15-يونيو-2019

تلقت دول حصار قطر هزيمة جديدة في لاهاي (Getty)

هزيمة جديد تلقتها الإمارات من القضاء الدولي في "لاهاي"، بعد أن رفضت محكمة العدل الدولية أمس الجمعة، طلبًا تقدمت به أبوظبي، لإجبار قطر على سحب شكواها التي رفعتها أمام لجنة مكافحة التمييز العنصري في جنيف، حيث رفضت المحكمة الدولية أمس طلب التدابير الوقتية الذي قدمته إحدى دول الحصار الأربعة، وادعت فيه أن الدوحة تُصعد الخلاف قبل أن تفصل المحكمة في القضية.

لم يكن الحكم الجديد ضد الإمارات الانتصار الأول للدوحة في صراعها القانوني ضد أبوظبي، فمنذ بداية الحصار الرباعي على قطر تتصاعد الهزائم القانونية لدول الحصار

بينما تعاملت الإمارات وإعلامها مع الهزيمة بشكل أثار سخرية الناشطين، بعد أن اختصرت الوكالة الرسمية الإماراتية (وام) تفسير الحكم وفقًا لبيان صادر عنها بأن المحكمة "تفهمت الموضوع الذي تم النظر فيه"، دون أي حديث عن نص الحكم أو معناه.

اقرأ/ي أيضًا: الطريق إلى لاهاي.. انتهاكات الإمارات أمام استحقاق حصار قطر

القرار الذي صدر بأغلبية 95 في المئة من أعضاء المحكمة بعد جلسات استماع سابقة، لم يكن الهزيمة الأولى للإمارات على المستوى القانوني، وخاصة داخل المحكمة الدولية، التي قضت قبل نحو عام، بضرورة حماية الإمارات لحقوق القطريين المقيمين على أراضيها وضرورة عودة الطلاب المفصولين ولم شمل الأسر القطرية، وتضاف تلك الهزائم القانونية لأخرى سياسية واقتصادية ورياضية.

وكانت الإمارات قد اتخذت إجراءات عقابية أدت إلى فصل أفراد بعض الأسر القطرية والإماراتية المشتركة عقب قرار محاصرة الدوحة في حزيران/يونيو 2017، لاتهام الدوحة بـ"تمويل الإرهاب" ودعم إيران، وهي اتهامات انكشفت الستار عن زيفها تباعًا، ونفتها الدوحة من اللحظة الأولى، ثم أحالت ملف خلافاتها مع الإمارات لمحكمة العدل الدولية، وهي أبرز هيئة قضائية تابعة للأمم المتحدة، متهمة أبوظبي بانتهاكات تتعلق بحقوق الإنسان بسبب الحصار الذي فرضته مع ثلاث دول أخرى على قطر، واعتبرت ما حدث عقب إعلان الحصار بثًا لأجواء من الرعب بين المواطنين القطريين، الذين يقيمون على أراضي الإمارات.

قرار المحكمة

يأتي قرار المحكمة بخصوص شكوى تقدمت بها الإمارات في آذار/مارس الماضي  لمحكمة العدل الدولية، تطالب فيه بوضع تدابير مؤقتة ضد قطر، لحمايتها مما اسمته حقوقها "الإجرائية"، بعد تقدم قطر بشكوى في آذار/مارس الماضي، إلى لجنة مناهضة التمييز العنصري ضد الإمارات، وبعد سلسلة من جلسات الاستماع عقدتها محكمة العدل الدولية خلال 7 و8 و9 نيسان/مايو الماضي، لبحث الطلب الإماراتي، سعت خلالها الإمارات للحصول على قرار يقضي بفرض إجراءات مؤقتة على دولة قطر، مستندة في ذلك، إلى الادعاء بأن السلطات القطرية عملت على تأجيج النزاع.

واتهمت أبوظبي في طلبها الدوحة بالعمل على تصعيد وتفاقم النزاع من خلال عدة أمور أوردتها أبوظبي، من بينها تحريك قطر شكوى رسمية ضده الإمارات أمام لجنة مكافحة جميع أشكال التمييز العنصري في جنيف، وكذلك نشر أخبار مضللة عن الامارات، وفقًا للشكوى، في وسائل الإعلام القطرية، كما اتهمت الإمارات قطر بأنها دولة ترعى الإرهاب وليس لأمر المقاطعة علاقة بالتمييز العنصري.

وعجزت الإمارات عن تقديم إفادات جوهرية تمكن المحكمة من إصدار حكم يرضيها، في الوقت الذي قدمت فيه قطر خلال جلسات الاستماع إثباتات للتدليل على أن التدابير المؤقتة التي طلبتها دولة الإمارات تدابير متناقضة وغير منطقية، كما أنها تفتقر للتسبيب القانوني السليم، وفقًا لمندوب قطر في محكمة العدل الدولية الدكتور محمد بن عبد العزيز الخليفي، الذي رحب بحكم المحكمة, مضيفًا خلال مداخلة مع الجزيرة أن "الحكم أكد على عدم أحقية الإمارات بطلب اتخاذ تدابير وقتية ضد الدوحة، بسبب انعدام الأسس القانونية لإقرار هذه التدابير القضائية"، مؤكدًا على استمرار قطر في المطالبة بحقوق القطريين المتضررين أمام هذه المحكمة وغيرها من المنظمات الدولية المتخصصة، مشيرُا إلى أن للقضية عدد من المراحل القادمة، من بينها التعويضات التي ستقدم فيها قطر دفوعها قريبًا، وتوقع أن تبت المحكمة في قضية التعويضات بداية العام المقبل.

وبين الادعاءات الإماراتية والقطرية كان قرار المحكمة الذي جاء في النهاية على عكس الرغبة الإماراتية، وأعلن كبير قضاة المحكمة عبد القوي أحمد يوسف قرار المحكمة وقال إنها "أصدرت قرارًا برفض طلب دولة الإمارات بشأن اتخاذ تدابير مؤقتة ضد دولة قطر في القضية المتعلقة بالإجراءات التمييزية التي قامت بها حكومة الإمارات العربية المتحدة ضد المواطنين القطريين"، وصدر الحكم بأغلبية 15 عضوًا من أصل 16.

خيبات الإمارات

لم يكن الحكم الجديد ضد الإمارات الانتصار الأول للدوحة في صراعها القانوني ضد أبوظبي، فمنذ بداية الحصار الرباعي على قطر تتصاعد المواجهات القانونية بين الدوحة ودول الحصار، وتعد أبرزها معركة محكمة العدل الدولية التي استطاعت فيها قطر تحقيق انتصارين، كان الأخير يوم الجمعة، وفي الوقت الذي حصلت فيه على الانتصار الأول في تموز/يوليو العام الماضي، حين أمرت محكمة العدل الدولية، دولة الإمارات بضرورة حماية حقوق مواطني دولة قطر، وقضت المحكمة بالسماح للأسر القطرية بلم الشمل، قبل أن تنظر المحكمة في القضية بالكاملز  وقال رئيس المحكمة، القاضي عبد القوي أحمد يوسف في حزيران/يونيو 2018 إن "الطلاب القطريين الذين طالتهم الإجراءات الإماراتية يجب تمكينهم من إنهاء دراساتهم في الإمارات أو الحصول على ملف جامعي إذا أرادوا مواصلتها في بلد آخر".

حاولت الإمارات خلال شهور ما بعد الحصار تحدي الدوحة في الجانب القانوني وتقدمت في كانون الثاني/يناير 2018 بشكوى ضد قطر في كل من الأمم المتحدة ومجلس الأمن والجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي "لاعتراض مقاتلاتها طائرتين مدنيتين لها"، وهو ما سبق أن نفته الدوحة،  كما تقدمت السلطات الإماراتية بشكوى وصفها البعض بـ"المضحكة"، لمنظمة التجارة العالمية في كانون الثاني/يناير 2019، قالت فيها إن الدوحة تحظر المنتجات الإماراتية في الأسواق القطرية، رغمًا عن  الحصار الذي تضربه بمصاحبة السعودية والبحرين ومصر، ومنعها دخول المواطنين وهبوط الطائرات القطرية في المطارات الإماراتية، وفي المقابل نفت قطر الأمر، أيضًا، ولم تتلق أبوظبي أي رد من المنظمات تلك.

اقرأ/ي أيضًا: عامان على حصار قطر.. هكذا بدأت القصة وإلى هذا انتهت

الشكاوي متعددة والخسائر كثيرة، كان من أبرزها ما جاء عقب هزيمتها في كأس آسيا لكرة القدم، حيث تحدثت سكاي نيوز الإماراتية عن شكوى تقدم بها الاتحاد الإماراتي لكرة القدم إلى الاتحاد الآسيوي بشأن مدى أهلية بعض لاعبي منتخب قطر للمشاركة في بطولة كأس أمم آسيا، ورفض الاتحاد الآسيوي الشكوى وانتصرت قطر من جديد، بعد صدور قرار من الاتحاد نفسه بتغريم الاتحاد الإماراتي  150 ألف دولار ولعب مباراة بدون جمهور بسبب المخالفات التي ارتكبتها الجماهير الإماراتية ضد المنتخب القطري، خلال مباراة نصف نهائي كأس آسيا التي انتهت بأربعة أهداف دون رد للمنتخب القطري الذي استطاع الفوز بالكأس على الأرض الإماراتية.

عجزت الإمارات عن تقديم إفادات جوهرية تمكن المحكمة من إصدار حكم يرضيها، في الوقت الذي قدمت فيه قطر خلال جلسات الاستماع إثباتات للتدليل على أن التدابير المؤقتة التي طلبتها دولة الإمارات تدابير متناقضة وغير منطقية

تدفع الانتصارات القطرية المتعددة في المنظمات الدولية دول الحصار لتقديم مبررات غير منطقية وللتغطية على هزائمها المتتالية، حد محاولة الإمارات تبرير حكم محكمة العدل الدولية الصادر أمس باعتباره انتصارًا، وجاء في بيان صادر عن الوكالة الرسمية الإماراتية (وام) خبر حول الحكم تركز في جملة رئيسية، وهي "في حكمها اليوم تفهمت المحكمة الموضوع الذي تم النظر فيه"، ولم يرد الحكم في البيان كما لم تنقل المواقع الإخبارية الإماراتية أو القنوات محتوى الحكم، ولا نصه للتغطية عليه.

 

اقرأ/ي أيضًا:

الوزير "المقاتل" محمد بن عبد الرحمن.. من جولة الدفاع إلى تعرية دول الحصار