04-أغسطس-2019

من مناسبات قبيلة عيسى (pinterest)

عيسى قبيلة صومالية عريقة في تاريخها الاجتماعي والسياسي، تقطن في شبه جزيرة الصومال، على امتداد محافظة أودل في الصومال، جيبوتي، الإقليم الصومال المحتل من قبل إثيوبيا، وتضم 12 عشيرة لكل منها كيانه وتنظيمه الداخلي ومشيخته، في حين يجتمعون في مشيخة قبلية مشتركة يتزعمها الأوجاس (Ugaas).

عيسى قبيلة صومالية عريقة في تاريخها الاجتماعي والسياسي، تقطن في شبه جزيرة الصومال

فيما مضى كانت القبيلة تقطن في محافظات سناج والشمال الغربي من الصومال، وذلك في حقب تاريخية سابقة، وهناك قبر لمؤسس عشيرة Ceelhaye إحدى عشائر قبيلة عيسى، في مرفئ عيلايو بمحافظة سناج، كما أن السيدة Udubalacag وهي والدة قبيلتي مجيرتين وورسنجلي كانت ابنة عيسى.

اقرأ/ي أيضًا: الصومال بين حزم ورعد وغياب

ما هو متعارف عليه في علم الاجتماع أن القبيلة والقومية تتشكلان من مجاميع بشرية، ليس من الضرورة أن يجمعها صلة النسب والانحدار من جذور اجتماعية مشتركة، بينما هناك شبه إجماع على أن العشيرة عادة تنتهي عند جذور مشتركة، وهذه القبيلة لا تخرج عن هذا الإطار، فهي تجمع قبلي تشكل تاريخيًّا لا سيما من قبل كتلتين أحدهما منحدرة من جذور مشتركة وهم العيسى الأصليون، وقسم آخر تحالف معهم في القرن السادس عشر الميلادي، والجدير بالإشارة أن تجربة تأسيس هذه القبيلة تشبه بصورة أو أخرى تجارب شبيهة لها، وتشمل الكثير من القبائل الصومالية، التي بدورها تجمعها روابط قائمة على التحالف وليس الجذور المشتركة فيما بينها.

كيف جاء ميلاد قبيلة عيسى الحالية؟

هناك آراء عديدة أكدت على أن ظروف تاريخية ساهمت في تشكل ذلك التحالف التاريخي، ومن هؤلاء الذين قالوا بذلك الدكتور علي موسى صاحب كتاب "دستور عيسى"، ناهيك عن ذلك الأدبيات الاجتماعية الصومالية بدورها تؤكد على ذلك السياق.

يرى الدكتور علي موسى "أن حالة الفوضى التي عقبت انكسار الصوماليين في الحروب التي خاضوها مع الأحباش، كانت الدافع الرئيسي لذلك التنظيم والذي أدى إلى أن تتجه قبيلة عيسى لإعادة ترتيب بيتها داخليًا، وهو ما أسفر عن تحالفها مع بعض المكونات الأخرى التي انسجموا معها اجتماعيًّا وسياسيًّا، ولأجل تجاوز تلك التحديات التي كانت قائمة آنذاك".

ويرى "أن الدستور الذي تمت صياغته هو من قام بتأسيس قبيلة عيسى فيما بعد، وليس العيسى من أسسوا الدستور، وبمعنى أن ميلاد القبيلة في تلك اللحظة المفصلية كان يختلف عن تاريخها وسيرورتها الماضية". وأن الدستور هو من قام بصياغة القبيلة، وأن ميلادها كان متميزًا وقام على المشروعية والعقد الاجتماعي المشترك.

إلا أن ما لا خلاف عليه هو أن القبيلة كانت قائمة قبل ذلك كوحدة اجتماعية، وأن ما استجد لديها هو انضمام مجموعات أخرى إليها، وذلك من خلال تأسيس دستور مشترك نظم العلاقات بين الكيان الاجتماعي والذي تشكل بهيئة تحالف، كان الغرض منه تنظيم المستقبل لتخطي الواقع الرديء حينها.

ميلاد قبيلة عيسى تم من خلال صياغة دستورها الذي نظم العلاقات بين الكيان الاجتماعي الذي تشكل بهيئة تحالف

عند النظر إلى دستور القبيلة سنجده متميزًا، فالتحالف نشأ انطلاقا من عقد اجتماعي فريد في مضمونه الاجتماعي، ونظم العلاقة بين أفراده وبين العشائر أو القبائل التي انضوت تحث رايته ومرجعيته الصارمة، القائمة على أسس متينة لا يمكن تجاوزها. حيث استند في محتواه إلى القيم الانسانية بين عموم الجماعة القبلية التي أصبحت على قدم المساواة، حيث أُستبعد تفضيل أي مكون منها على شريكه الآخر. إنها صورة من التضامن الذي اتخذ دعامته من الحكمة وبعد الآفق، والتأسيس لجسد اجتماعي متجانس ويتجاوز النزعة العرقية.

اقرأ/ي أيضًا: الصومال الواقف ضد مشروع التقسيم الإماراتي.. البحر الأحمر ليس لكم

تتسم طبيعة دستور عيسى بالتميز، حيث إنه بدأت صياغته والتأسيس له في ظل مرحلة تاريخية محددة، إلا أنه لم يتم استكمال كتابته في مرحلة محددة، إذ ترك مفتوحًا وقابلًا لتفاعل مع المستجدات، وبذلك استطاع مواكبة التاريخ بما يتماشى مع حاجات القبيلة، وفي إطار هذا الصدد يرى البعض من أبناء العيسى أن كتابته الأولى قد تمت في منطقة سيتي بالإقليم الصومالي المحتل من إثيوبيا، في حين يرى الدكتور علي موسى: "وجود إضافات مستمرة شملت مسودته الرئيسية، وأنه لم يكتب خلال حقبة محددة، بل ظل محل إضافات مستمرة تاريخيًا، وبما يتناسق مع متطلبات وحاجات القبيلة".

 

اقرأ/ي أيضًا:

الصومال.. حين استعادت "العمامة" مكانتها

صفعة صومالية لمشروع الإمارات لتقسيم البلاد.. موانئ البحر الأحمر ثمن التدخل