تواصل التصعيد العسكري بين إيران وإسرائيل لليوم التاسع على التوالي، وسط غياب مؤشرات على تهدئة وشيكة، واستمرار تبادل الضربات الجوية والصاروخية بين الطرفين.
الحرس الثوري يوسّع دائرة الاستهداف
أعلن الحرس الثوري الإيراني أنه نفذ الموجة الثامنة عشرة من عملية "الوعد الصادق 3"، مشيرًا إلى استهداف مطار بن غوريون باستخدام طائرات مسيّرة من طراز شاهد 136 وصواريخ دقيقة التوجيه. وذكر بيان الحرس أن الضربات استهدفت "مراكز عسكرية ومواقع دعم عملياتي في قلب فلسطين المحتلة".
مشاهد دمار غير مسبوقة
وفي المقابل، أكدت وسائل إعلام إسرائيلية وقوع أضرار كبيرة جراء الهجمات الإيرانية، إذ تحدثت صحيفة "يديعوت أحرونوت" عن "مشاهد دمار تشبه ساحة حرب" في بعض أحياء تل أبيب، فيما قال أحد الضباط الإسرائيليين: إنه لم يشهد دمارًا مماثلًا لما رأى في شوارع تل أبيب منذ مشاركته في الحرب على غزة، واصفًا آثار القصف الإيراني الأخير بـ"الجنوني".
أعلن الحرس الثوري الإيراني أنه نفذ الموجة الثامنة عشرة من عملية "الوعد الصادق 3"
وأضاف الضابط: "شعرت في رامات غان بعد تعرضها لصاروخ، كأنني في خانيونس أو بيت حانون، وبعض المواقع التي سقطت فيها الصواريخ الإيرانية تشبه ساحات الحرب بكل ما تعنيه الكلمة".
كما أفيد عن سقوط مسيّرة إيرانية في الجولان دون وقوع إصابات، وانفجارات في مدينة حيفا لم تُفعل فيها صفارات الإنذار.
أيام صعبة
حذر مسؤول أميركي من أن تل أبيب "تخاطر باستنفاد مخزونها من صواريخ آرو-3 إذا استمر القصف الإيراني بهذه الوتيرة".
وفي هذا الإطار، توقع رئيس الأركان الإسرائيلي إيال زامير "أيامًا صعبة"، مؤكدًا استعداد الجيش لمواجهة طويلة، في حين أبدت مصادر أمنية إسرائيلية تخوفها من التورط في حرب استنزاف مع إيران، في ظل غياب أفق سياسي أو مسار دبلوماسي واضح.
إسرائيل تعلن اغتيال قائد كبير في الحرس الثوري
أعلن وزير الأمن الإسرائيلي يسرائيل كاتس، صباح اليوم، اغتيال قائد "فيلق فلسطين" في قوة القدس التابعة للحرس الثوري الإيراني، سعيد إيزادي.
وأوضح كاتس أن إيزادي كان "أعلى مسؤول في الحرس الثوري على صلة مباشرة بحركتي حماس والجهاد الإسلامي في غزة"، وكان "يموّل ويسلح الفصيلين لتنفيذ هجوم 7 أكتوبر".
وبحسب كاتس، فقد تم اغتيال إيزادي ليلًا داخل شقة سكنية في مدينة قم الإيرانية، في عملية اغتيال دقيقة اعتبرتها إسرائيل "نجاحًا استخباراتيًا وعسكريًا"، في إطار ردّها على التصعيد الإيراني المستمر.
من جهته، نعى الدفاع الجوي الإيراني 15 شهيدًا من الذين ارتقوا خلال العدوان الإسرائيلي المتواصل على إيران.
وفي تطور أمني داخلي، أعلنت وكالة "مهر" الإيرانية توقيف 22 شخصًا في مدينة قم قالت إنهم على صلة بأجهزة استخبارات إسرائيلية.
غارات ليلية
كما أعلن الجيش تنفيذ موجة غارات ليلية على مواقع في وسط إيران يُعتقد أنها تستخدم لتخزين وإطلاق الصواريخ، مؤكّدًا اغتيال قائد الوحدة الثانية للطائرات المسيّرة في الحرس الثوري.
وبينما أفادت وسائل إعلام إيرانية بوقوع انفجارات في شمال شرقي طهران، قالت وكالة "فارس" إن موقع "أصفهان النووي" كان أحد الأهداف التي تعرضت للهجوم، مؤكدة أن الدفاعات الجوية الإيرانية ردت على القصف، دون تسجيل أي تسرب لمواد خطرة. كما أفادت بوقوع قتيل وجرحىفي قصف استهدف مبنى سكنيًا في مدينة قم جنوب العاصمة.
الدعم الأميركي: بين الالتزام والتردد
في السياق ذاته، أشارت "يديعوت أحرونوت" إلى أن الولايات المتحدة تساعد إسرائيل في الدفاع الجوي بشكل كامل، لكن مصادر حكومية عبّرت عن شكوكها في كفاية هذا الدعم. وتناول الإعلام الإسرائيلي بشيء من القلق فشل المنظومات الدفاعية، وخصوصًا منظومة آرو-3، في التصدي لبعض الصواريخ الإيرانية.
كما برزت تساؤلات في الداخل الإسرائيلي حول إمكانية دخول واشنطن الحرب، وسط استمرار تردد الرئيس الأميركي دونالد ترامب في حسم موقفه، مكتفيًا بالقول إنه بحاجة إلى "أسبوعين كحد أقصى" لاتخاذ القرار المناسب.
جولة تفاوضية أوروبية وسط القصف
على الجانب الآخر، أنهت إيران ودول الترويكا الأوروبية (فرنسا، ألمانيا، بريطانيا) جولة مشحونة من المحادثات في جنيف، بمشاركة مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي. وأكد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي خلال الاجتماعات استعداد بلاده لمواصلة المسارات الدبلوماسية، لكنه شدد على رفض طهران أي تفاوض يشمل قدراتها العسكرية أو الدفاعية، معتبرًا أن المحادثات يجب أن تبقى محصورة في الملف النووي فقط.