03-مارس-2021

عاملة منزلية في أحد منازل بيروت (Getty)

كان ينشط في لبنان حتى عام 2019 حوالي 400 ألف عامل عربي وأجنبي، من غير السوريين والفلسطينيين،  وكان أكثر من نصفهم يعملون بشكل شرعي فيما العدد الباقي يعملون بطرق غير قانونية، بحسب الباحث في الدولية للمعلومات محمد شمس الدين. وكان أغلب هؤلاء يتقاضون بين 150 و300 دولار أمريكي شهريًا، ويعملون بشكل رئيسي في مجالات الأعمال المنزلية وأعمال النظافة ونقل البضائع وفي المصانع والمؤسسات التجارية. الكثير من هذه الفئة العمالية عملوا لفترات تتراوح بين 12 و16 ساعة يوميًا، دون عطل أو أيام إجازة أسبوعية، فيما يخضعون تمامًا لسلطة رب العمل تحت ما يسمى بنظام الكفالة، وهو نظام من أكثر أنظمة العمل مخالفة لحقوق الإنسان. 

شهد لبنان حركة واسعة  لمغادرة العمال الأجانب إلى بلادهم منذ عام 2019، بعد أن تم التخلي عن خدمات الآلاف منهم وبعد التوقف عن دفع رواتبهم بالدولار الأمريكي من قبل العديد من المؤسسات وأرباب العمل

أما بعد انتشار فيروس كورونا والأزمة المعيشية والاقتصادية وانهيار سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار الأمريكي والعملات الأجنبية الأخرى فتراجعت أعداد العمال العرب والأجانب الذين كانوا يأتون للعمل في لبنان بشكل ملحوظ. واستنادًا إلى عدد سمات العمل التي منحها الأمن اللبناني العام لهؤلاء العمال، فقد تبين أن 9780 سمة عمل أعطيت في العام 2020 مقابل 57957 سمة عمل في العام 2019، أي بتراجع مقداره 48177  سمة عمل ما يشكل نسبة 83%.

اقرأ/ي أيضًا: أكبر شركة نشر صحف في كندا تستثمر في المقامرة الرقمية

وتبعًا للجنسية فقد تراجعت بشكل كبير اليد العاملة الغانية، بنسبة 93.9%، تليها الفليبينية بنسبة 86.3%، ثم البنغلادشية بنسبة 85.3%. وتراجعت اليد العاملة من باقي الجنسيات بنسب متفاوتة، مثل المصرية والأوكرانية وغيرهما. ومن أكثر قطاعات العمل التي شهدت نسب تراجع كبيرة في العمالة الأجنبية يحضر قطاع العمل المنزلي، الذي تعمل فيه غالبًا عاملات من إثيوبيا والفيليبين وبنغلادش، في الوقت الذي أصبح عدد كبير من الأسر اللبنانية غير قادر على دفع رواتب العاملات. 

يمكن اعتبار أن أهم سبب وراء هذا التراجع في حضور العمالة العربية والأجنبية في لبنان هو انخفاض الحد الأدنى للأجور، الذي أصبح يعادل 72 دولارًا. وبذلك أصبح الحد الأدنى للأجور في لبنان أقل مما تتقاضاه العاملة المنزلية. إضافة لعدم توفر النقد الأجنبي في السوق اللبناني أساسًا، ووصول سعر الدولار الأمريكي، بشكل غير مسبوق، إلى أن يعادل 10 آلاف ليرة لبنانية مقابل الدولار الواحد. إذ بعملية حسابية بسيطة لسوق مثال على أثر هذا المتغير، يتضح أن الموظف الذي يتقاضى ما يقارب مليوني ليرة لبنانية، أي 1350 دولار أمريكي قبل سنة 2019، صار هذا المبلغ الآن يساوي 200 دولار أمريكي فقط، أي أن القيمة الشرائية تراجعت بنسبة لا تقل عن 80%. 

ضمن هذا السياق قال المواطن اللبناني إبراهيم المصري، مالك مشغل ألمنيوم، لألترا صوت "قبل سنة من الآن كان لدينا عاملة منزلية تساعد والدتي في العمل المنزلي والآن قد استغنيت عن خدماتها". وأضاف أن السبب يعود إلى أن راتبها أصبح يفوق راتبه، دون أي إمكانية لإيجاد حلول بديلة سوى "تحمل الأعمال المنزلية بأنفسنا" مما سينعكس مستقبلًا على تبدل في نمط الحياة عند اللبنانيين وانعكاس ذلك على سلوكياتهم الاستهلاكية بشكل كبير. وقد شهد لبنان حركة واسعة  لمغادرة العمال الأجانب إلى بلادهم منذ عام 2019  بعد أن تم التخلي عن خدمات الآلاف منهم وبعد التوقف عن دفع رواتبهم بالدولار الأمريكي من قبل العديد من المؤسسات وأرباب العمل.

 

اقرأ/ي أيضًا:

غضب لبناني في السوشيال ميديا بعد ارتفاع جديد في سعر الدولار والسلع الأساسية

توسع دعوات مشاركة حقوق الملكية الفكرية للقاحات كورونا