16-يناير-2017

أفراد من الجيش العراقي خلال أحد معارك الموصل (يونس كيليس/الأناضول)

بعد أن عاد البرلمان العراقي من عطلته التشريعية، ولا يمرّ يوم في العراق من دون أن تُطرح قضيّة المناصب الوزارية الشاغرة، ولاسيما وزارتي الدفاع والداخلية، اللتين يمدّ من فترات شغورهما الأحزاب السياسية العراقية التي تتمسّك بها كحصّة في المحاصصة الطائفية التي توزّع على أساسها المناصب في الحكومة العراقية.

ورغم الوضع الأمني المرتبك، ورغم الحرب التي يخوضها ضدّ تنظيم "داعش"، ما زال العراق منذ أواسط عام 2016 بلا وزير دفاع أو داخلية

ورغم الوضع الأمني المرتبك، ورغم الحرب التي يخوضها ضدّ تنظيم "داعش" شمالي وغربي البلاد، ما زال العراق منذ أواسط عام 2016 بلا وزير دفاع أو داخلية، إذ يدير هذين المنصبين وكلاء مقربين من الأحزاب الكبيرة التي تسيطر على مقاليد الحكم في البلاد.

اقرأ/ي أيضًا: معركة الموصل.. أنباء تقدم الجيش وغياب موعد التحرير

وقد أدى الانفجار الذي ضرب منطقة الكرادة وسط العاصمة بغداد في تموز/يوليو العام الماضي والذي أوقع نحو 500 عراقي بين قتيل وجريح بمحمّد الغبّان، القيادي في كتلة "بدر" النيابية، إلى الاستقالة من منصب وزير الداخلية، وأشار الغبان إلى أن تضارب الصلاحيات في السلك الأمني دفعه إلى تقديم استقالته.

بالمقابل، أدّت الصراعات السياسية إلى إقالة وزير الدفاع خالد العبيدي في آب/أغسطس عام 2016، خاصّة بعد أن كشف الأخير عددًا من ملفّات الفساد التي ابتزه فيها نواب، وعلى رأسهم رئيس البرلمان سليم الجبوري، فضلًا عن رجال أعمال ومسؤولين من داخل كتلته السياسية وخارجها.

ومنذ هذين الحدثين اللذين أديا إلى فراغ وزاري، لم يستطع رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي من إيجاد بديل ليحلّ محل الوزيرين، إذ تتمسّك كتلة "بدر" الشيعية بمنصب وزير الداخلية، فيما يتمسّك تحالف القوى السني بمنصب وزير الدفاع، في الوقت الذي يحاول العبادي تمرير وزراء مستقلين من خارج المنظومة السياسية.

لكن يبدو أن العبادي رضخ في آخر الأمر إلى مطالب الكتل السياسية، وعاد إلى توزيع المناصب وفق آلية المحاصصة الطائفية المعتمدة في البلاد منذ غزوه من قبل الجيش الأمريكي في نيسان/أبريل عام 2003.

ومساء السبت الماضي، اجتمع العبادي مع أعضاء لجنة الأمن والدفاع البرلمانية ليناقش معهم الواقع الأمني في البلاد وسير العمليات العسكرية، والخطط المستحدثة في حماية أمن العاصمة، إلا أنه أيضًا "استأنس" برأيهم بشأن الأسماء المطروحة لمنصبي الدفاع والداخلية.

اقرأ/ي أيضًا: العراق بلا وزراء للداخلية أو الدفاع

وقال عبد العزيز حسن، عضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية، أن العبادي "استشارنا بأسماء مرشحين عن كتلة بدر وهم قاسم الأعرجي وعبد الكريم الأنصاري لمنصب الداخلية، في حين جاءت الأسماء المرشحة لمنصب وزارة الدفاع فهم هاشم الدراجي وفلاح النقيب والنائب حامد المطلك".

ووفقًا للنائب حسن، فإن موقف أعضاء لجنة الأمن والدفاع البرلمانية رافض لتوزيع المناصب الوزارية على أساس "المحاصصة السياسية".

الألغام التي تحيط بمنصبي وزير الدفاع والداخلية، قد تدفع العبادي إلى تأجيل عرض المرشحين لهذه المناصب على البرلمان

ويبدو أن هناك حراكًا سياسيًا يدور من أجل سد الشاغر الوزاري في حكومة العبادي، وقالت مصادر لـ"ألترا صوت" إن "التحالف الوطني الشيعي يريد سد الشاغر الوزاري بالأغلبية داخل البرلمان كما حصل مع تمرير قانون الحشد الشعبي"، لافتة إلى أن "العبادي سيسعى إلى إرضاء كتلة بدر بتنصيب قاسم الأعرجي وزيرًا للداخلية فيما سيختار مرشحًا مستقلًا لمنصب وزير الدفاع من المكون السني".

ودعا حسن خلاطي، النائب عن كتلة المواطن المنضوية في التحالف الوطني العبادي إلى أن "يأتي بأسماء المرشحين في الأسبوع الأول من الفصل التشريعي الجديد، واستثمار جاهزية البرلمان لتسلم تلك الأسماء، والأجواء السياسية المهيأة لتمرير ما يرتئيه رئيس الوزراء بعد مناقشة الأسماء المطروحة وفقًا لمعايير المهنية والنزاهة".

ويتردّد داخل الكواليس السياسية العراقيّة أن الإدارة الأمريكية ترفض رفضًا قاطعًا تولّي قاسم الأعرجي لمنصب وزير الداخلية كونه مقرّبًا من إيران، وقياديًا في ميليشيا بدر.

ويخشى الوسط الإعلامي من وصول الأعرجي إلى وزرارة الداخلية كونه متهمًا بوضع عبوة ناسفة أمام صحيفة محليّة في شباط/فبراير عام 2014 إثر نشرها كاريكاتير للمرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، وهو ما يعني أنه سيمعن في القمع المخالفين لسياساته.

ومن شأن إهمال العبادي لتحالف القوى السني أن يؤدي إلى أزمة سياسية، إذ يؤكد التحالف تمسكه بمنصب وزير الدفاع "كاستحقاق انتخابي"، ودعا "القوى" العبادي إلى "احترام التوافقات السياسية التي تشكلت بموجبها الحكومة الحالية".

بيد أن الألغام التي تحيط بهذين المنصبين قد تدفع العبادي إلى الحذر من تأجيج الكتل السياسية ضده في الوقت الذي يسعى إلى مصالحة سياسية واسعة، قد تدفعه إلى تأجيل عرض المرشحين للمناصب الوزارية الشاغرة على البرلمان، وهذا ما ذهب إليه عبد العزيز حسن، عضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية، إذ قال إن "المشهد العام يشير إلى أن العبادي سيؤجل حسم المناصب حتى تحرير الموصل كي لا تُخلق مشكلة (سياسية)".

اقرأ/ي أيضًا: 

وزير الدفاع العراقي يتهم النواب بابتزازه

هل ينجح داعش في استنزاف قوات التحالف في الموصل؟