قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن احتمالات اندلاع صراع عالمي تتزايد على خلفية الحرب بين إسرائيل وإيران، وتهديدات الولايات المتحدة المتكررة بالمشاركة المباشرة في العدوان على طهران. وأعرب بوتين، خلال كلمة ألقاها أمس الجمعة في منتدى سانت بطرسبرغ الاقتصادي، عن خشيته من اندلاع حرب عالمية جديدة.
وجاءت تصريحات بوتين في وقتٍ فشل فيه اجتماع الترويكا الأوروبية مع إيران، الذي انعقد أمس في جنيف، في التوصل إلى توافق بشأن الملف النووي الإيراني، تزامنًا مع تشديد الرئيس الأميركي على أن أمام طهران مهلة لا تتجاوز أسبوعين لإبداء استعدادها لتفكيك برنامجها النووي، ملوّحًا بأن واشنطن ستتولى "القضاء عليه عسكريًا" في حال عدم استجابة طهران.
وأشار بوتين إلى أن موسكو قدّمت مقترحات لتسوية النزاع، مؤكدًا في الوقت نفسه أن روسيا لا تسعى إلى لعب دور الوسيط بين إيران وخصومها، لكنه حذّر من العواقب الكارثية لأي هجوم يستهدف المنشآت النووية الإيرانية، في إشارة إلى مفاعلين نوويين جديدين تبنيهُما روسيا حاليًا في إيران.
حذّرت روسيا واشنطن من التدخل عسكريًا ضد إيران
احتمالات نشوب صراع عالمي
طرح الصحفيون الذين حضروا منتدى سانت بطرسبورغ الاقتصادي سؤالًا على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حول ما إذا كان يشعر بأن العالم يتجه بسرعة نحو سيناريو حرب عالمية ثالثة، فأجاب قائلًا: "إنه أمر مقلق. أتحدث دون أي سخرية أو مزاح. بالطبع، هناك احتمالات كبيرة لهذا الصراع، وهي آخذة في التزايد، وهي أمام أعيننا مباشرة، وتؤثر علينا تأثيرًا مباشرًا".
وأضاف بوتين: "هذا بطبيعة الحال يتطلب ليس فقط اهتمامنا الدقيق بالأحداث الجارية، وإنما أيضًا البحث عن حلول... ويفضل أن يكون ذلك بالوسائل السلمية، في جميع الاتجاهات".
وفي السياق ذاته، كشف بوتين عن أن موسكو طرحت أفكارًا للتسوية، موضحًا: "لا نسعى مطلقًا للتوسط، نحن نقترح أفكارًا فقط، وإذا كانت هذه الأفكار جذابة للبلدين، فسنكون سعداء". وأكد في هذا الصدد أن لدى موسكو "اتصالات بهذا الشأن مع إسرائيل ومع أصدقائنا الإيرانيين"، وفق تعبيره.
يُذكر أن شبكة "سكاي نيوز" نقلت عن مصادر مطلعة أن بوتين أبلغ الجانب الإسرائيلي بأنه "لا يوجد دليل على أن إيران تسعى لامتلاك أسلحة نووية".
وكانت وزارة الخارجية الروسية قد حذرت الولايات المتحدة، قبل ذلك بيوم، من مغبة التدخل العسكري ضدّ إيران، حيث قالت المتحدثة باسمها ماريا زاخاروفا: "نود أن نحذّر واشنطن خصوصًا من التدخل عسكريًا في الوضع، إذ سيكون خطوة خطرة للغاية ذات عواقب سلبية لا يمكن توقعها".
ورغم العلاقات الوثيقة بين روسيا وإيران، فقد شدد بوتين على أن طهران "لم تطلب دعمًا عسكريًا من موسكو" حتى الآن، منذ بدء الهجوم الإسرائيلي عليها في 13 حزيران/يونيو الجاري.
وفي إطار التحركات الدبلوماسية الروسية، أعلن الكرملين أمس الخميس أن بوتين أجرى مكالمة هاتفية مع نظيره الصيني شي جين بينغ دامت نحو ساعة، أدان خلالها الرئيسان، وفق بيان الكرملين، الهجوم الإسرائيلي على إيران.
إخفاق الترويكا الأوروبية وتشديد ترامب على مهلة الأسبوعين
لم تُسفر محادثات الترويكا الأوروبية، التي تمثلت في وزراء خارجية بريطانيا وفرنسا وألمانيا، مع إيران في جنيف أمس الجمعة، عن أي نتائج ملموسة تتعلق ببرنامج طهران النووي. ومع ذلك، أصدرت الأطراف بيانًا مشتركًا أكدت فيه أهمية مواصلة المسار الدبلوماسي، ورفض اللجوء إلى الخيار العسكري.
وفي هذا السياق، قال وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول: "النتيجة الإيجابية اليوم هي أننا نغادر القاعة بانطباع أن الجانب الإيراني مستعد لمواصلة مناقشة جميع المسائل المهمة"، مؤكدًا على "الأهمية الكبيرة لمشاركة الولايات المتحدة في هذه المفاوضات وفي إيجاد حل شامل".
من جهته، أوضح وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو موقف الترويكا بقوله: "نعتقد أنه لا يوجد حل نهائي بالوسائل العسكرية لقضية النووي الإيراني. العمليات العسكرية قد تؤخر البرنامج، لكنها لا تستطيع القضاء عليه".
كما حذّر وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي من "تصعيد إقليمي خطير"، معتبرًا أننا "أمام لحظة حرجة"، فيما قالت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس إن "التصعيد الإقليمي الراهن لا يخدم أحدًا".
من جانبه، أكد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، عقب الاجتماع، أن بلاده على استعداد للعودة إلى المسار الدبلوماسي "ما إن يتوقف العدوان"، معلنًا تأييد طهران لمواصلة المباحثات مع الترويكا الأوروبية والاتحاد الأوروبي.
