12-ديسمبر-2018

يرجح أن يكون عادل عبد المهدي رجل إيران المقرب خلال الفترة القادمة (تويتر)

ألترا صوت ـ فريق التحرير

في آب/ أغسطس الماضي، أعلن رئيس الوزراء العراقي السابق، حيدر العبادي، أن العراق سيلتزم بالعقوبات الأمريكية على إيران، لأنه سيخسر بخلاف ذلك، معتبرًا أن عدم الالتزام بتلك العقوبات لن يقدم شيئًا لإيران، لافتًا إلى أن "عدم الالتزام سيؤذي شعبنا وبلادنا وهذا أمر غير مقبول". لم تبق تهمة تتعلق بالخيانة لم يصف بها خصوم العبادي غريمهم، أما الإعلام الإيراني فكان يصفه بأنه "ناكر الجميل".

 إيران هي الخط الأحمر التي لا يقول لها السياسي العراقي لا، مسؤولًا في أروقة التنفيذ كان أم التشريع

بعد أن فشلت مساعيه في الحصول على ولاية ثانية، وجاء بديله لرئاسة الوزراء، عادل عبد المهدي، ظهر العبادي في 10 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، متهمًا إيران بأنها هي من أبعدته عن فرصة الاستمرار في رئاسة الحكومة، قائلًا في حديث لقناة محلية، إن "إيران ساهمت في إبعادي عن رئاسة الحكومة لولاية ثانية"، مضيفًا أن صراع الإرادات في العراق وداخل إيران خلق جوًا أدى إلى ابعاده من السلطة، لافتًا إلى أن "الصراع الداخلي في إيران انعكس علينا أيضًا".

اقرأ/ي أيضًا: "حرب" توزير فالح الفياض.. إيران تبيح كل الوسائل لأذرعها العراقية

جاءت هذه التصريحات في حين رجحت آراء أن إبعاد العبادي من الولاية الثانية، كان بسبب موقفه من العقوبات الأمريكية على إيران فعلًا، حيث لم تظهر القوى السياسية المقربة من طهران بهذه العدائية ضده قبل موقفه من العقوبات، خاصة بعد أن رفضت إيران حتى استقباله حينما كان رئيسًا للوزراء، حين أعلن بدء جولة خارجية في 13 آب/ أغسطس الماضي، بدأت بأنقرة وكان من المفترض أن تصل إلى طهران، لكن المتحدث باسمه، أكد بعد يومين من الإعلان، بأنه "سيكتفي بالعامصة التركية أنقرة".

 إيران هي الخط الأحمر التي لا يقول لها السياسي العراقي لا، مسؤولًا في أروقة التنفيذ كان أم التشريع، لأنها الكلمة الفصل بين البقاء في المنصب أو الجلوس في الهامش، بغض النظر عن مسار المصلحة العراقية إقليميًا ودوليًا، وهو ما لا ينفك يشير إليه مسؤولون عراقيون مناهضون لإيران وفي مناسبات مختلفة.

بعد الضربة التي تلقاها حيدر العبادي في تنحيته عن منصب رئاسة الوزراء بالرغم من حظوظه العالية قبل أن يعلن موقفه من العقوبات الأمريكية على إيران، يبدو أن عادل عبد المهدي أدرك مأزق من سبقه، حيث ظهر في 11 كانون الأول/سبتمبر الجاري، مشددًا على أن "العراق ليس جزءًا من العقوبات الأمريكية المفروضة على طهران"، مشيرًا إلى أن "وفدًا عراقيًا سيذهب قريبًا إلى واشنطن لمناقشة وحل موضوع هذه العقوبات"، لافتًا في الوقت نفسه إلى أن عددًا من الوزراء جاءوا بـ"اتفاقات سياسية".

 بالرغم من قول عبد المهدي إن بعض الوزراء تولوا المناصب بـ"اتفاقات سياسية"، تستغرب بعض المصادر السياسية المطلعة من تمسكه بهم، إذ يشير مصدر برلماني أنه "من الغريب أن يقول عبد المهدي إن بعض الوزراء جاءوا باتفاقات سياسية، بينما هو من يصر على فالح الفياض، مرشح إيران والعقبة الأكبر أمام تشكيل الحكومة"، وهذا ما أكد عليه زعيم ائتلاف الفتح، هادي العامري، قائلًا بدوره إن الفياض هو "مرشح رئيس الوزراء عادل عبد المهدي ل‍وزارة الداخلية".

وحتى الآن، فإن الجلسات البرلمانية التي وضعت في جدول أعمالها التصويت على الحكومة، فشلت برمتها لأن بعض الكتل السياسية ومعهم عبد المهدي يقدمون فالح الفياض مرشحًا نهائيًا لوزارة الداخلية، وهو الذي واجهه زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر ومعه تحالف سائرون، بشعار "قرارنا عراقي"، مشددين على أن يكون القرار داخليًا في اختيار الوزراء، وبالأخص وزيري الداخلية والدفاع، في إشارة إلى أن ترشيحهما يجري بإرادة خارجية وليست عراقية.

اقرأ/ي أيضًا: ماذا سيقدم عادل عبد المهدي لـ"نكبة" البصرة؟

وبين إصرار عبد المهدي على الفياض وإعلانه رفض الالتزام بالعقوبات الأمريكية، تثار الشكوك من جديد في الأوساط العراقية حول علاقته بإيران وأبعادها، وهل سيكون الرجل المقرب من طهران في المرحلة المقبلة. إذ إن نجاح الأخيرة في تنصيب وزير للداخلية، سيضع يدها على السلطتين، التشريعية والتنفيذية، وهو ما سيضع العراق في خطر أمام الإرادة الأمريكية التي تعمل على تقويض النفوذ الإيراني في مرحلتها الجديدة بإدارة الرئيس دونالد ترامب.

بين إصرار عبد المهدي على الفياض وإعلانه رفض الالتزام بالعقوبات الأمريكية، تثار الشكوك من جديد في الأوساط العراقية حول علاقته بإيران وأبعادها

وترجح آراء أن هناك الكثير من المصالح الإيرانية المرتبطة بالعراق، ربما لا يريد عبد المهدي أن يكون طرفًا في اختراقها بوجود كتل سياسية وأحزاب قوية مقربة من إيران، من الممكن أن تستضعفه في سياق صراعها مع الولايات المتحدة في الداخل العراقي، خاصة وأنه لا يملك كتلة تسنده في البرلمان. القوى ذاتها التي أعطت درسًا بإبعاد العبادي عن ولاية ثانية كان يعتقد أن لا منافس أمامه فيها.

على أية حال، تنتظر الأوساط السياسية في العراق، جلسة البرلمان المقبلة في 17 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، ومن المتوقع أن يتم التصويت فيها على ثماني وزارات متبقية، فيما تشير مصادر إلى أن الكتل السياسية المقربة من إيران ستلملم جميع أطرافها بما فيها المحور الوطني خلال الأسبوع المقبل لغرض إكمال الكابينة الوزارية وتمرير فالح الفياض، فيما يرى قانونيون أنه في حال فشل الجلسة المقبلة بتمرير مرشحي الوزارات سيحتم على عبد المهدي استبدال أسماء المرشحين الذين أخروا تشكيل الحكومة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

ردود فعل إيران بعد العقوبات الأمريكية.. هل ستدفع العراق الثمن؟

هل ستشكل الإطاحة بفالح الفياض بداية الحرب بين إيران وأمريكا في العراق؟