13-يونيو-2022
غرافيتي في بيروت

غرافيتي في بيروت

مفاجآت الراديو من أحب المفاجآت على قلبي. وعنيدة جدًا في مسعاي للحصول على هذه المفاجآت التي أسميها مفاجآت الطريق. وأثناء البحث أحصل على الكثير من التشويش والأدعية الدينية، وعلى أغاني مقرفة بكل معنى الكلمة، وإعلانات وسخافات مذيعي الراديو وبرامج حوارية ثقافية وسياسية قبل أن أنجح وأحصل على مفاجأتي المشتهاة.

همّ أغنية نانسي أن يكون الحبيب ممن "يصون العشرة"، وتتخوف من أن يكون عقله "صغيرًا" ولا يتساهل معها، ويعزلها عن الناس 

 

في إحدى رحلات بحثي عن مفاجأة طريق، سمعت: "كيفك بالحب؟ رح تعرف تحب؟ وإلا مش رح يجي منك إلا وجع القلب؟ كيف رح بتكون؟ قاسي وإلا حنون؟".

انتبهت لشبه ابتسامة ترتسم على وجهي. صوت نانسي عجرم وابتسامتها التي بإمكاني أن أسمعها والتي لا تفارق شفتيها وصوتها وهي تغني كفيلة بأن تجعل من ابتسامة كاملة أمرًا غير محتمل.

شبه الابتسامة كانت بسبب رغبتي بأن يكون الجنس هو ما تقصد السؤال عنه، أو بالأحرى الأداء الجنسي لمن تتوجه له بالأغنية، وأن يكون مقصدها بالكلمات أعلاه: "رح تعرف تحب والا رح توجعلي قلبي أنا وعم علّمك؟". مثلًا؟ ستكون خطوة جريئة من نانسي لو قصدتها. أو مثلًا "كيف إسلوبك؟ قاسي؟ بتحب العنف بالسكس؟ أو رح تكون حنون ونقضيها تبويس كل الليل؟" ههههههه ولم لا، كم أغنية ستغني عن الشوق والنظرات والحب ولمسات اليدين. لماذا لا نختصر كل تلك المقدمات وندخل مباشرة في الموضوع، وإذا كان كل شيء على ذوقنا ننتقل للشوق والحب وتوابعهما، أو نكرر الأمر مرة... مرات أخرى.

ولكن نانسي كان همها أن "يصون العشرة"، وتتخوف من أن يكون عقله "صغيرًا" و"تحطلي شروط وتخرب بيتي وما تخليلي رفقة ولا أصحاب"، يعني، الموضوع بعيد كل البعد عن السكس. أصلًا عندما نطقت "تصون العشرة" اختبر المستمعون Turn Off جماعي.

ليس فقط أنها لم تقصد لا من قريب ولا من بعيد أداءه الجنسي، أو حتى في ممارسة الحب، بل أن نانسي انتقلت من تساؤلها حول شخصية وسلوك الشاب الذي يعجبها مباشرة إلى كيف ستكون طباعه عندما يرتبطان. قفزت فوق النظرات واللمسات، وصولًا إلى الارتباط وإلى أمنيتها أن يكون متساهلًا معها ولا يخنقها و"يخرب بيتها". متخوفة من أن تفقد أصحابها بسبب غيرته.

في أغنية أخرى لها وزعت نانسي علامات على حبيبها. نالـ"100 على 100 ولا 150"، و"ليس 60 أو حتى 70 على 100". وهي علامات استحقها لأنه "سرق عينيها"، و"ما بيروح من بالها"، ويجعل "دقة قلبها مليون". لم نفهم كيف ولا معنى أن تكون دقة القلب مليون. ولكنها أكدت أنه "يا هيك يكون الغرام يا أما عمرو ما يكون"، كيف "هيك"؟ لم نفهم، وأين هذا الغرام؟ لا نعرف. ربما في أغنية أخرى تشرح لنا. ولكن شكوكنا بأن تكون هذه العلامات المتميزة التي نالها قد استحقها لأنه "Good Kisser" مثلًا، أمر مستبعد، بل مستحيل.

لا يمكن لنانسي أن تخدعني. لا شيء في نانسي يوحي أنها قد تخرج عن قاموس مفردات الحب المستخدم في الأغاني

 

خدعتني نانسي عجرم خدعة دامت شبه ابتسامة. في الحقيقة لا يمكن لنانسي أن تخدعني. لا شيء في نانسي يوحي أنها قد تخرج عن قاموس مفردات الحب المستخدم في الأغاني. ولو كان حدوث هذا ممكنًا لكان حدث عندما أطلت للمرة الأولى بعد عمليات التحول في فيديو كليب من إخراج نادين لبكي بفستان مغر وشفاه حمراء ونظرات شبقة. ولكن "كلو تمثيل بتمثيل"، وحتى هذا التمثيل خف تدريجيًا، وصولًا لفيديو كليبات أغاني تتضمن رسائل "هادفة" عن الزواج والأسرة وتعاطي المخدرات.

هل تسمعون ابتسامة نانسي وهي تغني؟ صوت هذه الابتسامة التي تدعي الغنج البريء، ولا يتناسب مع امرأة بسن نانسي، لا يبشّر بما تمنته شبه ابتسامتي الشريرة.