21-فبراير-2021

من المعرض

ألترا صوت – فريق التحرير

انشغل الفنان المغربي العربي الشرقاوي منذ بداياته، بالتساؤلات المتراكمة حول اللوحة الحروفية واتجاهات توظيف الخط العربي في الفن المعاصر، وسعى إلى بناء تجربته الفنية على أساس البحث في هذه التساؤلات بهدف تقديم تقنياتٍ وأساليب جديدة، تستوعب رؤيته الخاصة للخط العربي، وتوفر له إمكانية نقله إلى أمكنةٍ ومستوياتٍ فنية جديدة وأكثر حداثة.

يشتغل العربي الشرقاوي في لوحاته على تحديد علاقات جديدة بالحرف العربي، وأنماط جديدة لاستثماره في فضاء ذي سِمَة تجريدية

"روح الحرف"، معرضه الجديد الذي افتُتِح قبل أيام قليلة في غاليري "أتوليي 21" بمدينة الدار البيضاء، والمستمر حتى الثاني عشر من آذار/ مارس القادم، يُعتبر امتدادًا لمعارضه السابقة، التي سعى فيها إلى تخليص الحرف من ارتهانه للزخرفة والسياقات الشعرية والبلاغية، مقابل تقديم رؤىً فنية معاصرة، هي نتاج بحثه الدؤوب عن حيزٍ يكون فيه الحرف أكثر قدرةً على التعبير عن ذاته من جهة، وجذب المتفرج إليه من جهةٍ أخرى.

اقرأ/ي أيضًا: "العودة إلى تدمر".. إعادة اكتشاف المدينة وتراثها

يضم المعرض لوحاتٍ بأحجامٍ مختلفة ومساحاتٍ متنوعة، قدّم فيها الشرقاوي الخط العربي بنماذج عدة، حيث ضمت بعض اللوحات حروفًا بأحجامٍ متفاوتة وأشكالٍ متباينة، عمِل على تعزيز تمايزها عن بعضها البعض باستخدام الألوان، إذ خصّص الحبر الأسود للحروف الكبيرة التي جاءت على شكل لطخاتٍ وضرباتٍ عنيفة شغلت الجزء الأكبر من اللوحة، واتخذ من البرتقالي الداكن لونًا للحروف الصغيرة المتداخلة فيما بينها، الأمر الذي نتج عنه تعزيز شكل أحدهما على حساب الآخر، واقتراح حوارٍ يميل إلى الصمت بينهما.

أنجز العربي الشرقاوي لوحاته على الجلد الموزع على مجموعة من الألواح الخشبية المتلاصقة، واستخدم ألوانًا مشتقة من نبات "الحنّاء"، في إشارةٍ غير مباشرة ربما إلى الصناعات التقليدية المحلية من جهة، ورسوخ هذه المواد في المخيال الجمعي من جهةٍ أخرى، عدا عن أنها تتناسب مع رؤيته الفنية، لا سيما تلك المتعلقة بحواره الدائم مع بيئته التراثية.

ويشتغل الفنان المغربي في لوحاته هذه على: "تحديد علاقات جديدة بالحرف العربي، وأنماط جديدة لاستثماره في فضاء ذي سِمَة تجريدية. بالتأكيد، تبقى طقوس الخط المغربي التقليدي حاضرة إلى حدٍ ما في نهجها الحالي، غير أنه لا يسعى بالضبط إلى إعادة ابتكارها حول إشكالية الأسلوب والهوية التي ستقع في اهتمامات أيديولوجية ذات طبيعة قومية، كما هو الحال بالنسبة لحركة الحُروفية، حيث تتصالح وتتشابك مفاهيم الحداثة والتقليد"، بحسب بيان المنظمين.  

يسعى العربي الشرقاوي في لوحاته إلى تخليص الحرف من ارتهانه للزخرفة والسياقات الشعرية والبلاغية، بحيث يكون أكثر قدرةً على التعبير عن ذاته

ويرى الناقد المغربي عبد الرحمن بنحمزة في تقديمه للمعرض، أن حروف الشرقاوي: "رصينة، تلميحية، خاضعة للمحو أحيانًا، ونادرًا ما يتم الاستشهاد بها، كما لا تزال حروفية غير زخرفية. بينما الرغبة في التعرف على المواد المكتوبة عنده تبقى ممكنة من خلال المنعطف الأبجدي، بحيث تُنتج بعض الكلمات القابلة للقراءة حتى محاكاة للمعنى".

اقرأ/ي أيضًا: "موصل الفن والحياة".. إعادة بناء تراث المدينة وذاكرتها

ويضيف: "في بعض الأحيان، يصبح الحرف علامة صافية لمظهر أثر مليء بالألغاز، يقوم الفنان بمركزتها في كتلة حبر سوداء ودائرية، محاطة بركام برتقالي من الخطوط الجنينية المختلطة، مثل قصاصات القماش. ينتقل الشرقاوي من القِرائية الأوتوماتيكية للشبكية والحرفية إلى "حروفية رمزية"، لاسترجاع مصطلح لعبد الكبير الخطيبي".

 

اقرأ/ي أيضًا:

معرض "مبدعون خالدون".. ذاكرة الحركة التشكيلية المصرية وتحولاتها

معرض "صندوق الفرجة".. حفريات في الذاكرة العربية