01-أغسطس-2016

جدل الشبكة في العرس المصري(محمد الشامي/الأناضول)

"بحبك بس إيدي أقصر كتير مني

فمش هقدر أجيبلك من الدهب كفة

وأجيبلك من الياقوت كفة

ومش هقدر أجيب الوالي في الزفة"

هذه الكلمات هي لسان حال قطاع واسع من الشباب المصري، الذين يأملون خطب ود الحبيبة بالحب لكن لأهلها، وفقًا للعادات والتقاليد، متطلبات كثيرة أخرى، إذ جرى العرف في مصر أن تساهم العروس بشراء جزء من حاجياتها، وهو ما يسمى في مصر "شوار العروس" وهو كل ما تحتاجه العروس لتستخدمه في بيتها بعد الزواج، وهي متطلبات عديدة تقوم الأسرة بالاجتماع لتقسيمها بين العريس والعروس على حسب الاتفاق وعلى حسب مقدرة كلا الطرفين. وفي بعض المناطق في مصر تُبالغ عائلة العروس في المتطلبات، وخصوصًا المناطق الشعبية، حيث يُشترط أن يكون مقدار الذهب أو ما تعارف على تسميته "الشبكة" بمبلغ معين وفقًا للعادات والتقاليد هناك وحسب عائلة العروس.

انتشرت فكرة تخلي العروس عن "الشبكة" في مصر وساهم في ذلك تبنيها من قبل وسائل الإعلام ووصولها للبرلمان المصري

اقرأ/ي أيضًا: زواج الواحات.. طقوس مصر الشعبية

لكن المفاجأة منذ أيام كانت من قرية صعيدية تسمى "نجع الجديدة"، بمركز نقادة، غرب محافظة قنا، وهي قرية لا يتجاوز عدد سكانها أربعة آلاف نسمة، حيث قرر رجال القرية التخلي عن "الشبكة"، وما ساهم في أن تأخذ الفكرة كل هذا الصيت هو تبني بعض وسائل الإعلام لها وخروجها للنور للدعاية لها. ومن المفهوم أن الحكومة، التي تشجع إجراءات التقشف مهما كانت أبعادها لكي تخفت أصوات الشكوى من الحالة الاقتصادية السيئة، ستتحمس لهكذا مبادرات وستروج لها.

وفي ظل الظروف الصعبة التي تعاني منها مصر اليوم من غلاء وعدم استقرار لسعر العملة فإن الذهب تحول إلى عائق كبير في طريق إتمام الزواج خصوصًا بعد وصول سعر الجرام إلى 420 جنيهًا أي ما يعادل 40 دولارًا تقريبًا في الأسواق. ولطالما كان موضوع الغلاء في الذهب أو متطلبات أهل العروس مجالا خصبًا لتندر المصريين من خلال الفيديوهات أو على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقد انقسمت الآراء بخصوص هذه الخطوة، التي يسعى البعض لتعميمها وقد وصلت إلى مجلس الشعب المصري. هناك من يرى أنها مبادرة جيدة في إطار تيسير الزواج على الساعين له في مجتمع ميّال للـ"مظاهر" وطبقي، وهناك من يعتبرها غير صحيحة شرعًا لأنها يجب أن تكون مسبوقة باستئذان العروس، باعتباره حقًا شرعيًا لها، ولأنه يمكن التيسير من خلال تخفيض القيمة المطلوبة من الذهب أو إلغاء أي أمر آخر مثل "النيش" وهو "دولاب" تحتفظ فيه العروس بالأواني الفخمة وقد تصل قيمة محتوياته إلى 10 آلاف جنيه ولا تستخدم العروس محتوياته إلا حين يزورها الضيوف.

يرفض جزء من المجتمع المصري فكرة التخلي عن "الشبكة" باعتبارها غير صحيحة شرعًا كما أنها تشترط أن تكون مسبوقة باستئذان العروس

اقرأ/ي أيضًا: لأجل من تقام حفلات الزواج؟

الريف المصري.. المتفرد دائمًا!

أما في الريف، فهناك تصل متطلبات العرس من الطرفين إلى حالة من الشطط والمغالاة عادة التي لا مثيل لها، فهناك من يريد ضمان حسن نية العريس إلى الأبد، فيقوم بطلب إمضاء "شيكات على بياض" لأهل العروس، كما يحدث في قرى في ريف محافظة المنصورة في مصر. وتصل هناك قيمة "شبكة العروس" أو الذهب الذي يشتريه العريس، إلى 40 ألف جنيه ما يعادل 4000 دولار.

بل إن هناك عادات مرتبطة بالعُرف في المجتمعات الريفية تجعل من الأفراح وسيلة لرد الدين أو مظهرًا من مظاهر التكافل الاجتماعي، حيث يتم رد الدين في الأفراح ويقوم كاتب في الأفراح بتوثيق ما يُدفع وتسجيله لضمان الحقوق، ويسمى المبلغ المدفوع "نقطة" وتبدأ النقطة من 50 جنيهًا أي ما يعادل 5 دولارات.

الجدل في مصر بدأ، خلال الأيام الأخيرة، ولن ينتهي بسرعة حول موضوع "ذهب العروس" وهو بداية لفتح ملفات وقصص أخرى كثيرة تتعلق بالزواج وتقاليده في مصر، ويبدو أنه من تبعات عصور التحول الاجتماعي ما بعد الثورة، خاصة في ظل الفشل الحكومي في احتواء الأزمة الاقتصادية.

اقرأ/ي أيضًا: 

الحب قبل الزواج.. محظور لدى قبائل اليمن

طلب الزواج في الجامعة.. جرأة أم وقاحة؟