واثقة، لا شيء يحدها، أو يحول دونها، ثم يُغدق عليها المال وتكافئها السلطة الاستعمارية، وعلى ما يبدو، وحسب النتائج القادمة من الانتخابات الإسرائيلية، فإن جمهورها يتسع ويترسخ.

 

اقرأ/ي أيضًا:

كيف بررت بولندا دعوات اليمين المتطرف لـ"هولوكوست المسلمين"؟

المقاطعة الأكاديمية لإسرائيل: انتصارات وتناقضات