12-مارس-2022
صلاح

"Getty"

لا يزال ملف تجديد عقد محمد صلاح يثير قلق جماهير ليفربول، التي ترغب في استمراره مع النادي، فيما يبدو أن المفاوضات بين الطرفين متعثرة إلى حدود الساعة، وما زاد الموقف غموضاً التصريحات التي أدلى بها المدير الفني للريدز يورغن كلوب أمس الجمعة.

يرى البعض أن تكلفة تعويض صلاح فنياً ستكون أكثر بكثير من الـ20 مليون جينيه إسترليني التي يطلبها سنوياً.

 يحاول نادي ليفربول الإنجليزي في الفترة الماضية، تجديد عقد لاعبه المصري محمد صلاح، وينتهي عقد  الفرعون مع الريدز في يونيو 2023،  ما يعني إمكانية توقيع اللاعب لأي فريق آخر في يناير المقبل دون الحاجة لموافقة ناديه، وهو ما دفع جماهير أنفيلد للضغط على إدارة ناديها من أجل تمديد عقد اللاعب المصري.

صلاح

يذكر أن مفاوضات تجديد العقد بين رامي عباس وكيل صلاح وإدارة الريدز انطلقت فعلياً منذ شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وحسب عدة مصادر صحفية بريطانية أبرزها صحيفة الميرور، فإن عباس أخبر النادي بأن موكله يرغب بتجديد عقده مع الفريق، لكن برفع الراتب الأسبوعي لقرابة الضعف حوالي 400 ألف جينيه إسترليني، مقارنة براتبه الحالي الذي لا يتجاوز الـ200 ألف إسترليني، لكن هذه الطلبات اعتبرتها إدارة فريق المرسيسايد  كثيرة مقارنة بسلم الأجور بالنادي، هذا التباعد الكبير بوجهات النظر أدى لتزلزل أرضية التفاوض بين الطرفين، حيث كشف الصحفي المختص بأخبار انتقالات اللاعبين فابريزو رومانو أمس الجمعة عبر تغريدة على حسابه بموقع تويتر، أن المفاوضات بين النجم المصري وإدارة ناديه من أجل تجديد عقده، متوقفة تمامًا منذ شهر ديسمبر الماضي، والأمور كما هي حتى الآن.    

              

كان يورجن كلوب قد تحدث عن مفاوضات تجديد عقد صلاح مع ليفربول قائلًا "يتوقع محمد صلاح أن نكون طموحين من أجله، لا يمكننا أن نفعل أكثر من ذلك بكثير، إنه قراره، كل شيء على ما يرام من وجهة نظري".، وأضاف "لم يحدث أي شيء آخر لا بالتوقيع أو رفض التجديد، علينا فقط الانتظار ولا داعي للاندفاع، كل شيء على ما يُرام تمامًا، حتى الآن صلاح لم يرفض أو يوقع أو أي شيء آخر، علينا الانتظار ولا داعي للتسرع".

أشارت صحيفة دايلي ميل  إلى أن تصريحات المدرب الألماني يورغن كلوب لم تعجب وكيل النجم المصري، والذي رد بطريقة ساخرة على ما ورد في حديث مدرب ليفربول بخصوص المفاوضات، نشر عباس تغريدة سخر فيها من تصريحات المدرب الألماني يورغن كلوب خلال المؤتمر الذي عقده بمناسبة مواجهة برايتون بالدوري.

كلوب

وحسب الصحافة الإنجليزية والمراقبين فإن أهم المعوقات التي تقف أمام إدارة ليفربول لقبول عرض صلاح للتجديد، تكمن أساساً في الطلبات المادية المبالغ بها بالنسبة للإدارة، والتي قد لا تتماشى مع سياسة النادي المالية من ناحية والمرحلة العمرية للاعب من ناحية أخرى، فهل  فعلاً تقدم اللاعب بالعمر لا يتماشى مع سياسة النادي في عقوده؟ وأن السياسة المالية للنادي في حجم طموحات نجومه؟

معضلة العمر:

يعتبر عمر محمد صلاح مع نهاية العقد القادم له مع ليفربول من المسائل التي تصعب مسألة التجديد، حيث أن الفرعون المصري سيتم عامه الـ30 في يونيو/حزيران المقبل ومن ثم فتوقيع عقد لأربع أو 5 سنوات سيعني أنه اقترب من نهاية مسيرته، لكن هل يراعي ليفربول فعلاً مسألة السن كثيراً في سياسته مع اللاعبين فوق الثلاثين، مثل أندية أخرى على غرار مانشستر سيتي؟

صلاح

الصيف الماضي كان مزدحمًا بتمديد العقود في الآنفيلد، حيث وقع ما لا يقل عن سبعة لاعبين من الفريق الأول عقودًا جديدة بين يونيو وسبتمبر، أليسون بيكر وآندي روبرتسون وفابينيو وترينت ألكساندر-أرنولد وهارفي إليوت وجونز وغيرهم، هذا معقول ومنطقي فجلهم شبان ويافعين ويطمح النادي لضمان الاستفادة من إمكانياتهم لسنوات قادمة،  ولكن من وجهة نظر صلاح، كانت أكثر التعاقدات إثارة للاهتمام هي تلك الخاصة بقلب الدفاع الهولندي فرجيل فان ديك وقائد خط الوسط جوردان هندرسون.

صلاح

وقع كلاهما عقودًا مدتها أربع سنوات في أغسطس، والتي ستستمر حتى سن الرابع والثلاثين بالنسبة لفان دايك، وسن الخامسة والثلاثين لهندرسون، كلاهما لاعبان أساسيان داخل وخارج الملعب، وهما يتقاضيان أعلى الأجور بالنادي، على الرغم من أن كليهما عانيا من مشاكل إصابات  كبيرة، وبالمثل حصل أيضاً مع جيمس ميلنر الذي وقع على تمديد لمدة ثلاث سنوات في ديسمبر 2019 ، أي قبل شهر من عيد ميلاده الرابع والثلاثين، ألم يوقع الريدز أيضا مع الإسباني تياغو ألكانترا عقداً لمدة أربع مواسم قادماً من بايرن ميونخ براتب أسبوعي يزيد عن ال200 ألف جينيه إسترليني وهو في سن ال29 !

صلاح

ربما رفض ليفربول منح جيني فينالدوم زيادة في الأجر وعقد طويل الأجل الذي أراده العام الماضي، لكن من الواضح أنه ليس لديهم سياسة صارمة فيما يتعلق باللاعبين الذين تزيد أعمارهم عن 30 عامًا مثل مانشستر سيتي مثلاً، ومن المثير للاهتمام أكثر أن عقد هندرسون تم توقيعه بعد أسابيع فقط من ظهور تقارير تشير إلى أنه غير راضٍ عن العرض الأولي لليفربول، وأن عددًا من الأندية الأوروبية الكبرى كان يراقب وضعه، فتحرك الريدز بسرعة لمعالجة المشكلة، لكنهم لم يفعلوا الشيء نفسه مع صلاح، على الرغم من عدد من التصريحات العلنية للاعب بأنه يرغب في البقاء.

التلفزيون العربي

من يعبر أكثر عن سياسة النادي نحو تجديد عقود من بلغ أو طال سنهم الثلاثين هو بكل تأكيد المدير الرياضي بدرجة أولى، والمدير الفني بدرجة ثانية، ولكن رأي المدير الفني ربما يكون أكثر أهمية في هذه الأمور باعتباره الأكثر قدرة على الحكم على الإمكانات والعطاءات الفنية للاعبين، حيث قال في تصريحات سابقة حول تجديد عقد صلاح، "قبل عام أو عامين كان أول ثلاثة لاعبين في سباق الكرة الذهبية، باستثناء صلاح الأصغر قليلاً، يبلغون من العمر 34 عامًا أو أكثر"،

"ليفاندوفسكي يبلغ الآن من العمر 33 عامًا، ثم ميسي ورونالدو 34 و37 عامًا، وإذا كنت محظوظًا بما يكفي لتجاوز مسيرتك المهنية دون إصابات خطيرة، يمكنك اللعب لفترة طويلة، لا توجد ذروة في منتصف العشرينيات، الميزة في أوائل ومنتصف الثلاثينيات، من خلال أن اللاعب يمكنه رؤية الأشياء بالطريقة الصحيحة بعد أن تعلم من مسيرته"، فهمّش المدرب الألماني دور السن في تحديد أهمية اللاعب من عدمها، إذن أين المشكلة في ملف تجديد صلاح؟ ربما الأموال والطلبات المبالغ بها.

الأموال المطلوبة:

"أريد البقاء مع النادي طبعاً، لكن بالتأكيد القرار يعود لهم، هم يعلمون جيداً بأني لم أطلب شيء تعجيزي، أو مستحيل"، كان هذا تصريح محمد صلاح في خصوص موقفه من تجديد عقده مع النادي، فهو حسب المراقبين يريد تمديد إقامته في الآنفيلد لأربع سنوات إضافية، تجعله اللاعب الأعلى أجراً في تاريخ ليفربول وأيضاً من بين الأعلى بالدوري الإنجليزي، ولكن هل هذه الطلبات مبالغ بها أم مستحقة؟    

 حسب الصحافة الإنجليزية فإن طلبات أبو مكة طبيعية للغاية، فقلة من اللاعبين، إن وجدوا، قدموا مثل هذا الأداء المتسق على مدى السنوات الخمس الماضية بالدوري الممتاز، فالفرعون المصري منذ اليوم الأول الذي وطأت فيه قدمه أسوار أنفيلد، حقق النقلة النوعية بمستوى النادي وحمل طموح النادي على عاتقه، وكان دائماً النجم والمنقذ الأول، لقد سجل الأهداف وكسر الأرقام القياسية وفاز بألقاب عظيمة، حقق خمس بطولات وأعاد أمجاد النادي منذ قدومه من روما الإيطالي قبل خمس سنوات من الآن، منها الدوري الإنجليزي بعد غياب 30 عاماً ودوري أبطال أوروبا  بعد 13 سنة، وكانت لمسته حاسمة فيهما.

صلاح

 لقد حصل على العديد من الجوائز الفردية، بالإضافة لتتويجه مرتين بلقب هداف الدوري الإنجليزي الممتاز، ويقضي صلاح حالياً أحد أفضل المواسم في مسيرته، ويقود السباق للحصول على الحذاء الذهبي في الدوري الانجليزي الممتاز،  سجل 27 هدفاً، وقدم 10 تمريرات حاسمة في 33 مباراة في جميع المسابقات هذا الموسم، كما أنه احتل المركز الثالث في جوائز الفيفا للأفضل هذا العام، كما تواجد بقائمة العشر الأوائل لجوائز الكرة الذهبية بثلاث سنوات الأخيرة.

هذه الأرقام التي تدل على قيمة النجم المصري ومدى تأثيره على نجاحات فريقه بالسنوات الأخيرة، تجعل من مطالب صلاح ووكيله أكثر منطقية ومشروعية، إن كان من الناحية المادية أو من الناحية المعنوية، خاصة إذا قارن راتبه ببقية نجوم الدوري الممتاز، إذ يحصل صلاح على أزيد قليل من نصف راتب دي خيا  في مانشستر يونايتد الذي يتقاضى 375 ألف جينيه إسترليني أسبوعياً، والأمر مماثل لجادون سانشو الذي يحصل على 350، ورافاييل فاران 340 استرليني بعمر الـ29، دون الحديث عن رونالدو بأعلى أجر بالبريميرليغ بـ510 إسترليني بعمر ال37، فحتى كافاني حبيس دكة الإحتياط باليونايتد يتقاضى أكثر من صلاح بواقع250، في تشلسي أيضاً يتمتع نجوم الفريق برواتب أعلى بكثير من النجم المصري على غرار تيمو فيرنر ونجولو كانتي ورميلو لوكاكو 325 ألف جينيه إسترليني أسبوعياً، وبالسيتي كيفين دي بروين يحصل على 400  وجاك غريليش ب325 استرليني،  وحتى في ليفربول يحصل فان دايك على راتب يفوق راتب صلاح.

صلاح

 لو قسنا تأثير ونجومية صلاح في ليفربول مقارنة بلاعبين المذكورين بالأندية الأخرى، لوجدنا أن طلبات صلاح منطقية جداً، خصوصاً مع وجود إغراءات من عديد الأندية الأخرى التي تمني النفس بالتوقيع مع النجم المصري، وقادرة على الدفع أكثر، وإن كانت ذريعة إدارة ليفربول في كل ذلك أنها لا تريد كسر سقف الأجور، كونها  ستحدث انشقاقا في غرفة خلع الملابس بين نجوم الفريق، وأن هذه هي القواعد التي يسير عليها النادي منذ سنين، فإن صلاح وموكله يرون بأن لكل قاعدة استثناء، ومن جهة النادي فإن بعض المراقبين يعتقد بأن تكلفة تعويض صلاح فنياً ستكون أكثر بكثير من الـ20 مليون جينيه إسترليني التي يطلبها سنوياً.