28-أغسطس-2019

تعود أزمة النفايات في لبنان للواجهة من جديد (رويترز)

انتشرت على مواقع التواصل الإجتماعي صورة لطالب فنلندي يقدم ورشة عمل بعنوان "دولة النفايات.. سوء إدارة الخط الساحلي من بيروت".

لا تعد ولا تحصى الفضائح المرتبطة بملف النفايات في لبنان، من فضيحة تلوث نهر الليطاني إلى تلوث الشاطئ ومياه الشفة بالصرف الصحي

وعلى الصورة، تفاوتت التعليقات وردود الفعل من المستخدمين اللبنانيين، ما بين السخرية من تحول نفايات لبنان لقضية عالمية يُضرب بها المثل، وبين السخط على الطبقة السياسية لما اعتبره المستخدمون فشلًا من قبل هذه الطبقة في حل أزمة النفايات.

اقرأ/ي أيضًا: النفايات مجددًا في لبنان.. أهلًا بالأمراض

استمرار فشل الدولة في إدارة ملف النفايات

أزمة النفايات قديمة في لبنان، وقد فشلت الدولة على مدار العقود الماضية في وضع حلول لها. وفي صيف 2015، انفجرت الأزمة، على خلفية رفض أهالي بعض المناطق استقبال النفايات في مكباتها، فملأت النفايات الشوارع حينها. 

وعلى إثر ذلك خرجت التظاهرات، التي تحولت لانتفاضة شعبية في قلب بيروت، امتدت إلى بعض المدن الأخرى، ووصلت لحد المطالبة بإسقاط النظام السياسي. لكن لم تلبث أن خمدت الانتفاضة، بعد أن نجحت أحزاب السلطة في احتوائها.

احتجاجات 2015 في لبنان
من احتجاجات 2015 في لبنان بسبب أزمة النفايات

غير أن قضية النفايات والتلوث لم تُحتو أو تحل. ولا تعد ولا تحصى الكوارث البيئية المرتبطة بملف النفايات في البلاد، من فضيحة تلوث نهر الليطاني، أكبر الأنهار في لبنان، إلى تلوث الشاطئ ومياه الشفة واختلاطها بمياه الصرف الصحي.

وعلى سبيل المثال، كشفت فضيحة مرتبطة بالنفايات الصيفَ الماضي، سببها أحد معامل المناديل الورقية، حيث كانت بقايا ومخلفات المعمل ترمى في نهر البردوني. وحينها، تم احتواء القضية بشكل غامض، حيث أخلي سبيل صاحب المعمل بعد تدخل وساطات سياسية!

لا للمحرقة في بيروت

وقبل نحو شهر من الآن، عاد الملف البيئي من بوابة النفايات إلى الواجهة من جديد، فقد نجح الضغط الشعبي المدعوم من جمعيات وخبراء بيئيين، في حمل بلدية بيروت على التراجع عن إقامة محارق للنفايات، بعدما صوّت معظم أعضاء البلدية ضد القرار الذي اقترحه رئيس البلدية جمال عيتاني، المدعوم من أحزاب السلطة الأساسية في المدينة.

أزمة النفايات في لبنان
من الاعتصام أمام بلدية بيروت رفضًا لمحرقة القمامة

وكان رئيس اتحاد بلديات الضاحية الجنوبية لبيروت، قد أعلن إقفال مطمر الكوستا برافا، بالقرب من العاصمة، في وجه النفايات، ما عدا نفايات الضاحية والشويفات، الأمر الذي يهدد بأزمة بيئية خطيرة.

من جانبها، عقدت النائب بولا يعقوبيان، المعروفة باهتمامها بالملف البيئي ومعارضتها لإنشاء المحارق؛ مؤتمرًا صحفيًا قبل فترة، حذرت فيه من خطورة اعتماد المحارق في بيروت لحل أزمة النفايات. 

وعرضت يعقوبيان دراسات تؤكد ارتفاع معدلات الاعتلالات الصحية والوفيات في المناطق القريبة من مواقع المحارق، واصفةً إياها، أي المحارق، بـ"القنبلة الموقوتة بين السكان".

يُذكر أن تكلفة إنشاء المحارق مرتفعة بالمقارنة بوسائل أخرى لإدارة النفايات. كما أن المحارق تحتاج لصيانة دورية، فضلًا عن أنه عادة توقع الشركات التي تدير المحارق، عقودًا طويلة الأمد قد تصل لـ30 عامًا، لتشغيلها، ما يعزز مخاوف النشطاء من وجود شبهات مالية تقف وراء هذا المشروع.

إعادة إنتاج الأزمة 

وهكذا يُعاد إنتاج أزمة النفايات مرة أخرى، في ظل انعدام وجود إرادة سياسية حقيقية لإدارة هذا الملف، كما يتضح.

وبالرغم من حصول حكومة سعد الحريري وموازنته على ثقة المجلس النيابي، إلا أن أية طروحات أو حلول جادة للتعامل مع أزمة النفايات، لم تتوفر حتى اليوم. 

ولا تزال الدولة تستخدم، حصرًا، المكبات والمطامر للتخلص من النفايات، رغم قلة عددها، ومحدودية قدرتها على استيعاب الكمية اللازمة.

وفي ظل ذلك، وبسبب قلة عدد المكبات والمطامر، خاصة في العاصمة بيروت، تُرحل كميات من النفايات لمناطق أخرى، بما يثير غضب سكانها.

ومن ذلك، قضية مطمر تربل، حيث قطع المواطنون طريق الضنية التي تربطها بطرابلس، احتجاجًا على إنشاء مطمر نفايات بديل، رغم كون موقعه لا يحقق الشروط البيئية والصحية اللازمة.

أزمة النفايات في لبنان
المواطنون قطعوا الطريق في تربل احتجاجًا على إنشاء مطمر نفايات

ورغم محاولات القوى الأمنية لفتح الطريق بالقوة، إلا أن الضغط الشعبي نجح في إغلاق المكب، الذي تعني إعادة تشغيله، تهديدًا بيئيًا وصحيًا للمنطقة.

هذا وكان رئيس الوزراء سعد الحريري، قد أعلن قبل أيام، أن "المسيحيين غير مستعدين لاستقبال نفايات المسلمين في مناطقهم والعكس"، وهو التصريح الذي لاقى موجة سخرية، لم تخل منها نبرة الغضب من وصول الأزمة لدرجة تصريح رسمي طيّفها.

تبقى أزمة النفايات في لبنان، في دائرة العود الأبدي، مع تراخي الإرادة السياسية، وتدخل السماسرة والصفقات المشبوهة في هذا الملف

 

وهكذا، تبقى أزمة النفايات في لبنان، في دائرة العود الأبدي، مع تراخي الإرادة السياسية، وتدخل السماسرة والصفقات المشبوهة في هذا الملف.

 

 

اقرأ/ي أيضًا:

من يؤجل حل أزمة نهر الليطاني في لبنان؟

ماء الضاحية الجنوبية ملوث بالبراز البشري.. "انتصارات" على المواطن