مع سقوط نظام بشار الأسد، يحلم الملايين من السوريين المهجّرين للعودة إلى بلادهم، فهي تحتاجهم أكثر من أي وقت مضى، إذ إنه بعد عقود من سيطرة عائلة الأسد على الحكم، تراجعت البلاد من النواحي كافة، الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والصحية، وزاد الأمور سوءًا الجرائم التي اقترفها الرئيس الفار، بشّار الأسد، فسوّى مدنًا بالأرض، وخلّف في إجرامه ملايين الشهداء والجرحى والمهجّرين، وبنى تحتية منهارة، ما جعل سوريا بحاجة لأبنائها أكثر من أي وقت مضى، من أجل إعادة إعمار ما تم تخريبه لعقود.
وهنا بدأت الدول التي كانت تستضيف اللاجئين السوريين بالتخوف من تبعات العودة المحتملة للسوريين، وأثرها على منظومتها المحلية، فثمّة الآلاف من الكفاءات السورية التي اعتمدت عليها الدول المستضيفة، وعودتهم تمثل مخاطر وتأثيرات على قطاعات بعينها، مثلما هو الحال بالنسبة للقطاع الصحي في ألمانيا.
يمثل الأطباء السوريون أكبر مجموعة من الأطباء الأجانب في ألمانيا، وقرابة 5000 منهم يعملون في المستشفيات الألمانية
حيث صرّح رئيس رابطة المستشفيات الألمانية، غيرالد غراس، بأن أي تدفق جماعي محتمل للسوريين من ألمانيا، خصوصًا في ظل تغييرات سياسية محتملة في سوريا، قد يُحدث تأثيرًا كبيرًا على القطاع الصحي الألماني. وقال غراس لمجلة "دير شبيغل": "يمكننا أن نتفهم رغبة العديد من السوريين في العودة إلى وطنهم، حيث ستكون هناك حاجة ماسة إليهم. ولكن إذا غادروا ألمانيا بأعداد كبيرة، فسيكون لذلك أثر واضح على الطواقم الطبية".
وتشير إحصائيات الجمعية الطبية الفيدرالية الألمانية إلى أن الأطباء السوريين يمثلون أكبر مجموعة من الأطباء الأجانب في البلاد، وفق ما ذكرته شبكة "دويتشه فيله" الألمانية، فبحلول نهاية عام 2023، بلغ عدد الأطباء السوريين في ألمانيا 5758 طبيبًا، يعمل قرابة 5000 منهم في المستشفيات، مما يجعلهم جزءًا حيويًا من النظام الصحي.
وبحسب مكتب الإحصاء الاتحادي الألماني، كان هناك حوالي 970 ألف سوري يعيشون في ألمانيا حتى نهاية عام 2023، مما يجعلهم واحدة من أكبر الجاليات الأجنبية في البلاد. وفي النصف الأول من عام 2024، تقدم السوريون بأكثر من 37 ألف طلب لجوء، ما يعادل 31% من إجمالي طلبات اللجوء.
ومع هذا الوجود الكبير للسوريين في مجال الرعاية الصحية، فإن مغادرتهم الجماعية قد تُحدث فجوة كبيرة في المستشفيات الألمانية التي تعاني بالفعل من نقص في الكوادر الطبية. ويأتي هذا في وقت تواجه فيه ألمانيا تحديات في توفير الرعاية الصحية، مع تزايد الطلب على الخدمات الطبية وشيخوخة السكان.